تشهد سوريا تحولًا جذريًا تتصدر فيه الطاقات الشبابية مشهد إعادة الإعمار والتنمية، مستندةً إلى روح الابتكار والمبادرة لتجاوز آثار الحرب وتحديات الماضي.
ومن رحم التحديات، تبرز مبادرات تعبر عن إصرار الشباب على الحياة وإرادتهم في بناء مستقبل مشرق، من بينها مبادرة “سوريا في عيوننا” التي تمثل نموذجًا لجهود منظمة تتيح للمبدعين التعبير عن حبهم للوطن، إلى جانب مبادرات مجتمعية عفوية تجسد حيوية المجتمع السوري وقدرته على النهوض من جديد.
سوريا في عيوننا.. منصة للإبداع والأمل
تمثل مبادرة “سوريا في عيوننا” نموذجًا للجهود الفنية التي تجمع بين الإبداع والتوثيق، حيث أطلقت برعاية وزارة الإعلام السورية وبالتعاون مع مؤسسات إنتاجية بهدف إبراز الجوانب الإيجابية لسوريا بعيدًا عن صور الدمار.
وتوفر هذه المبادرة فرصة للشباب للتعبير عن رؤيتهم لوطنهم من خلال التصوير الفوتوغرافي، إنتاج الفيديو والرسم، مما يسمح لهم بترسيخ صورة تعكس الحضارة والجمال السوري، وتقديم محتوى إبداعي يعكس الهوية الوطنية.
وتشترط المسابقة تقديم أعمال جديدة تحمل بصمة إبداعية تعزز روح التفاؤل، بعيدًا عن المحتوى السياسي أو المشاهد التي تثير الانقسام، وتسعى اللجنة المنظمة من خلال هذه المعايير إلى خلق مساحة مفتوحة للمبدعين تعكس صورة الأمل والتجدد.
ومن المقرر، أن تختتم المسابقة بحفل جماهيري يقام في مايو 2025 للإعلان عن الفائزين وعرض الأعمال المختارة أمام جمهور واسع، مما يشكل فرصة لتعزيز حضور الفنانين الشباب وتشجيعهم على مواصلة مسيرتهم الإبداعية.
اقرأ أيضاً: فريق إنسان التطوعي يبدأ أعماله الإنسانية في حلب وحمص
المبادرات المجتمعية ودور الشباب في إعادة الإعمار
إلى جانب الجهود الفنية المنظمة، شهدت سوريا موجة من المبادرات الشبابية العفوية التي تجسدت في حملات تنظيف الأحياء وإزالة آثار الحرب، إضافة إلى تنظيم الأنشطة التطوعية التي تهدف إلى تحسين البيئة الاجتماعية والخدمية.
ففي دمشق، وحلب، وحماة، وغيرها من المحافظات توافد الشباب على تنظيم الفعاليات الميدانية، التي شملت إعادة تأهيل الحدائق والمرافق العامة، وتزيين الشوارع برسوم تعكس التراث السوري، في محاولة لإعادة الروح إلى المدن التي عانت خلال السنوات الماضية.
ولم تقتصر المبادرات على الجوانب الجمالية، بل امتدت إلى دعم الخدمات الأساسية، حيث تطوعت مجموعات شبابية في تنظيم المرور خلال ساعات الذروة، إلى جانب حملات توعوية للحفاظ على النظافة والبيئة.
وقد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في نشر هذه المبادرات وتوسيع نطاق المشاركين، مما عزز روح العمل الجماعي، وجسد رغبة الشباب السوري في لعب دور فاعل في إعادة بناء وطنهم.
اقرأ أيضاً: فريق ملهم التطوعي يدخل الفرح للأيتام خلال شهر رمضان
التحديات وآفاق المستقبل
ورغم النجاح الذي حققته هذه المبادرات، تواجه بعض العقبات التي تتعلق بالحاجة إلى تنظيم أكثر شمولًا، وتنسيق الجهود مع الجهات الرسمية لضمان استدامتها.
كما أن نقص الموارد والدعم المؤسساتي يمثل أحد أبرز التحديات التي تواجه المشاركين، حيث تعتمد معظم المبادرات على التمويل الذاتي والتبرعات المحدودة.
ومن جهة أخرى، تبرز الحاجة إلى وضع خطط طويلة الأمد تدمج بين المبادرات التطوعية والمشاريع التنموية الرسمية، مما يتيح فرصة لتحقيق نتائج أكثر تأثيرًا.
ويؤكد الخبراء أهمية التنسيق بين المبادرات الشبابية والمؤسسات المحلية لضمان تحقيق التكامل بين الجهود الفردية والاستراتيجيات الوطنية لإعادة الإعمار.
وفي الختام، تمثل هذه المبادرات الشبابية شهادة حقيقية على إرادة السوريين في تجاوز المحن وبناء مستقبل جديد، حيث يثبت الشباب أنهم قادرون على المساهمة الفاعلة في إعادة إعمار بلادهم، سواء من خلال الإبداع الفني أو الجهود التطوعية التي تعيد للحياة العامة زخمها.
وبينما تواصل هذه التحركات النمو والتوسع، تبقى الحاجة إلى دعم مؤسسي واستراتيجي لضمان تحقيق نتائج مستدامة، تسهم في بناء سوريا المستقبل على أسس من الإبداع والتعاون والعمل الجماعي.
اقرأ أيضاً: جهود سعودية لتسوية ديون سوريا.. خطوة نحو إعادة الإعمار تنتظر التأكيد