على الرغم من مرور أكثر من شهر على تشكيلها، لم تصل لجنة تقصي الحقائق بشأن الأحداث التي شهدتها مناطق الساحل السوري مطلع شهر آذار الماضي إلى نتائج نهائية حاسمة. ومع انتهاء الفترة الأولى لعمل اللجنة الثلاثاء الماضي، أصدر رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع قراراً بتمديد عمل اللجنة ثلاثة أشهر إضافية، في خطوة أثارت تساؤلات لدى البعض حول مدى قدرة اللجنة على الوصول إلى نتائج مرضية تحقق العدالة وتنصف الضحايا.
تمديد العمل وتوسيع نطاق التحقيق
أصدر الشرع، عقب اجتماعه مع أعضاء اللجنة في العاصمة دمشق الخميس الماضي، قراراً يقضي بتمديد عمل اللجنة لمدة ثلاثة أشهر إضافية غير قابلة للتجديد، مطالباً اللجنة بتقديم تقريرها النهائي في نهاية هذه المدة، بحسب بيان صدر عن الرئاسة السورية. وهذا القرار جاء بعد اطلاع الشرع على التقرير الأولي الذي قدمته اللجنة، والذي أشار أعضاؤها إلى توسع نطاق المهام التي كُلفوا بها، الأمر الذي استدعى منحهم فترة إضافية لإتمام التحقيقات بشكل شامل ودقيق.
وكان قد وعد الناطق باسم اللجنة ياسر الفرحان، في تصريحات سابقة لصحيفة «الشرق الأوسط»، أن التقرير الأولي سيصدر خلال شهر، مؤكداً أن اللجنة تتجه إلى كافة المناطق التي تم الإبلاغ فيها عن وقوع انتهاكات وجرائم خطيرة فيها.
تحديات تواجه اللجنة
يرى متخصصون في القانون الدولي أن اللجنة تواجه تحديات جوهرية، أبرزها التأكد من استقلالية أعضائها والتزامها بأعلى معايير المهنية والحيادية. وفي هذا السياق، يؤكد أستاذ القانون الدولي مجيد بودن، المقيم في باريس، أن استقلالية اللجنة ووجود خبراء دوليين من شأنه ضمان حيادية وشفافية التحقيقات، مستشهداً بتجارب دولية مثل المحاكم المختلطة في كمبوديا.
بدوره، يشدد الدكتور رائق شعلان، الخبير في القانون الدولي من دمشق، على أن مجرد الوصول إلى نتائج منصفة لا يعد كافياً لتحقيق العدالة، مؤكداً ضرورة أن تتبع هذه النتائج خطوات ملموسة لملاحقة ومحاسبة الجناة، وإلا بقيت العدالة منقوصة.
آليات ضمان العدالة في أحداث الساحل السوري
في حديثه لأحد المواقع السورية، قال المحامي رمزي حسونة، وهو مدرس للقانون الدولي في دمشق، إمكانية تحقيق العدالة إذا عملت اللجنة بشكل مهني ودقيق، والتزمت بمعايير قانونية احترافية تضمن استجواب كافة الأطراف وجمع الأدلة بطريقة منهجية وعادلة. وأشار إلى أن توفير إمكانية الادعاء لجميع المتضررين وإحالة المتهمين إلى القضاء المختص لضمان محاكمات عادلة؛ يعد من أهم أسس تطبيق العدالة.
اقرا أيضاً: لجنة للتحقيق في أحداث الساحل.. من هم أعضاء اللجنة وما هي صلاحياتهم؟
هذا ويُجمع الخبراء على أن النتائج التي ستصل إليها اللجنة في الساحل السوري لن تكون مجرد استنتاجات قانونية، بل سيكون لها انعكاسات عميقة على المستوى الاجتماعي والسياسي في سوريا. إذ يرى بودن أن إجراء تحقيقات شفافة وعادلة من شأنه أن يعزز السلم الأهلي ويدعم التماسك الاجتماعي، مما يفتح الباب أمام عملية سياسية حقيقية تشمل كافة الأطياف السورية.
من جانب آخر، يحذر شعلان من أن أي تقصير في تحقيق العدالة قد تكون له تداعيات خطيرة، داخلياً من حيث فقدان المواطنين للثقة في السلطة، وخارجياً عبر فتح المجال لتدخلات دولية تحت ذرائع متعددة.
اقرأ أيضاً: ردود الفعل الدولية والعربية على التطورات في الساحل السوري
ختاماً، وبينما تواصل اللجنة عملها وسط تحديات وضغوط كبيرة، يبقى الأمل لدى كثير من السوريين معلقاً على قدرة اللجنة على تقديم تقرير واضح وحاسم يؤدي إلى معاقبة المرتكبين وإنصاف الضحايا، لكون المسألة لها أبعادها السياسية الكبرى المرتبطة ليست فقط بالساحل السوري بل بوحدة البلاد وأهلها. ويبقى السؤال الأهم معلقاً في الأفق: هل ستنجح اللجنة في وضع العدالة موضع التنفيذ، أم ستكون نتائجها مجرد حبر على ورق؟