في خطوة نحو إعادة بناء الدولة السورية بعد سنوات من الصراع، وقّع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في 13 مارس/آذار 2025، «الإعلان الدستوري» الذي يهدف إلى تنظيم المرحلة الانتقالية الممتدة لخمس سنوات. وما بين مدافع عنه ومنتقد له، كان للشارع السوري ولبعض الجهات السياسية رأي فيه، نحاول في هذا المقال، رصد مختلف الآراء بصرف النظر عن صاحب الرأي إن كان فرداً أو جماعة…
نقاط إيجابية
يتضمن الإعلان الدستوري عدّة نقاط إيجابية من وجهة نظر شريحة من السوريين، وهي من وجهة نظرهم تهدف إلى تحقيق الاستقرار وبناء دولة حديثة، أهم هذه النقاط هي:
– الفصل بين السلطات: يؤكد الإعلان على مبدأ الفصل المطلق بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، مما يعزز من استقلالية كل سلطة ويحول دون تركز الصلاحيات في يد جهة واحدة.
– الحقوق والحريات: يضمن الإعلان حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر والصحافة، بالإضافة إلى صون حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية، مما يعكس التزام الدولة بحقوق الإنسان الأساسية.
– تمكين المرأة: يشدد الإعلان على حقوق المرأة في التعليم والعمل والمشاركة السياسية، مع التأكيد على حمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز.
اقرأ أيضاً: مظلوم عبدي يهنئ الرئيس الشرع.. واتفاق على دمج قسد بالجيش السوري
انتقادات
رغم النقاط الإيجابية، واجه الإعلان الدستوري انتقادات تتعلق ببعض مواده وإجراءات إصداره، ومما قيل في هذا الإطار:
– صلاحيات الرئيس الواسعة: يُمنح الرئيس صلاحيات تنفيذية وتشريعية واسعة، بما في ذلك تعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب، مما يثير مخاوف من إمكانية تركز السلطة وتكرار نماذج الحكم السابقة.
– تجاهل التنوع العرقي والديني: أشار منتقدون إلى أن الإعلان لم يعكس بشكل كافٍ التنوع الموجود في المجتمع السوري، خاصة فيما يتعلق بالمكونات الكردية والدرزية، مما قد يؤدي إلى شعور بعض الفئات بالتهميش.
– مدة المرحلة الانتقالية: تحديد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات دون وجود جدول زمني واضح لصياغة دستور دائم وانتخابات شاملة قد يؤدي إلى حالة من عدم اليقين السياسي.
وأثار الإعلان ردود فعل متباينة من مختلف الأطراف، إذ اعتبر مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) أن الإعلان يعيد إنتاج نظام الحكم المركزي السابق ولا ينسجم مع الاتفاقيات الموقعة مع السلطات الجديدة، محذراً من أن إبراز الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع قد يؤدي إلى فوضى جديدة في البلاد.
ومن جانبه، عبّر الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في سوريا، عن رفضه للإعلان، واصفاً الحكومة الانتقالية بأنها «متطرفة» ومشككاً في شرعيتها.
اقرأ أيضاً: تعرف على أعضاء لجنة صياغة مسودة الإعلان الدستوري
بالمقابل، رأى بعض المؤيدين أن الإعلان خطوة ضرورية نحو الاستقرار، مشيرين إلى أن النصوص الدستورية تعكس الواقع الديموغرافي لسوريا، حيث يشكل العرب والمسلمون النسبة الأكبر من السكان. كما يؤكدون على ضرورة إعطاء الحكومة الجديدة فرصة لإثبات مصداقيتها والعمل على تعزيز الحوار الوطني.
تساؤلات وتأملات
ختاماً، تبقى التساؤلات قائمة حول المساعي المبذولة باتجاه الذهب نحو مؤتمر وطني شامل يشمل كل القوى والفعاليات السياسية في البلاد، وحول كيفية تحقيق توازن حقيقي بين السلطات وضمان مشاركة فعلية لجميع مكونات المجتمع السياسية في العملية السياسية، ويبقى الأمل معقوداً على قدرة الشعب السوري في توحيد صفوفه، وفي تجاوز المحن وبناء وطن يتسع للجميع دون إقصاء أو إبعاد لأحد.