يشهد الساحل السوري تصعيداً خطيراً منذ يوم الخميس 6 آذار/مارس 2025 وهو مستمر حتى اللحظة، ما أثار موجة من ردود الفعل الدولية والعربية التي تتراوح بين الدعوات إلى ضبط النفس والإدانات الحادة. ومع تفاقم الأوضاع، عبّرت منظمات دولية ودول فاعلة عن مواقفها تجاه الأحداث الجارية، وسط قلق متزايد بشأن تداعيات هذا التصعيد على المدنيين واستقرار المنطقة.
الأمم المتحدة: قلق ودعوة إلى ضبط النفس
أعرب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، عن «قلقه العميق» إزاء الاشتباكات المحتدمة في الساحل السوري، مشدداً على أهمية حماية المدنيين والامتناع عن تأجيج التوترات. وأكد بيدرسون في تصريح رسمي: «هناك تقارير مقلقة حول سقوط ضحايا من المدنيين، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً لضبط النفس من جميع الأطراف وفقاً للقانون الدولي».
موسكو: دعوة لإنهاء العنف وحماية المدنيين
من جانبها، أبدت موسكو قلقها إزاء التدهور السريع للوضع، حيث دعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، جميع الأطراف السورية إلى العمل على وقف إراقة الدماء بأسرع وقت ممكن. وشددت زاخاروفا على ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدتها، داعية الدول المؤثرة في الملف السوري إلى المساهمة في تهدئة الأوضاع بدلاً من تصعيدها.
الاتحاد الأوروبي: الحلول السلمية ضرورة
في السياق ذاته، دعا رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي إلى سوريا كافة الأطراف إلى ضبط النفس، بينما صرّح المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا بأنه «مصدوم» من عدد الضحايا المتزايد في المناطق الغربية من البلاد. وأضاف: «يجب السعي إلى حلول سلمية، والتركيز على تحقيق وحدة وطنية وحوار سياسي شامل بعيداً عن العنف والكراهية»، مؤكداً استعداد ألمانيا لتقديم المساعدة في تحقيق الاستقرار.
إيران: لا نتدخل مباشرة في الشأن السوري
أعرب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، عن رفض بلاده لأي مواجهة عسكرية تؤدي إلى إزهاق الأرواح أو زعزعة استقرار سوريا. وأكد في حديث لوكالة «فرانس برس» أن إيران لا تتدخل مباشرة في الشأن السوري، لكنها تأمل في قيام حكومة وطنية شاملة تحظى بدعم الشعب السوري.
اقرأ أيضاً: هل تمتلك سوريا الأسلحة الكيميائية حقّاً؟
مواقف عربية: إدانات وتضامن مع الحكومة السورية
قطر والسعودية: إدانة للجهات المسلحة ودعم الحكومة
أصدرت وزارة الخارجية القطرية بياناً يدين «الجرائم التي ترتكبها مجموعات خارجة عن القانون»، مؤكدة دعمها للحكومة السورية في جهودها لحفظ الأمن والاستقرار. في ذات السياق، عبّرت الخارجية السعودية عن موقف مماثل، مشيرة إلى «وقوف المملكة إلى جانب الحكومة السورية في مساعيها لحماية البلاد من التهديدات الأمنية».
مجلس التعاون الخليجي: رفض للعنف ودعوة للاستقرار
أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم محمد البديوي، دعم المجلس لسوريا في جميع الإجراءات التي تتخذها لحفظ الأمن والاستقرار. وأعاد التذكير بموقف المجلس الثابت الرافض لكل أعمال العنف والإرهاب، متمنياً أن يعمّ الأمن والازدهار في سوريا.
الكويت والبحرين: إدانة واستنكار للأحداث
في إطار ردود الفعل الخليجية، أدانت الكويت «الجرائم التي استهدفت القوات الأمنية ومؤسسات الدولة»، مؤكدة تضامنها مع سوريا ودعمها للخطوات الحكومية الرامية إلى تحقيق الاستقرار. بدورها، أعربت البحرين عن «استنكارها الشديد» للأحداث الجارية، مشددة على دعمها لوحدة وسلامة الأراضي السورية وحق الشعب السوري في العيش بسلام.
العراق: قلق ودعوة للحلول السلمية
أعربت وزارة الخارجية العراقية عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأمنية الجارية في سوريا، محذرة من تداعياتها الخطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة. وأكدت الوزارة في بيان رسمي موقف العراق الثابت بضرورة حماية المدنيين وتجنيبهم ويلات النزاع، مشددة على أهمية ضبط النفس وتغليب لغة الحوار والحلول السلمية بدلاً من التصعيد العسكري.
كما أعربت الخارجية العراقية عن رفضها المطلق لاستهداف المدنيين الأبرياء، مؤكدة أن استمرار العنف سيؤدي إلى تفاقم الأزمة وتعميق حالة عدم الاستقرار، مما يعيق جهود استعادة الأمن والسلام. ودعت الوزارة المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لإنهاء المعاناة الإنسانية في سوريا ودعم مسارات الحل السياسي التي تضمن وحدة سوريا وسلامة شعبها.
اقرأ أيضاً: تركيا: لا لتقسيم سوريا.. ومسؤول أمريكي: لن تكون فيدرالية!
بين القلق والدعم.. مستقبل الأزمة إلى أين؟
بينما تتباين المواقف الدولية والعربية تجاه الأحداث في الساحل السوري، يبقى العامل المشترك هو القلق المتزايد من تداعيات هذا التصعيد على المدنيين وعلى استقرار سوريا ككل، وتبقى الأمنيات بأن تنتهي موجات التصعيد في الساحل السوري وعلى مساحة البلاد كلها، وأن تثمر الجهود العربية والدولية والمحلية بأن توقف ما يجري باتجاه بلد يعمّ فيه السلام ويسود فيه الاستقرار.