“امرأة واحدة تموت كل دقيقتين حول العالم بسبب الحمل أو الولادة”، إحصائية صادمة أعلنتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف – UNICEF“، ما يشير إلى تراجع كبير في صحّة النساء في العالم، وعدم تمكّنهن من الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، وخاصّة في المناطق التي تتأثر بالصراعات مثل سوريا، وهنا يبرز مشهد مخيمات الشمالي ليؤكد حقيقة الإحصائيات الأممية.
وتعاني النساء الحوامل في مخيمات الشمال السوري من نقص الخدمات الطبية الأساسية وسوء النظام الغذائي، والضغط الناتج عن ازدحام المنطقة بالنازحين، وتراجع أعداد المراكز الطبية المختصّة.
ودفعت تلك العوامل معظم الأمهات للتخلّي عن تناول الأدوية، الأمر الذي انعكس سلباً على صحة الأم وجنينها في غالب الأحيان.
أعداد ضخمة وغياب التمويل
كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في نهاية عام 2024، أن أكثر من مليوني نازح يعيشون في أكثر من 1500 مخيم وموقع غير رسمي شمال غرب سوريا، بينما تؤكد مصادر أخرى أن عدد المخيمات يصل إلى نحو 1900 مخيم، ويشكّل عدد الأطفال نسبة تقارب 60% من إجمالي سكان المخيمات، ومع عدم توفر عدد دقيق للعائلات، إلا إن البيانات تشير إلى أن ما بين 12% إلى 17% من الأسر ترأسها نساء، وتعد تلك العائلات من بين الفئات الأكثر ضعفاً وتعرضاً للخطر.
وتفتقر نحو 87% من المخيمات إلى أبسط مقومات العيش، حيث تغيب المياه النظيفة والرعاية الصحية والتغذية المناسبة عن القاطنين في تلك المخيمات.
وتؤكد الشبكة السورية أن 660 مخيماً تفتقر بشكل كامل إلى خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة، مع تهالك وقدم البنية التحتية، لتجاوز أعمار أكثر من 40% من المخيمات 5 سنوات، وحاجتها لإعادة تأهيل للممتلكات، الطرق، والمرافق العامة.
العام الماضي، تفاقمت معاناة قاطني المخيمات مع إعلان المنظمات الدولية خفض التمويل بنسبة تراوحت بين 35% و40%، وهو ما أدى إلى تقلّص كميات المساعدات الواردة إلى المخيمات بشكلٍ حادّ، الأمر الذي ينذر بكارثة إنسانية قادمة.
سوء التغذية
أدت الأوضاع المعيشية المتردية بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة، إلى إصابة الكثير من النساء بأمراض سوء التغذية، وحرمت نسبة كثيرة من الأمهات من إرضاع أطفالهن بشكلٍ طبيعي، في وقت يعجزن عن تأمين الحليب الصناعي البديل بسبب الظروف المادية الصعبة، مع تفشي الفقر والغلاء وندرة فرص العمل.
وبحسب “اليونسيف” يتراوح معدل سوء التغذية لدى الأمهات 11% في شمال غرب سوريا بينما ترتفع النسبة إلى 25% في شمال شرق البلاد.
وساهم اعتماد أهالي المخيمات على مصادر مياه غير صحيّة على تفاقم أزمة سوء التغذية بين النساء والأطفال، حيث ساهم نقص التمويل، في عدم القدرة على تحقيق الاستجابة الضرورية لترميم البنية التحتية بحسب مصادر من داخل المخميات.
الرعاية الصحية تزداد سوءاً
كشفت منظمة “منسقو استجابة سوريا” في آخر إحصائية لها عام 2024، أن عدد المشافي والمراكز الصحية المتضررة في شمال غرب سوريا بلغ 161 منشأة، فيما بلغ عدد التي لا تحوي أيّ نقطة طبية أو مشفى 1378 مخيماً.
واكدت المنظمة صعوبة نقل المرضى حتى إلى المستشفيات القريبة، إذ أن وضع معظم النازحين المادي متردٍ، وهم غير قادرين على تأمين العلاج الذي تتطلبه الحالات الطبية دون استثناء.
إلى ذلك، أعلنت مديرية صحة إدلب عن توقف الدعم المقدم في عدد من المراكز الصحية الموجودة ضمن المخيمات نتيجة ضعف إمدادات الأدوية والمواد الطبية.
وأشارت المديرية إلى أن 40 مركزاً صحياً توقف عنه الدعم بشكل كامل من أصل 99، فيما بلغ عدد المشافي التي توقف عنها الدعم 16 مشفى من أصل 53، منها مستشفيات في مدن حارم وكفرتخاريم وباب الهوى وإدلب.
ويفرض الواقع المعيشي والصحي في مخيمات شمال غرب سوريا ضرورة تحرك الحكومة السورية الجديدة لمعالجة هذا الملف، عبر التواصل مع المنظمات الدولية الإنسانية لتأمين المستلزمات الضرورية لهذه المخيمات بشكلٍ عاجل، بالإضافة إلى إعداد خطط طوارئ لتحسين جودة الحياة في المخيمات، تمهيداً لإيجاد مساكن دائمة لقاطنيها في المستقبل القريب.
اقرأ أيضاً: حر الصيف ينشر جدري الماء في مخيمات الشمال السوري