في لحظة فارقة من تاريخ محافظة درعا، أعلنت قيادة «اللواء الثامن» يوم الأحد 13 نيسان/أبريل 2025، حلّ نفسها وتسليم كامل عتادها العسكري والبشري لوزارة الدفاع السورية الجديدة.. لكن ما حال الفصائل المسلحة في درعا الآن؟ الكثير من التفاصيل عبر هذا التقرير…
الفصائل المسلحة في درعا: منذ بدء الاحتجاجات إلى الآن
بعد مدة من انطلاق الاحتجاجات في آذار/مارس 2011، تحوّلت درعا إلى مركز رئيسي للفصائل المسلحة المناهضة لسلطة الرئيس السوري السابق بشار الأسد. وبرزت تشكيلات مثل «الجيش الحر» و«لواء العمري» و«كتيبة سلطان باشا الأطرش» وغيرها من التشكيلات التي ضمّت ضباطاً منشقين عن الجيش السوري. ثم لاحقاً، تشكّلت «الجبهة الجنوبية» كتحالف واسع للفصائل في الجنوب، بدعم من غرفة العمليات في الأردن.
في عام 2018، وبعد حملة عسكرية واسعة، استعاد حينها الجيش السوري السابق السيطرة على درعا، وتم التوصل حينها إلى تسويات برعاية روسية، أسفرت عن تشكيل «اللواء الثامن» بقيادة أحمد العودة، ضمن الفيلق الخامس المدعوم من موسكو. وضمّ هذا اللواء مقاتلين سابقين من المعارضة، كما تمتع بنفوذ واسع، خاصة في بصرى الشام ومحيطها.
هل ضمّ «اللواء الثامن» جميع الفصائل العسكرية في درعا؟
لم يكن يضم «اللواء» جميع الفصائل العسكرية في درعا. فرغم أنه كان من أبرز التشكيلات العسكرية في الجنوب السوري، إلا أن هناك فصائل أخرى كانت تنشط في درعا، مثل «كتيبة شهداء المقداد» و«الجبهة الجنوبية» سابقة الذكر أو بعض فصائلها، مثل «تجمع أحرار حوران».
لهذا، فإن حل اللواء وتسليم مقدراته لوزارة الدفاع السورية يُعتبر خطوة كبيرة نحو إنهاء الوجود المسلح غير الرسمي في درعا. لكن، لا يعني أن المحافظة أصبحت خالية تماماً من الفصائل العسكرية. فهناك تقارير تشير إلى وجود مجموعات مسلحة صغيرة أو خلايا قد تنشط في بعض المناطق، لكن تأثيرها محدود مقارنةً بما كان عليه الوضع سابقاً.
توترات متصاعدة ودعوات للتظاهر ضدّ اللواء الثامن
خلال الأسبوع الماضي، شهدت المحافظة توترات أمنية متصاعدة، وكانت الروايات التي خرجت من هناك مشوشة وغير متسقة. كانت إحدى هذه الروايات التي تناقلها الإعلام بكثرة، أنّ الخلاف بدأ ما بين «اللواء» وقوى الأمن العام السورية الجديدة، التي تشكلت عقب سقوط سلطة الأسد في ديسمبر 2024. وتفاقمت هذه التوترات إثر حادثة اغتيال القيادي بلال الدروبي، المحسوب على وزارة الدفاع، على يد عناصر من «اللواء» في مدينة بصرى الشام.
وفقاً لهذه الرواية، بدأت الأحداث عندما أوقف حاجز تابع لـ «اللواء الثامن» سيارة كان يستقلها الدروبي، وحدثت مشادة تطورت إلى إطلاق نار، أُصيب على إثرها الدروبي بجروح خطيرة، وتوفي لاحقاً في المستشفى.
أثارت هذه الحادثة غضباً شعبياً واسعاً، حيث خرجت مظاهرات في بصرى الشام تطالب بمحاسبة المتورطين وتسليمهم للعدالة، وبسط سلطة الدولة في المدينة. كما خرجت مظاهرات صغيرة أخرى ضدّ الأمن العام، والتي فسّرها البعض بأنّ لها طابع عشائري يحاول أن يحمي الذين أطلقوا النار على الدروبي.
اقرأ أيضاً: القواعد الأميركية في سوريا.. أين تنتشر؟ وما مصيرها اليوم؟
رداً على ذلك، دخلت قوات الأمن العام إلى بصرى الشام، وتم التوصل إلى اتفاق مع «اللواء الثامن» يقضي بتسليم المتورطين في الحادثة، وتسليم مقرات اللواء، بما في ذلك السجون، لقوى الأمن العام ووزارة الدفاع. كما تم الاتفاق على تثبيت ست نقاط أمنية في المدينة، ريثما تهدأ الأوضاع.
ثمّ وبعد يومٍ واحد من هدوء المشكلة، تمّ الإعلان من قيادة «اللواء» عن حلّ نفسها وتسليم جميع مقدراتها العسكرية والبشرية لوزارة الدفاع السورية، بقيادة اللواء مرهف أبو قصرة. وتم تكليف النقيب محمد القادري بالتنسيق مع الجهات المعنية لتنفيذ عملية التسليم والانتقال، في إطار عملية انتقال منسّقة تشمل الأفراد والعتاد والنقاط العسكرية التابعة للواء.
خطوة جديدة باتجاه وحدة سوريا
ختاماً، لا بدّ من الإشارة إلى حلّ «اللواء الثامن» يعدّ خطوة مهمة نحو توحيد سوريا وتعزيز سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها، ويعكس رغبة محلية في إنهاء الحالة الفصائلية في المحافظة، وهي رغبة يتلاقى فيها أهالي درعا مع السوريين في المحافظات السورية الأخرى، حيث أظهرت الأشهر القليلة الماضية أن مطلب حصر السلاح بيد الدولة مطلب شعبي يريد السوريين تحقيقه، في قناعة منهم بأنه يساهم في تعزيز السلم الأهلي وتهيئة الأجواء لإعادة الإعمار والتنمية.