في موقف لافت، خرج مجلس الأمن الدولي عن صمته بإصدار بيان شديد اللهجة أدان من خلاله أعمال العنف التي هزّت الساحل السوري مؤخراً، وبشكل خاص محافظتي اللاذقية وطرطوس، منذ السادس من آذارمارس الجاري. وأشار البيان بشكل واضح وصريح إلى حالات القتل الجماعي التي وقعت ضد المدنيين، «خاصةً تلك المرتكبة ضد أبناء الطائفة العلوية»، إلى جانب استهدافٍ ممنهج طال المستشفيات والمرافق المدنية.
البيان لم يكتفِ بالإدانة فقط، بل طالب بشكل مباشر السلطات السورية الانتقالية بوقف فوري لأعمال العنف والتحريض، محذراً من خطورة تصاعد التوتر الطائفي. وفي خطوة غير مسبوقة، أكد المجلس على ضرورة القضاء على تهديد «الإرهابيين الأجانب»، محذراً من أن خطرهم يمتد إلى أبعد من سوريا ليشمل المنطقة بأكملها، مما يتطلب تعاوناً عاجلاً بين الدول الأعضاء لاحتواء هذا الخطر المتزايد.
دعوات إنسانية عاجلة
الجانب الإنساني كان حاضراً بقوة في إعلان مجلس الأمن، حيث طالب البيان جميع الأطراف في سوريا باحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مشدداً على أهمية السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن وغير مقيد إلى كل المتضررين. كما وجّه المجلس دعوة واضحة للسلطات الانتقالية في سوريا إلى حماية جميع السوريين دون تمييز أو تفرقة على أساس الانتماء العرقي أو الديني أو المذهبي.
ولم يغفل البيان التأكيد على ضرورة تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في هذه الجرائم المروعة، على أن تعمل اللجنة بشفافية تامة، وتحدد المسؤولين وتحاسبهم منعاً لتكرار هذه المآسي مستقبلاً.
اقرأ أيضاً: «محضر تفاهم» خاص بالسويداء.. وعِقدٌ يحمّل الشرع أمانة الساحل!
الإرهاب الأجنبي والمطالب الدولية
خصص البيان فقرة كاملة لمواجهة خطر «الإرهابيين الأجانب» المنتشرين في الأراضي السورية، داعياً بشكل عاجل إلى اتخاذ تدابير فعالة للقضاء على هذا الخطر، مشيراً إلى التهديدات الجسيمة التي تشكلها هذه الجماعات الإرهابية على سوريا وعلى المجتمع الدولي بأسره. وأعاد المجلس التذكير بالقرارات الدولية السابقة التي تلزم سوريا بالتصدي لهذا الخطر، ومن أبرزها القرارات رقم (2253، 2254، 2396، 1267).
مسار سياسي عاجل
اختتم مجلس الأمن إعلانه بتجديد الدعوة إلى ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة بقيادة السوريين أنفسهم وتحت إشراف الأمم المتحدة، بما يتوافق مع القرار 2254 الصادر عام 2015. وأكد على أهمية أن تضمن هذه العملية حقوق كل السوريين بمختلف طوائفهم وأعراقهم، في إشارة واضحة إلى أهمية المصالحة الوطنية والانتقال السياسي.
اقرأ أيضاً: موجات نزوح كثيفة من الساحل السوري نحو شمال لبنان
ورحّب البيان في الوقت ذاته بالجهود التي يبذلها المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، مؤكداً دعم المجلس الكامل للأمم المتحدة في مساعيها لإنهاء الأزمة، وتحقيق انتقال سياسي يضمن الحفاظ على وحدة وسيادة واستقلال سوريا، ويحمي الشعب السوري من أية انتهاكات جديدة.
ختاماً، يبقى السؤال مطروحاً حول مدى استجابة الأطراف السورية لهذه المطالب الدولية، وما إذا كان هذا الإعلان سيترجم إلى خطوات عملية توقف نزيف الدم السوري المستمر منذ سنوات.