هنالك تحولات عديدة قد شهدها سوق العقارات في سوريا. وذلك يرجع للعديد من الظروف الاقتصادية إلى جانب الظروف السياسية الحساسة، و المفصلية الراهنة التي تشهدها البلاد.
لكن على الرغم من جميع الصعوبات والتحديات، أعطى القطاع العقاري دلائل ومؤشرات لبدء استقرار ونمو تدريجي حتى لو كان بطيء. لكن لا يزال ذلك يشكّل معضلة في ظلّ الطلب على العقارات وتزايده من قبل المواطنين والمغتربين، وكذلك من قبل المستثمرين، على اعتبار أنّ الاستثمار العقاري هو أحد الوسائل الفعالة التي تحافظ على الأصول المالية وتساهم في تحقيق التنمية المستدامة.
تقلبات العرض والطلب في سوق العقارات
للسوق العقارية السورية تقلبات ملحوظة تشهدها ضمن نطاق العرض والطلب، ذلك تبعاً للظرف الاقتصادي والسياسي المحيط بالبلاد.
إنّ الطلب على العقارات يتأثر وتتحكم به عوامل مختلفة مثل التضخم، انخفاض القدرة الشرائية، والنزوح الداخلي والهجرة الخارجية. كذلك هو متقلب بين المناطق التي تشهد استقراراً بشكل نسبي والمناطق التي لازالت تعاني من توتر أمني، فالطلب يرتفع على العقارات السكنية والتجارية في المناطق المستقرة نوعاً ما. بينما المتضررة منها، يقل الطلب بنسبة كبيرة.
أما العرض فتلعب مشاريع إعادة الإعمار دور محوري فيه، وفي زيادة المعروض من العقارات. لكن ارتفاع تكاليف مواد البناء كالإسمنت والحديد يحد من قدرة مطوري العقارات على عرض عقارات بأسعار مقبولة ومعقولة. ناهيك عن أن سعر الصرف والعملة غير المستقر له أن يؤثر على قرارات البيع والشراء، وهذا ما يجمد الحركة العقارية في السوق في بعض الأحيان.
بالتالي، فإن تقلبات العرض والطلب في السوق العقاري السوري ماهي إلا انعكاس لجملة من المصاعب الاقتصادية و التحديات السياسية. لكن مع عدم انكار وجود فرص استثمارية في المناطق التي تشهد تخديم و تحسين في البنية التحتية و عمل على بسط الاستقرار الأمني فيها.
في حين أكد العديد من التجار وسماسرة سوق العقارات في سوريا وجود حالة من الجمود بحركة البيع والشراء على أثر توقف الدوائر الحكومية التي تجري معاملات الفراغ العقاري ونقل الملكية منذ الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
العوامل الاقتصادية ومنعكساتها على السوق
يتأثر سوق العقارات في سوريا بشكل كبير بالعوامل الاقتصادية التي تشكل سيف ذو حدين من الفرص والتحديات في آن معاً. أبرزها التضخم، الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع في أسعار العقارات. وبالتالي يقلل من القدرة الشرائية للمواطنين، إلى جانب تقلبات سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية تحديداً الدولار. والتي قد تؤثر على تكلفة البناء والأسعار في سوق العقارات في سوريا، مما يخلق حالة من عدم الاستقرار في السوق.
حيث يزيد الطلب على العقارات بفعل موجات الهجرة الداخلية في مناطق معينة. بينما يقل العرض في مناطق أخرى بسبب الهجرة منها، وارتفاع أسعار مواد البناء مثل الإسمنت والحديد. وهذا يحد من قدرة مطوري العقارات على تقديم مشاريع و آفاق جديدة. ناهيك عن انخفاض الاستثمارات الأجنبية تبعاً الظروف السياسية والأمنية تحديداً إلى جانب الاقتصادية. مما يؤثر على تطوير السوق العقاري.
كل تلك العوامل تؤدي إلى تقلبات في العرض والطلب. كذلك هناك عامل اقتصادي بارز كالسياسات الضريبية، حيث أن الضرائب المفروضة على العقارات، سواء عند الشراء أو البيع، لها أثر على قرارات المستثمرين والمشترين على حد سواء، فالضرائب المرتفعة قد تؤدي إلى تباطؤ النشاط العقاري.
وقلة توافر القروض العقارية بأسقف مناسبة أو شروط أقل صرامة للحصول عليها، هي أيضاً من العوامل المفصلية التي تحد من قدرة الأفراد على شراء العقارات. مما قد يؤثر على الطلب والعامل الحاسم هو البنية التحتية. حيث أن تحسين أو تدهور البنية التحتية في مناطق محددة له أن يؤثر بشكل مباشر على قيمة العقارات فيها. كل ما كانت المنطقة ذات بنية تحتية جيدة، زاد استقطابها للمشترين و المستثمرين.
اقرأ أيضاً: إعفاء عقود الاستثمار والإيجار في سوريا من الموافقات الأمنية.. ما الجديد؟
الفرص والتحديات ونصائح المستثمرين
هناك فرص واعدة في سوق العقارات السورية إلى جانب التحديات القاسية. من بين الفرص تبرز مشاريع إعادة الإعمار التي توفر إمكانيات استثمارية في المناطق المتضررة. ناهيك عن الطلب المتزايد على العقارات السكنية والتجارية تحديداً المدن الكبرى مثل دمشق وحلب إضافة إلى الشريط الساحلي. وقد أشارت البيانات بخصوص سوق العقارات في دمشق إلى ارتفاع بنسبة 5.7%.
إلى جانب تفاوت في متوسط أسعار الشقق السكنية فيما بين المحافظات السورية بنسب جداً كبيرة. فاحتلت العاصمة دمشق وضواحيها المراتب الأولى على لائحة الأسعار، حيث وصلت في بعض المناطق إلى 30 مليار ليرة سورية. ما يقارب 2.3 مليون دولار.
ومع تحسين البنية التحتية في باقي المناطق فإن ذلك يفتح الباب أمام استثمارات جديدة. أما التحديات، في الوقت الراهن تبقى محصورة في بوتقة تقلبات سعر صرف العملة، ارتفاع تكاليف مواد البناء، والتحدي الأبرز عدم الاستقرار السياسي وتبعاً له الاقتصادي.
هذا ما يجعل السوق أكثر تعقيداً ويؤثر على قرارات المستثمرين والمشترين. للمستثمرين، يُوصى بإجراء دراسة أكثر دقة للسوق، مع التركيز على المناطق المستقرة أمنياً بشكل نسبي. مع الاستفادة من طرح مشاريع إعادة الإعمار. ومن الأفضل التعاون مع خبراء محليين لفهم الديناميكيات الاقتصادية والتسهيلات القانونية. عليهم الاستثمار بحذر وتقييم المخاطر بدقة وعناية لكي يتمكنوا من تحقيق عوائد مرضية ومستقرة إلى حد ما في هذا السوق المتغير.
ختاماً، سوق العقارات في سوريا من أكثر القطاعات تأثراً بالظروف الاقتصادية بفعل الحالة السياسية. لكن رغم الصعوبات فإن الفرص الاستثمارية بارزة بشكل جلي في مناطق الاستقرار، مما يفتح آفاقاً للنمو المستدام.
اقرأ أيضاً: الدردري يتحدث بالأرقام: 36 مليار دولار لإنعاش الاقتصاد السوري!