في العاشر من تشرين الأول عام 2015، شهدت مدينة المالكية بريف محافظة الحسكة شمال شرق سوريا الإعلان عن ولادة قوة عسكرية تحت مسمى “قوات سوريا الديمقراطية”، بهدف محاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بدعم من الولايات المتحدة الأميريكية.
بعد يوم واحد، أصدرت “القوات” بيانها الأول عرّفت فيه عن نفسها، بأنها قوة عسكرية وطنية موحدة لكل السوريين، تجمع العرب والكرد والسريان، وكافة المكونات الأخرى على الجغرافية السورية.
وأكد البيان التأسيسي أن الهدف من التشكيل هو “إنشاء سوريا ديمقراطية يتمتع في ظلها المواطنون السوريون بالحرية والعدل والكرامة من دون إقصاء لأحد من حقوقه المشروعة”.
وتزامن الإعلان عن تأسيس قوات سوريا الديمقراطيةالتي عرفت اختصاراً باسم “قسد”، مع تأكيد الولايات المتحدة نيتها تقديم أسلحة لمجموعة عسكرية مختارة بغرض محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
ومنذ البداية، تم التعريف بأن “قسد” مدعومة بشكل مباشر من الولايات المتحدة، وأنها تشكّلت لتصبح الشريك المحلي لقوات التحالف الدولي المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية.
ما هي الفصائل المنضوية تحت مظلة “قسد”؟
اختلفت الآراء حول البنية الأساسية لقوات سوريا الديمقراطية، فبينما يرى البعض أنها ذات غالبية كردية وتشكّل وحدات حماية الشعب الكردية ” YPG” عمودها الفقري، يعتبر البعض الآخر أن عدد المقاتلين العرب هو الغالب في بنية “القوات”.
ووفقاً لوزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، فإن الأكراد يشكلون 40% من “قسد”، بينما يمثّل العرب 60%، بينما تؤكد مصادر خاصّة لنا من داخل شرق الفرات أن نسبة العرب في صفوف “القوات” لا تتجاوز 30% فقط، وهم من المقاتلين في الدرجات الدنيا، حيث لا يوجد أيّ قيادي عربي في المستويات العليا لـ “قسد”.
أبرز الجماعات المنضوية تحت لواء قسد
أما أبرز الجماعات المنضوية تحت لواء “قسد” فهي:
جيش الثوار الذي تأسس عام 2015 في عفرين، ويضم كلاً من جبهة الأكراد واللواء 99 والعمليات الخاصة 455 ولواء السلاجقة وأحرار الزاوية ولواء السلطان سليم ولواء شهداء أتارب ولواء التحرير، وبعض هذه المجموعات لم يعد نشطاً اليوم، أو انحلّ وانضمّ لمجموعات أخرى.
كما تضم “قسد” قوات الصناديد التي يقودها الشيخ حميدي دهام الهادي، وينتشرون في ريف ناحية اليعربية في المنطقة الحدودية مع العراق.
ويوجد أيضاً غرفة عمليات بركان الفرات التي تضم عدداً من الألوية والفصائل والأفواج العسكرية وتتبنى شعار الجيش السوري الحر، وقد تأسست في مدينة عين العرب بريف حلب عام 2014.
وينضوي تحت “قسد” أيضاً تجمع ألوية الجزيرة وهي قوات عاملة في منطقة رأس العين بريف الحسكة.
إلى جانب تلك الفصائل توجد وحدات حماية الشعب الكردية التي تأسست من مجموعات متفرقة مؤيدة لحزب العمال الكردستاني وتتبع هذه الوحدات لحزب العمال الكردستاني الذي يقوده عبد الله أوجلان.
كما يوجد وحدات حماية المرأة الكردية، وهي الجناح النسائي من وحدات حماية الشعب، وتمثل جزءاً أساسياً من قوات سوريا الديمقراطية.
وتضم “قسد” أيضاً المجلس العسكري السرياني الذي نشأ في مدينة القامشلي عام 2012 ويقدّر عدد مقاتليه بنحو 70 مقاتلاً حسب تقرير للمركز العربي للدراسات.
من يقود التنظيم؟
يعرف “مظلوم عبدي” بأنه القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، إلا أن اسمه الحقيقي هو فرهاد عبدي شاهين، وُلد في مدينة عين العرب بريف حلب عام 1967، ويُعرف باستخدامه المستمر للأسماء الحركية. انضم مظلوم عبدي إلى حزب العمال الكردستاني (PKK) في سوريا عام 1990، وكان صديقاً شخصياً لزعيم الحزب عبدالله أوجلان.
ألقت السلطات السورية القبض على مظلوم عبدي عدة مرات بسبب نشاطه السياسي، وبعدما أفرج عنه في آخر مرة غادر إلى أوروبا عام 1997، وبقي هناك حتى الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، عندما عاد إلى إقليم كردستان العراق لتولي مسؤوليات سياسية.
أهداف قوات سوريا الديمقراطية
حملت قوات سوريا الديمقراطية شعاراً يتكون من خريطة سوريا بيضاء بخلفية صفراء، ويوجد داخلها نهر الفرات ملوناً بالأزرق ومكتوب عليه “قوات سوريا الديمقراطية” باللغة العربية والكردية والسريانية.
وعلى موقعها الإلكتروني أكدت “قسد” أنها تسعى إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، منها: الدفاع عن حدود الوطن والمجتمع ضد الاعتداءات الخارجية، إضافة إلى التعاون والتنسيق مع قوات التحالف الدولية والقوات الصديقة والحليفة لمكافحة الإرهاب، ومكافحة جرائم الإرهاب والتجسس وتفكيك شبكات الإرهاب، والتدخل السريع والحاسم للسيطرة على الأحداث الأمنية في مختلف المناطق التي تسيطر عليها، وضبط الحدود وحمايتها.
كما تهدف القوات إلى المساهمة في إزالة الألغام والأجسام المشبوهة التي خلفتها الجماعات الإرهابية بالتعاون مع المنظمات الدولية الفاعلة في هذا المجال. إضافة إلى امتلاك “قسد” مجموعة من الأهداف الإنسانية حسب قولها، تتعلق بمساعدة المحتاجين عند حدوث كوارث طبيعية.
اقرأ أيضاً: ماذا يعني اتفاق سلطة دمشق وقسد؟
هزيمة داعش و100 ألف مقاتل
بعد تأسيسها، خاضت “قسد” مجموعة من المعارك بدعم من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية شمال شرق سوريا، وتمكنت من السيطرة على مساحات واسعة شرق الفرات وأرياف حلب؛ ومن أشهر معاركها ضد التنظيم معركة عين العرب/كوباني في عام 2015. واستمرت المعارك، حتى العام 2019، عندما تم الإعلان عن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، بعد معركة الباغوز الشهيرة في ريف دير الزور.
ومنذ ذلك الوقت تحافظ “قسد” على وجودها العسكري والسياسي في مناطق شرق سوريا، في حين لا يزال عدد المقاتلين في صفوفها يثير تساؤلات عديدة، فبينما تقول مصادر محلية إن العدد يتراوح بين 50 ألفاً إلى 75 ألف مقاتل، أكد مظلوم عبدي في تصريحات نشرتها صحيفة ذا تايمز البريطانية، أن قواته مكوّنة من 100 ألف عنصر.
وإلى جانب سيطرتها على حقول النفط والغاز شرق الفرات والاستفادة من عوائدها المالية، فإن “قسد” تحصل على حصة دعم مالي سنوي من دول التحالف الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركيّة التي خصّصت 542 مليون دولار من ميزانية وزارة دفاعها عام 2023 لبرنامج “تدريب وتجهيز” القوات الشريكة لها في سورية والعراق.
ولا يزال مصير قوات سوريا الديمقراطيةفي المستقبل القريب مجهولاً، رغم الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع سلطة دمشق الشهر الماضي، ويعود ذلك إلى الموقف الأميركي المتردد في البقاء داخل الأراضي السورية والحديث عن نية دونالد ترامب – Donald Trump سحب قواته منها، إضافة إلى الموقف التركي السلبي من التعامل مع “قسد”، لأن أنقرة تعتبر القوات امتداداً لحزب العمال الكردستاني المصنّف في تركيا على أنه منظمة “إرهابية”، فكيف سيكون مصير قوات سوريا الديمقراطية في قادم الأيام؟
اقرأ أيضاً: القواعد الأميركية في سوريا.. أين تنتشر؟ وما مصيرها اليوم؟