في لحظةٍ فارقة من تاريخ سوريا، وبعد أكثر من عقدٍ من الصراع الذي أرهق البلاد وأتعب شعبها، أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) عن خطة وصفها البعض بالـ «الطموحة» لإعادة إعمار سوريا بقيمة 1.3 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات. وحسب وكالة «رويترز» الأمريكية للأنباء، تهدف هذه الخطة إلى إعادة بناء البنية التحتية، ودعم الابتكار الرقمي، وتعزيز الحماية الاجتماعية.
المحاور الرئيسية لخطة إعادة إعمار سوريا
إعادة بناء البنية التحتية
– إصلاح الطرق والجسور والمرافق الحيوية المتضررة.
– تحديث شبكات الكهرباء والمياه في المناطق الأكثر تضرراً.
التحول الرقمي
– دعم وتمويل حوالي 200 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا.
– تدريب ما يقارب 5000 شاب على مهارات الذكاء الاصطناعي.
– إنشاء مراكز للابتكار التكنولوجي في دمشق وحلب.
تعزيز الحماية الاجتماعية
– توفير برامج دعم دخل مؤقت لحوالي 300 ألف أسرة.
– تحديث أنظمة الرعاية الصحية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
مصادر التمويل المتوقعة
– المؤسسات المالية الدولية: تسعى الأمم المتحدة إلى الحصول على دعم من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، حيث يُتوقع أن تُساهم هذه المؤسسات بحوالي 40% من إجمالي التمويل.
– الدول الأوروبية: من المتوقع أن تُساهم الدول الأوروبية بحوالي 30% من التمويل، وذلك من خلال مساهمات مباشرة أو عبر مؤتمرات المانحين.
– الاستثمارات الخاصة: تُخطط الأمم المتحدة لجذب استثمارات خاصة من شركات التكنولوجيا الكبرى لتغطية النسبة المتبقية من التمويل، والتي تُقدّر بحوالي 30%.
اقرأ أيضاً: «ساخر» يتساءل: هل ستلوي الحكومة السورية يد صندوق النقد الدولي؟!
وفي تعليق له على الخطة، أوضح عبد الله الدردري، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، أن الخطة لا تقتصر على إعادة بناء ما دمرته الحرب، بل تسعى إلى تحويل سوريا إلى نموذج للتنمية المستدامة. تشمل الخطة إدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي، ودعم الشركات الناشئة الرقمية، وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية، مع التركيز على البنية التحتية الحيوية مثل الكهرباء والمياه.
وأشار الدردري إلى أن تنفيذ هذه الخطة يتطلب تعبئة موارد من مؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بالإضافة إلى دعم من دول إقليمية كالسعودية وتركيا.
تحديات العقوبات الدولية
رغم التغيير السياسي في سوريا، لا تزال العقوبات الغربية، وخاصة الأمريكية، تشكل عائقاً أمام جهود إعادة الإعمار. وأكد الدردري أن سوريا بحاجة إلى عشرات المليارات من الدولارات للاستثمار والمساعدة الفنية، وأن هذه الجهود لا يمكن أن تتحقق في ظل العقوبات الحالية.
وفي خطوة وصفت بالـ «إيجابية»، حصل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على إعفاء من وزارة الخزانة الأمريكية لتخصيص 50 مليون دولار لإصلاح محطة دير علي الكهربائية جنوب دمشق. كما يدرس البنك الدولي تقديم مئات الملايين من الدولارات لتحسين شبكة الكهرباء ودعم القطاع العام.
دعم إقليمي ودولي متزايد
وكانت قد أعلنت المملكة العربية السعودية عن سداد متأخرات سوريا للبنك الدولي البالغة 15 مليون دولار، مما يمهد الطريق للحصول على منح مستقبلية. كما تعهدت الدول المانحة في مؤتمر الاتحاد الأوروبي في آذار/مارس 2025 بتقديم 6.3 مليار دولار لدعم جهود الإغاثة وإعادة الإعمار في سوريا.
من جانبها، أعلنت ألمانيا عن مبادرة بقيمة 60 مليون يورو لدعم التعليم والمشاريع التنموية في سوريا، مع التركيز على ضمان نظام تعليمي خالٍ من الأيديولوجيات والتمييز.
عودة اللاجئين وتحديات الاستيعاب
مع تحسن الأوضاع، أبدى نحو 30% من اللاجئين السوريين رغبتهم في العودة إلى بلادهم، مقارنة بنسبة تقارب الصفر في العام السابق. وقد عاد بالفعل حوالي 200 ألف لاجئ منذ سقوط سلطة الأسد. إلا أن المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب (Amy Pope)، حذرت من أن العودة الجماعية قد تؤدي إلى تفاقم التوترات في مجتمع لا يزال هشاً، داعية إلى دعم دولي لتأهيل المجتمعات المحلية قبل استقبال العائدين.
آفاق المستقبل
تُعد الخطة الأممية لإعادة إعمار سوريا خطوة مهمة نحو بناء مستقبل أفضل للبلاد، لكنها تواجه تحديات كبيرة تتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً واسعاً. فرفع العقوبات، وتوفير التمويل الكافي، وضمان الاستقرار السياسي، كلها عوامل حاسمة لنجاح هذه المبادرة. ويظل الأمل معقوداً على أن تكون هذه الخطة بداية حقيقية لنهاية معاناة الشعب السوري، وبداية عهد جديد من السلام والتنمية.