تعيش سورية حالة من التغير المناخي التي تدفع مواطنيها للخوف على أصعدة عدة، فأحوال الطقس اليوم تشير إلى استمرار تأثير المنخفض القطبي حتى يوم غد الثلاثاء، ليبدأ بعدها الارتفاع التدريجي في الحرارة، مع بقاء فرصة لهطول الأمطار والثلوج على ارتفاع 400 متر، كما يتوقع ازدياد الهطولات المطرية خلال شهر آذار، وصيف أكثر حرارة من سابقه.
وقد حذرت مدرية الأرصاد الجوية من تشكل الجليد على الطرقات الداخلية والجبلية على ارتفاع فوق 400 متر مما يسبب انزلاق السيارات الذي قد تؤدي إلى حوادث سير.
التغير المناخي خلال السنوات السابقة
منذ سنوات والتغير المناخي في سوريا يهدد البشر والمزروعات، فيمكن أن نأخذ مثلاً السنة الحالية التي شهدت هجوم الصيف والخريف على الشتاء، مما أدى إلى تأخر هطول الأمطار قياساً بالسنوات السابقة، فقد أشار خبراء الطقس محذرين بأن هناك فرصة وحيدة لإنقاذ المحاصيل الزراعية وعدم المعاناة من شح المياه خلال الصيف القادم، وهذه الفرصة تكمن في هطول الامطار بغزارة خلال شهر شباط، أما الهطولات الغزيرة أو تشكل الصقيع في شهر آذار يعد دمار للمحاصيل الزراعية التي قد تموت براعمها إما بسبب البرد الشديد أو السيول التي تسببها هذه الأمطار.
كما يشير خبراء الأرصاد الجوية أن الحرائق المتكررة التي حصلت على امتداد الساحل السوري أثرت بشكل مباشر في التغير المناخي التي تعيشه سوريا، فهذه الحرائق ساهمت في تقليل مساحة الغطاء النباتي الذي يساهم بدوره في زيادة فرص الهطولات المطرية، وأيضاً أشار المزراعون في الساحل أن عودة الأراضي المحروقة إلى ما كانت عليه سابقاً يحتاج إلى سنوات عديدة حتى يتمكنوا من زراعتها.
وفي تصريح لإحدى الصحف السورية قال بشار عرابي مدير الشؤون الفنية والبحوث في مديرية الأرصاد الجوية أن التغير المناخي وتطرف الطقس تكمن مظاهره في زيادة حدة الجفاف وتكراره، وانحباس الأمطار لفترات طويلة في موسم الأمطار، إضافةً إلى حدوث عواصف مطرية بشدات عالية مما يؤدي إلى فيضانات خاطفة وسيول وانجرافات وأضرار مادية، وكذلك تكرار حدوث العواصف الرملية والغبارية.
كما أكد عرابي أن التغير المناخي والطقس المتطرف يعد من حالات الطوارئ العالمية الذي شمل سوريا التي تعاني من التغير المناخي منذ عشر سنوات، ووفقاً للإحصاءات فقد عانت سوريا من عواصف غبارية غير معتادة بين أعوام (2015 و2022)، وتزايد حدة المرتفعات الجوية التي أدت إلى حرائق كبيرة في الاراضي والمزروعات بين عامي (2020 و2023)، إضافة إلى الشواهق المائية التي تدعى “التنين البحري” الذي دمر الكثير من البيوت البلاستيكية، والفيضانات الكبيرة التي حصلت في سهل عكار عام (2023) التي أدت إلى انجراف التربة وغرق المزروعات، وفترات الجفاف الطويلة نتيجة انخباس الأمطار.
التغير المناخي في العالم
ومن خلال مراجعة الظواهر الطبيعية والتغير المناخي في العالم خلال أعوام طويلة مضت، نجد أن للسلوك البشري يد في كثير منها، فمنذ بدء الثورة الصناعية الأولى في القرن الثامن عشر ولغاية وقتنا الحالي وما تخللها من ثورات صناعية كبرى نجد أن الغابات في حالة تقلص مستمر، والمساحات الكبرى تُستغل إما لبناء مصانع ومنشآت أو لبناء بيوت ومساكن للناس، عدا عن التحطيب الذي يقضي على المساحات الخضراء مقابل الحصول على الحطب للمدافئ، وبحسب الأستاذ بشار العرابي مدير الشؤون الفنية والبحوث في مديرية الأرصاد الجوية ازداد الاحتباس الحراري الذي شغل المحافل الدولية عن السنوات السابقة، وأشار إلى وازدياد نسبة الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، والانبعاثات الملوثة الذي وصلت نسبتها إلى 70% الآن مقارنة بعام 1970.
وتواجه الحكومة السورية الآن تحديات إضافية مع تأخر هطول الأمطار وندرتها مقارنة بالأعوام السابقة، ولا بد من إيجاد حلول كحملات التشجير، ومحاسبة من يقطع الأشجار، وملاحقة الأشخاص الذين يقومون بعمليات التحطيب، وإلا سنواجه في السنوات القادمة مشاكل أكبر.
والجدير بالذكر أن هناك الكثير من البلدان في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى التي تتخذ بالفعل خطوات تهدف إلى تخفيف الآثار المدمرة لتغير المناخ، فعلى سبيل المثال، قام كل من المغرب والأردن وتونس بتحسين ممارسات إدارة المياه، وهو ما يساعد على مواجهة موجات الجفاف المطولة.
وتحضر تلك البلدان نفسها من أجل احتواء بصمتها الكربونية، بدءً من إصلاحات دعم الوقود الأحفوري في الأردن وحتى مشروعات الطاقة الشمسية في الإمارات العربية المتحدة وقطر والسعودية.
اقرأ أيضاً: الدفاع المدني يكشف عن إنجازاته منذ سقوط نظام الأسد