في ظل عودة المناطق الشمالية الشرقية لسورية الواحدة الموحدة، وانقشاع غبار أزمة دامت 14 عاماً كان لا بد من إلقاء نظرة على تلك المنطقة كالحسكة التي يروي تاريخها توالي حضارات عريقة على أرضها.
حضارة الحسكة وتاريخها
سكنت أرض الحسكة والمناطق الشمالية الشرقية العديد من الحضارات التي أنتجت شعوباً إلى الآن حاضرة في المشهد الوطني السوري، كالسومريين والآشوريوين، فتأثرت حضارة تلك المنطقة بمملكة آشور والحضارة البابلية والأكادية، ودخلت الحسكة تحت راية الإسلام عند الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام، وانضوت تحت حكم الأمويين والعباسيين.
في الحكم العثماني ونتيجة الهجرات سكن المنطقة السريان والأرمن والعرب، وكانت للمجازر التي حدثت دور كبير في هجرة الأرمن والآشوريين إلى الحسكة إبان الانتداب الفرنسي، مما أعطى للمنطقة فرصة في الازدهار العمراني نتيجة ازدياد عدد السكان.
وفي عهد الاستقلال كان لها النصيب الأكبر في التنوع العرقي والديني، إذ سكنها الإيزيديون والآشوريون والأكراد والسريان والعرب، ومع هذا التنوع الحضاري كانت مركزاً لتجمع لغات مختلفة تكاد تكون نادرة، كاللغة الكردية والآشورية والسريانية والأرمنية، لذا تدعى الحسكة “سوريا المصغرة”.
الحسكة والأهمية الاقتصادية بالنسبة لسوريا
تمثل المدينة السلة الغذائية المتكاملة لسوريا، فهي منبع أهم المحاصيل الزراعية كالقمح والقطن والعدس، ويروي أراضيها نهر الخابور الذي يشق طريقه عبر المدينة، ولا يمكن أن نغفل عن مصادر النفط وحقوله التي تغطي كافة احتياجات الجمهورية العربية السورية، كحقل الجبسة في منطقة الشدادي في الريف الجنوبي، والذي يمتد حتى منطقة الهول في الريف الشرقي، والجدير بالذكر أن مناطق الشمال الشرقي لسوريا تتركز فيها معظم حقول النفط، كحقول رميلان في ريف مدينة القامشلي التي تضم نحو 1322 بئراً، بالإضافة إلى حقول الغاز التي تمد سوريا بكافة حاجتها والتي يصل عددها إلى نحو 25 بئراً من الغاز في حقول السويدية بالقرب من رميلان، والجدير بالذكر أن حقل السويدية من أكبر الحقول في سورية.
اقرأ أيضاً: ماذا يعني اتفاق سلطة دمشق وقسد؟
المعالم السياحية في الحسكة
بسبب تعاقب الحضارات على أرض الحسكة باتت موطن للعديد من المواقع التراثية السياحية المتنوعة، ومن أهم هذه المواقع قلعة الحسكة التاريخية التي تعود إلى القرن الأول الميلادي، وتوفر القلعة إطلالة متكاملة على المدينة.
كما تعد كنيسة سرجيوس من أهم المعالم السياحية التي تستقطب الكثير من السياح المسيحيين، إذ يعود تاريخها إلى القرن السادس الميلادي، وتشتهر بلوحاتها الجدارية وهندستها المعمارية المميزة، وللمسلمين مواقع أثرية حضارية كجامع الحسكة الكبير الذي يعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي.
ويحوي المتحف الوطني مجموعة كبيرة من القطع الأثرية التي تحكي حضارة عمرها آلاف السنين، كما توفر حديقة العزيزية مساحة خضراء كبيرة.
مناطق سياحية يمكن أن تتحول إلى منتجعات
وللحسكة مناظر طبيعية خلابة تستطيع أن تعمل عليها الدولة السورية لتحويلها إلى منتزهات ومنتجعات سياحية فاخرة، كمنطقة القحطانية التي تعد منطقة من أهم المناطق الطبيعية في المحافظة، كما تشتهر بجمال طبيعتها الخلابة ومزارعها الزراعية والشلالات المائية، ومدينة تل تمر التي تعد مهد الحضارة السريانية وتحتوي على العديد من المواقع الأثرية والأديرة القديمة والقلاع مثل قلعة تل تمر ودير مار يعقوب القديم، في حين يمكن أن تتحول مدينة اليعربية في جنوب الحسكة إلى مكان لصناعة الخزف التقليدي.
اقرأ أيضاً: جواهر الطبيعة الثمينة المحميات الطبيعية في سوريا