مع بداية الأسبوع الحالي، دخلت قوات الجيش السوري الجديد إلى سد تشرين في ريف حلب الشرقي، تنفيذاً للاتفاق المبرم بين سلطة دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، والذي يقضي بتسليم إدارة السد إلى الحكومة السورية لوقف المعارك شمال البلاد، فما هي أهمية سد تشرين؟
الأسبوع الماضي، دخلت الفرق الفنية التابعة للحكومة السورية إلى سد تشرين لإجراء عمليات الصيانة والتأهيل تمهيداً لإعادة خدماته، خاصّة أنه يغذي مناطق واسعة من ريف حلب والرقة بالمياه والكهرباء.
ما هو سد تشرين؟
على بعد 90 كيلومتراً شرق مدينة حلب، يقع سد تشرين أحد أهم المشاريع المائية في البلاد، والذي أنشئ على نهر الفرات عام 1999، حيث استغرق بناؤه نحو 8 سنوات بتكلفة 22 مليار ليرة سورية في تلك الفترة.
يبلغ ارتفاع السد 25 متراً، وطوله يصل إلى 900 متر، فيما تبلغ سعته التخزينية 1.9 مليون متر مكعب من المياه، كما يعتبر ثاني أكبر محطة كهرمائية لتوليد الطاقة في سوريا.
ويقع السد في منطقة استراتيجية تربط بين محافظات حلب والرقة والحسكة، كما أنه يعدّ مصدراً حيوياً للطاقة والمياه، حيث يولد الكهرباء للشمال السوري ويمدّ مناطق واسعة بمياه الري والشرب، ما جعله شريان حياة أساسي للسكان ولقطاع الزراعة.
إلى ذلك، تكمن الأهمية الاستراتيجية للسد في البحيرة الضخمة التي تشكلت بعد بنائه، فهي تحتوي على كميات كبيرة من المياه العذبة المجمعة من نهر الفرات، وتعد بحيرة سد تشرين واحدة من أكبر البحيرات الصناعية في سوريا.
اقرأ أيضاً: المياه المعدنية في سوريا.. من الكماليات إلى الضرورات
أقسام سد تشرين
يتألف سد تشرين من ثلاثة أقسام رئيسية، هي:
1. السد الرئيسي الذي يمتد على طول 900 م، ويقع في منطقة ضيقة من وادي نهر الفرات.
2. السدة الفيضانية التي تقع على يمين المحطة الكهربائية وهي منفذّة بردميات بحصية رملية بالطريقة الجافة ومكساة ببلاطات من الباطون في الوجه الأمامي وبطبقة من البحص الخشن في الجهة الخلفية، وتعمل هذه السدة كصمام أمان للسد الرئيسي والمحطة الكهرومائية في حال حدوث فيضانات كارثية.
3. المحطة الكهرومائية التي تحتوي على ست مجموعات توليد من نوع كابلان مع متمماتها، استطاعة كل منها 105 ميغاواط، وباستطاعة إجمالية للمحطة 630 ميغاواط.
كما يوجد أيضاً بحيرة سد تشرين وتغطي مساحة تُقدّر بحوالي 160 كم² عند امتلائها بالكامل. ويذكر أن السد يُعتبر واحداً من السدود الرئيسية على نهر الفرات، إذ توجد العديد من السدود الأخرى المبنية على مجرى النهر في تركيا وسوريا والعراق.
اقرأ أيضاً: الحسكة: إشراقة جديدة وعهد جديد لسوريا المصغرة
اتفاق حلب
بداية الشهر الحالي، تم التوصل إلى اتفاق بين “قسد” وسلطة دمشق حول حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، يقضي بانسحاب عناصر قوات سوريا الديموقراطية من الحيّين إلى شرق الفرات، ودخول الجيش السوري الجديد إليهما.
ولاحقاً، خرجت أرتال تضم عناصر من قوات سوريا الديموقراطية يرفقها الأمن العام إلى مناطق شرق الفرات، في حين بدأ الاتفاق بين الطرفين بعملية تبادل المعتقلين.
اتفاق قسد وسلطة دمشق
وفي آذار الماضي، وقّع رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي اتفاقاً يقضي بدمج قسد ضمن مؤسسات الدولة السورية.
ونصّ الاتفاق بين الطرفين على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة ضمن العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية. وأكد على أن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.
وتضمن الاتفاق وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، مع دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز.
وبحسب ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية السورية فإن الاتفاق ينصّ على ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلادهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية، مع رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري، إضافة إلى دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها.
وتشكّل عودة سد تشرين إلى سلطة الحكومة السورية الجديدة فرصة محورية لإنعاش واقع الكهرباء في البلاد، وتأمين مياه الشرب بشكلٍ متواصل لأحياء مدينة حلب السكنية، وأيضاً إيصال المياه إلى محافظات الحسكة والرقة، كما أن الاتفاق يُعتبر تمهيداً لسيطرة سلطة دمشق على حقول النفط والغاز شرق الفرات، تنفيذاً للاتفاق الموقع بين الطرفين في آذار الماضي، فهل تشهد الأيام القادمة دخول الفرق الحكومية إلى حقول الجزيرة السورية؟
اقرأ أيضاً: سد “تشرين” يعود للعمل “مؤقتاً” لتوفير تغذية الكهرباء بالحد الأدنى