في مشهدٍ يعيد للأذهان فصول الأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من عقد، اشتعل الساحل السوري مؤخراً بأحداث عنف دامية حصدت أرواح عدد كبير جداً من المدنيين إلى جانب قوى الأمن العام، وكان لهذا الحدث صدى كبير ترك موقفاً عند الكثير من الدول. وفي بيانٍ رسمي له مؤخراً، عبّر الاتحاد الأوروبي عن قلقه من تصاعد وتيرة العنف التي شهدتها منطقة الساحل السوري خلال الأيام الماضية. واستنكر البيان الأوروبي الهجمات ضد قوات الأمن، وأدان الجرائم التي تعرض لها المدنيون.
ولم يكتفِ الاتحاد الأوروبي بالإدانة، بل رحّب بخطوة السلطات الانتقالية تشكيل لجنة تحقيق محلية، مؤكداً ضرورة أن تعمل هذه اللجنة وفق المعايير الدولية لمحاسبة الجناة وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
دعوة للتحقيق الدولي المستقل
ومن أجل ضمان الشفافية والحيادية في التحقيقات، طالب الاتحاد الأوروبي السلطات الانتقالية السورية بالسماح للجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالشأن السوري بدخول المنطقة والقيام بدورها في الكشف عن حقيقة الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين. وأكد الاتحاد أن إجراء تحقيق سريع ونزيه هو خطوة أساسية لمنع تكرار هذه الجرائم في المستقبل.
وبالتوازي، حذر الاتحاد الأوروبي أيضاً من محاولات بعض الجهات الخارجية والداخلية استغلال الأحداث الأخيرة عبر نشر المعلومات المضللة، والتي تهدف إلى إثارة المزيد من العنف وزيادة عدم الاستقرار في سوريا. وشدد على أهمية احترام القانون الإنساني الدولي وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وغير معرقل لجميع السوريين، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو العرقية.
اقرأ أيضاً: «محضر تفاهم» خاص بالسويداء.. وعِقدٌ يحمّل الشرع أمانة الساحل!
دعم الاتفاق الجديد بين الأطراف السورية
هذا ورحب البيان الأوروبي بالاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخراً بين السلطات الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية في العاشر من آذار الحالي، معتبراً أن هذا الاتفاق يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار وإعادة بناء مستقبل آمن للسوريين. وأبدى الاتحاد استعداده التام لدعم تنفيذ هذا الاتفاق، مشجعاً الأطراف السورية على المضي قدماً في تطبيق بنوده.
وأكد الاتحاد الأوروبي في بيانه على ضرورة أن يكون الحوار الوطني، الذي بدأ في نهاية شهر شباط الماضي، حواراً فعّالاً وشاملاً لجميع أطياف المجتمع السوري. وأشار إلى أن تحقيق العدالة الانتقالية الشاملة هو الركيزة الأساسية نحو بناء سلام دائم وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية.
اقرأ أيضاً: ما سرّ الموقف التركي الحذر من اتفاق قسد وسلطة دمشق؟
أصول الأسد
وفي خطوة لافتة، صادق البرلمان الأوروبي الخميس 13 آذار/مارس على مشروع قرار يقضي باستخدام الأصول المالية المجمدة التابعة للنظام السوري في دعم عملية الانتقال السياسي وتمويل جهود إعادة إعمار سوريا، بالإضافة إلى تعويض وتأهيل الضحايا. وشدد البرلمان على ضرورة دعم الإدارة الجديدة في سوريا لإعادة بناء القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والطاقة والمياه.
وأكد البرلمان الأوروبي على أهمية مواصلة دعم دول الجوار السوري التي تستضيف نحو 5.5 ملايين لاجئ سوري، مرحباً بحزمة المساعدات الإنسانية الجديدة التي تقدر بـ 235 مليون يورو.
هذا وختم البرلمان بيانه بالتأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واحترام سيادتها، منوهاً إلى التزام أوروبا بمواصلة دعم انتقال سياسي شامل وسلمي بعيداً عن أي تدخلات أجنبية سلبية، بما يكفل تحقيق العدالة وحماية حقوق جميع السوريين.