زار وفد من رجال الأعمال السوريين في مصر بلدهم الأم سوريا والتقوا الرئيس أحمد الشرع في قصر الشعب ضمن مبادرة رئاسة الجمهورية في لقاء الجاليات السورية في البلدان العربية والأجنبية، وجاءت هذه الزيارة كطريقة لمد جسور التعاون وبلورة رؤية واضحة للعلاقة التي ستبنى بين الدولة السورية ورجال الأعمال، ولإشراك السوريين المغتربين في النهوض بالواقع الاقتصادي وإعادة الإعمار.
تعد هذه اللقاءات طريقة لتحفيز رجال الأعمال السوريين في مصر وغيرها من الدول للعودة والاستثمار في بلدهم على أن تقدم الحكومة السورية كافة التسهيلات القانونية وتوفير بيئة دعم مالي مناسب معهم، وأكد الشرع أن أبواب المؤسسات الاقتصادية والمالية مهيأة لدعم أي مبادرة للاستثمار الجاد.
المستثمرون السوريون في مصر رافد اقتصادي مهم للبلد المضيف
لم تستقبل مصر السوريين الوافدين إليها سواء كلاجئين أو رجال أعمال على أنهم عبء عليها، إنما تعاملت معهم كأولاد البلد، فقد وصل عدد السوريين لديها إلى مليون و500 ألف سوري بحسب إحصائية عام 2023، بينهم 156 ألف سوري مسجل كلاجئ، واستقر معظمهم في المدن الحضرية الكبرى كالقاهرة والإسكندرية.
يقدر أعداد المستثمرين السوريين في مصر حوالي 30 ألف مستثمر، أغلبهم اتجهوا نحو القطاع الصناعي، فيما استثمر الباقي في مجال المطاعم والمأكولات، إذ يعد قطاع المطاعم الأكثر شهرة في الأوساط المجتمعية المصرية، كما لم يعتمد المستثمرون السوريون على العنصرية في التوظيف، إذ يعد مجال التوظيف مفتوح أمام السوريين والمصريين على حد سواء.
يُقدر حجم الاستثمارات السورية في مصر منذ عام 2011 وحتى عام 2023 بحوالي المليار دولار، كما يبلغ عدد المصانع والورش التي يمتلكها السوريون حوالي 5000 مصنع، ويقسم بين ما هو رسمي وغير رسمي، في حين يبلغ إنتاج هذه المصانع الشهري حوالي 120 مليون جنيه، والجدير بالذكر بأن هذه الإحصائية هي ما تم تسجيله فقط، إذ إن العديد من المستثمرين السوريين يلجأون إلى تسجيل الشركات بأسماء شركائهم المصريين، وتعود الإحصائية السابقة إلى المهندس خلدون الموقع صاحب “تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر”.
ينشط عمل رجال الأعمال السوريين والمستثمرين في الصناعات التحويلية كمعامل الأنسجة والملابس والأغذية والأثاث، ومن أبرز المستثمرين السوريين في مصر محمد باسل سماقية صاحب شركة ‘قطونيل’ للملابس الداخلية التي تعد إحدى العلامات التجارية البارزة في مصر، وتقدر ثروته بنحو 100 مليار جنيه مصري، ومحمد داوود صابر الملقب “بملك الحلويات” في مصر ويصدر منتجاته إلى خارج مصر، ورجل الأعمال صفوان عز الدين أبو اللبن الذي يعد ضمن قائمة رجال الأعمال السوريين الذين حصلوا على الجنسية المصرية.
عودة رجال الأعمال السوريين في مصر إلى سوريا وتأثيره على الاقتصاد الوطني
يسود تفاؤل اقتصادي كبير بعد لقاء الرئيس الشرع برجال الأعمال السوريين في مصر على أمل أن يكون هناك اتفاق بين الحكومة السورية وبينهم للعودة والاستثمار في سوريا ضمن القطاعات الاقتصادية التي يستثمرون بها أو بغيرها، وتمثل عودتهم رافد اقتصادي هام لسوريا وخصوصاً في مجال إعادة الإعمار وبناء الواقع الاقتصادي المدمر.
وإذا أردنا الحديث عن تأثير عودة رجال الأعمال السوريين من مصر، فيجب الحديث أولاً عن رؤوس الأموال التي ستضخ في قطاعات مختلفة، والاستثمارات الكبيرة في القطاعات الحيوية كالسياحة والزراعة والعقارات والصناعة، وهذه الاستثمارات بدورها ستولد فرص عمل كثيرة للمواطنين العاطلين عن العمل، وتحسن في البنية التحتية التي قد يلجأ بعض المستثمرين للاستثمار بها.
ومن ناحية أُخرى قد يشكل عودة رجال الأعمال السوريين ضغط على الحكومة لتعديل القوانين الخاصة بالاستثمار، وكشف مواطن الخلل عبر المشكلات التي تعترضهم خلال إقامة مشاريعهم، كما قد يلعب بعض المستثمرين السوريين دوراً هاماً في العمل السياسي، وهذا ما يشكل تنوع بيئة العمل السياسية، ويعزز الشفافية والموضوعية في المحاسبة والمطالبة بالإصلاحات.
وبالفعل هناك العديد من رجال الأعمال السوريين قد أعلنوا عن قرارهم بالعودة إلى سوريا وفتح مشاريعهم الخاصة، ومنهم محمد صباغ شرباتي الذي عاد إلى حلب بعد غياب دام 14 عاماً، وكان قد أسس في مصر مصنعاً للنسيج يعد من أكبر المصانع في إفريقيا، وأعلن عن عودته لتشغيل مصانعه في حلب ويُتوقع أن يوفر أكثر من ألف فرصة عمل، وكذلك رجل الأعمال السوري درغام درغام الذي قرر توسيع أعماله من تركيا إلى سوريا، وإنشاء مصنع للعصائر في حلب.
إنّ عودة رجال الأعمال السوريين إلى بلدهم سيشكل رافد اقتصادي مهم، كما سيساهم في تحقيق نوع من الاستقرار الاجتماعي، فالقمة العيش تعد من أكبر هموم المواطن السوري، بالتوازي مع الاستقرار الأمني الذي يحتاج إلى مزيد من العمل.
اقرأ أيضاً: الإجازة التجارية التركية: تسهيلات لرجال الأعمال والموظفين السوريين