في مشهد جديد يضاف إلى تعقيدات المشهد السوري، ظهر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يوثق مجموعة من العناصر الذين يرتدون الزي العسكري، يتوسطهم شخص يقرأ بياناً يعلن فيه انضمام مجموعة شبابية من بلدة الغارية إلى المجلس العسكري في السويداء، متعهدين بالدفاع عن أرضهم وعِرضهم ضد أي تهديد قد يواجههم.
لم تمضِ سوى ساعة على نشر هذا البيان حتى تناقلت وسائل الإعلام خبراً حول «تشكيل مجلس عسكري جديد في السويداء»، في إشارة إلى أن الخطوة «تطوراً لافتاً» في مسار الأحداث، وأعقب ذلك بيان من كيان الاحتلال الإسرائيلي يحمل تحذيرات مفادها، أن «(إسرائيل) لن تسمح بوجود هيئة تحرير الشام أو أي قوات أخرى تابعة للحكام الجدد في جنوب سوريا».
ونقلت وسائل إعلام عن رئيس وزراء حكومة الكيان، بنيامين نتنياهو، تصريحاً خلال حفل تخريج في إحدى الكليات العسكرية، قال فيه إنه حكومته ترفض دخول «قوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد إلى الأراضي الواقعة جنوب دمشق»، مطالباً بنزع كامل للسلاح في محافظات درعا، القنيطرة، والسويداء، وأضاف أن كيانه المزعوم «لن يتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا»، مما زاد من التوتر في المنطقة.
وفي تطور متصل، أصدرت كبرى الفصائل العسكرية في السويداء، ممثلة بـ «غرفة عمليات الحسم» و«العمليات المشتركة»، بياناً نفت فيه شرعية المجلس العسكري الذي أُعلن عنه حديثاً، مؤكدة أنه لا يمثل سوى من أصدره، وحملت الجهات القائمة عليه المسؤولية عن أي تبعات قد تترتب على هذا الإعلان.
اقرأ أيضاً: المليحي: تراث السويداء في طبخة
اجتماعات لضم فصائل السويداء للجيش السوري الجديد
من جهتها، أكدت مصادر محلية أن نشاط المجلس العسكري يتركز في بعض مناطق ريف السويداء الجنوبي دون امتداد واضح في بقية أنحاء المحافظة، وأن قائد هذا المجلس طارق الشوفي، وهو ضابط منشق عن الجيش السوري السابق، وسبق أن تعاون مع تجمعات سياسية تدعو لنظام حكم لا مركزي في سوريا.
وفي سياق متصل، نقلت شبكة «السويداء 24» معلومات عن اجتماع جرى في دمشق بين ممثلين عن الفصائل المسلحة في السويداء ووزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، في إطار سلسلة اجتماعات تهدف إلى ضم الفصائل المسلحة في السويداء إلى الجيش السوري الجديد، وتأتي هذه اللقاءات في ظل مساعٍ لإنشاء تشكيل عسكري في السويداء يضم أبناء المحافظة والمنطقة الجنوبية.
حكمت الهجري: المجلس لا يمثلنا!
وفي تعليقه على الحدث، كان قد رفض الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في سوريا، هذا المجلس العسكري، واصفاً إياه بـ «الانفصالي»، ومؤكداً أن «القائمين عليه لم يحصلوا على أي تفويض شرعي من أبناء الطائفة».
من جهة أخرى، أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي ردود فعل غاضبة في أكثر من محافظة سورية، حيث انطلقت دعوات شعبية لتنظيم مظاهرات ووقفات احتجاجية رفضاً لمطالبة الكيان الإسرائيلي بجعل جنوب سوريا منطقة منزوعة السلاح وإقصاء “الجيش السوري الجديد” عن المنطقة. فقد شهدت السويداء، درعا، والقنيطرة حراكاً جماهيرياً واسعاً، بينما تركزت الدعوات في السويداء على تظاهرة مقررة يوم غد الثلاثاء الخامس والعشرين من شباط، عند الساعة الثانية عشرة ظهراً في ساحة المحافظة.
اقرأ أيضاً: حوار السويداء: مطالبات بدستور يلغي مفهوم الأقليات لصالح المواطنة
وفي السياق ذاته، أصدر اتحاد النقابات والاتحادات المهنية في السويداء بياناً استنكر فيه التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، داعياً إلى وقفة احتجاجية في ساحة الكرامة، وجاء في البيان، الذي نقلته وكالة «آرام نيوز»، أن الاتحاد يرفض بشكل قاطع الادعاءات الإسرائيلية بشأن حماية سكان الجنوب السوري، مؤكداً أن أبناء جبل العرب هم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوري، ولن يقبلوا بأي وصاية خارجية.
وشمل البيان توقيع عدد كبير من النقابات والاتحادات المهنية، منها نقابة المهندسين، المحامين، الأطباء، المعلمين، والصحفيين، إضافة إلى اتحادات العمال والفلاحين والكتاب العرب، ما يعكس موقفاً موحداً ضد التدخل الإسرائيلي في الشأن الداخلي السوري.
هذا وامتدت الدعوات للتظاهر إلى مناطق أخرى، حيث أطلق أهالي درعا دعوة للخروج يوم غد الثلاثاء، بينما شهدت القنيطرة دعوات منفصلة للخروج اليوم الاثنين، كما نظمت مجموعة من الناشطين والمنظمات الأهلية السورية دعوات لوقفات احتجاجية في دمشق، اللاذقية، حمص، السويداء، القنيطرة، ودرعا، تأكيداً على رفضهم للانتهاكات الإسرائيلية والمطالبة بتنفيذ قرار فض الاشتباك لعام 1974 وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع الأراضي السورية المحتلة دون شروط.