تتأثر بعض الدول العربية، ومن بينها سوريا، بعواصف غبارية شديدة خلال الوقت الحالي، وسط تحذيرات بعدم استنشاق الغبار أو الخروج من المنازل أثناء ذروة العاصفة؛ فما هي “العاصفة الغبارية”؟ وما تأثيرها على الصحة؟
يطلق في المنطقة العربية على العواصف الغبارية عادةً اسم “رياح الخماسين”، وهي رياح جنوبية شرقية فصلية جافّة وحارّة تأتي من الصحراء الكبرى الإفريقية إلى مصر وشبه الجزيرة العربية ومنطقة بلاد الشام.
وسُميت هذه الرياح بالخماسين لأنها تنشط في شهر نيسان، أيّ بعد 50 يوماً من دخول فصل الرّبيع، إلا أنها نادراً ما تهبّ أكثر من يوم أو يومين في الأسبوع خلال هذه الفترة، وتصل سرعة رياح الخماسين في بعض الأحيان إلى 140 كم في الساعة، وتؤدي إلى ارتفاع سريع في درجات الحرارة وانخفاض في معدلات الرؤية.
دول عديدة تتأثر
في سوريا، أكدت الأرصاد الجوية أن البلاد ستتأثر اليوم الأربعاء بكتلة هوائية حارّة نسبياً وجافّة، تتزامن مع منخفض جوي سطحي “خماسيني”، كما أن الأجواء السديمية المغبّرة ستصبح أكثر حدةً يوم الأربعاء خاصةً خلال ساعات بعد الظهر مع بدء النشاط في سرعة الرياح التي تستمر حتى صباح الخميس وستكون هناك هبات شديدة تصل سرعتها لـ 90كم/سا أحياناً.
وذكرت مديرية الأرصاد الجوية في سوريا أن الرياح الشديدة ستؤدي إلى إثارة الغبار والعواصف الترابية، خاصةً في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية والبادية، مع أجواء سديمية مغبرة في العاصمة دمشق وأغلب المناطق الداخلية.
وفي العراق، ضربت عاصفة رملية عنيفة مناطق وسط وجنوب البلاد، ما أدى إلى تسجيل مئات حالات الاختناق.
كما أعلنت الأرصاد الجوية في السعودية أن مناطق متفرقة من المملكة تشهد هطول أمطار خفيفة ورياحاً نشطة مما يؤدي إلى تدني في مدى الرؤية الأفقية، مع صواعق رعدية وأتربة مُثارة ورياح شديدة.
أما في الكويت، فقد أعلنت إدارة الأرصاد الجوية الكويتية أن البلاد تتعرض لرياح شمالية غربية مثيرة للغبار تزيد سرعتها على 60 كم في الساعة.
بدورها أعلنت الأرصاد القطرية عن رصد رياح شمالية غربية من نشطة إلى قوية السرعة على معظم المناطق وتدني مدى الرؤية الأفقية بسبب الغبار.
إلى ذلك شهدت مملكة البحرية خلال اليومين الماضيين، موجة غبار كثيفة مصحوبة برياح قوية، بينما تدنت الرؤية الأفقية إلى حد كبير.
ما هي العواصف الغبارية؟
تعرّف المنظمة الدولية للأرصاد الجوي العواصف الغبارية بأنها ظاهرة تحدث عندما تحمل الرياح القوية الرمال والغبار من التربة الجافة إلى الغلاف الجوي، وتنقلها لمسافات شاسعة.
حسب إحصائيات المنظمة الدولية فإن 330 مليون شخص في 150 دولة حول العالم يتأثرون بالعواصف الرملية والترابية كل عام.
وتتركز أهم مصادر الرمال والغبار عالمياً في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، وخاصّة الصحاري الكبرى، مثل: الصحراء الكبرى الإفريقية، وشبه الجزيرة العربية، وصحراء جوبي في آسيا.
وتنشأ العواصف الغبارية من مصادر طبيعية كالصحاري، والبحيرات الجافة، إلا أن الأنشطة البشرية تفاقم المشكلة من خلال البناء والزراعة، وهو يؤدي إلى اختفاء الغطاء النباتي ويُعرّض التربة للتعرية بفعل الرياح.
أضرار كبيرة
في غالب الأحيان، تؤدي العواصف الغبارية إلى مشاكل في التنفس، حيث يدخل الغبار إلى الأنف والرئتين ويؤدي إلى حالات اختناق، وقد تسبب العواصف الغبارية أيضاً أزمات ربو والتهاب القصبات.
ومن الممكن أيضاً أن تتسبب تلك العواصف بتهيج واحمرار العين، وجفاف وتحسس الجلد، كما يمكن أن تنقل موجات الغبار في بعض المناطق فطريات وبكتيريا ضارّة.
وفيما يتعلق بالجانب الزراعي، فقد تؤدي العواصف الغبارية إلى فقدان طبقة التربة الخصبة، وبالتالي تقلل من القدرة الزراعية للأراضي التي تشهد تلك العواصف، كما أن الغبار يمكن أن يُغطي أوراق النباتات ويمنعها من التنفس.
إضافة إلى ذلك، قد تسبب العواصف الغبارية الشديدة تعطّل حركة الطيران والمواصلات، وإعاقة الرؤية، وأضرار للبنية التحتية.
وانطلاقاً من أهمية مواجهة العواصف الغبارية والحد من تأثيرها، فقد أعلنت الأمم المتحدة “12 تموز” يوماً دولياً لمكافحة العواصف الرملية والترابية، بهدف زيادة الوعي بالتأثيرات السلبية التي تُشكلها هذه العواصف على البيئة، إضافة إلى تحفيز الجهود الدولية لمواجهتها، وهو ما يتطلب مشاركة فعالة من الحكومات والمنظمات البيئية للتخفيف من نتائج هذه الظاهرة.
اقرأ أيضاً: التغير المناخي إلى أين في السنوات المقبلة؟