تحفل سوريا بمزيج من التنوع الثقافي والجغرافي الذي ينعكس بوضوح في مطبخها الغني، والذي يقدم في كثير من الأوقات نفس الطبق ولكنه يتحلى بنكهة المدينة، وهو ما ينطبق على أكلة الكباب السوري التي تختلف طريقة تحضيرها بحسب المدينة، إذ تندمج في الطبق المكونات المحلية مع التقاليد الموروثة، لتخرج تحفة شهية تعكس وجه المدينة التي تصنعها.
الكباب السوري في حلب
تعتبر مدينة حلب السورية مدينة النكهات والطعام اللذيذ، فربما يكون وقوع المدينة القديمة على طريق الحرير وهو طريق التجارة الدولية في العصور القديمة، قد أكسبها ثقافة ضخمة في الطعام، ومنح أهلها القدرة على الابتكار وتأليف النكهات في أطباق.
وفي سياق متصل يصف محبوا الأكل الحلبي أطباق حلب بالمقطوعات الموسيقية المؤلفة بعناية، ومن الأمثلة الواضحة على هذا الوصف أطباق الكباب باذنجان، والكباب بالكرز، أما الكباب المشوي والمحضر على الطريقة الحلبية، فيكتسب خصوصيته من البهارات الحارة التي تعطيه سر النكهة المميزة التي ينتظرها الجميع.
اقرأ أيضاً: الحرحورة الحمصية هكذا ظهرت إلى الوجود
الكباب في دمشق
ويحتفظ الكباب السوري في دمشق بالطعم الأصلي، فلا يرغب الدمشقيون سوى بالشعور بمزيج لحم الضأن مع اللية المشوية يذوب في أفواههم، وأقصى ما يتم إضافته لهذا المزيج الملح والسماق والفلفل الأسود، ويفصل بين أسياخ الشواء البصل المقطع والبندورة التي تعطي الطبق نكهة غنية ومميزة.
وفي السياق يعد الدمشقيون الكباب من لحم الدجاج أيضاً عبر مزج لحم الصدر مع الفخذ بالتساوي ويحضر بنفس طريقة لحم الضأن، وهو محبب عند الأشخاص اللذين لا يفضلون تناول اللحم الأحمر.
أيضاً وفي كلا الحالتين، مهما كان نوع الكباب المقدم، فإن طبق السلطة الموسمية والفتوش والحمص بالطحينية ومتبل الباذنجان، أطباق مقبلات تلازم الكباب السوري على المائدة الشامية مع الخبز العربي المرقوق.
اقرأ أيضاً: حراق أصبعو ما قصة الأكلة الدمشقية؟
الكباب في الساحل
ولأن محافظات الساحل السورية تستقر على شاطئ البحر المتوسط يدخل في نسيج طعامها الكثير من خيرات البحر وهو الحال مع كباب الساحل المصنوع من لحم السمك منزوع الحسك.
ويقدم عادة إلى جانب خليط الطراطور من الطحينة والثوم والليمون الحامض، ويفرم الى جانبه سلطة البيواظ المكونة من البصل والبقدونس والسماق.
ولكن أصناف الكباب في سوريا لا تقف عند هذا الحد فالكباب الديري الشهي على سبيل المثال يحضّر على الحجارة الساخنة، الموضوعة على الجمر مترافقا بسلطة اللبن مع النعناع، ويفضل كثيرون تناول الكباب مع الأرز والبعض يفضل الخبز الرقيق.
وفي سياق منفصل يبرز الكباب الكردي في المحافظات الشرقية والذي تتم إضافة البرغل الناعم إليه وتشكيله على هيئة كفتة، يضاف اليها الكزبرة والبصل المفروم، لمنحه مذاقه المميز، الذي يعبر عن المنطقة التي خرج منها.
وفي السياق يبقى الطعام هوية المكان والسكان وحاملاً حضارياً لثقافة البلاد، وهو ما يستمر السوريون بنشره وتوارثه جيلاً بعد جيل.