في خطوة جديدة أعادت أذهان السوريين إلى ماضي الأيّام، أصدر الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع قراراً بمنح مكافأة مالية استثنائية بمناسبة عيد الفطر المبارك، تشمل كلاً من الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين في الدولة، في ظل واقع اقتصادي مرير ما زال يطرح الكثير من الأسئلة حول المستقبل والحياة في البلاد.
تفاصيل المنحة
جاء القرار الذي حمل الرقم (6) لعام 2025 ليمنح العاملين في مؤسسات الدولة، من مدنيين وعسكريين، مكافأة مالية لمرة واحدة تعادل راتب شهر كامل. كما شملت هذه المكافأة جميع المتقاعدين المدنيين والعسكريين، تعادل أيضاً معاش شهر كامل. وأكد القرار بشكل واضح أن هذه المنحة تشمل جميع أنواع التوظيف، سواء كانوا موظفين دائمين أو مؤقتين أو عاملين بنظام الأجر اليومي.
وتضمن القرار نصاً واضحاً يعفي هذه المنحة من أية اقتطاعات أو ضرائب، بهدف ضمان حصول المستفيدين على كامل قيمتها دون نقص.
وفيما يتعلق بالمدرسين المكلفين بأجور ساعات التدريس من خارج الملاك، أكدت وزارة المالية السورية في تصريحات لجريدة الوطن السورية أنه يشترك لصرف المنحة ألا يقل نصاب ساعات التدريس للمكلف عن 6 ساعات تدريس فعلية أسبوعية وتمنح بمقدار الحد الأعلى لفئته.
اقرأ أيضاً: سوريا بين عهدين.. وقفة مع «مجلس الأمن القومي»!
الواقع المعيشي.. ما وراء المنحة
تأتي هذه الخطوة في ظل واقع اقتصادي لا يزال يعاني منه السوريون بشكل كبير، رغم تحسن نسبي حدث مؤخراً مع فتح حركة التجارة بين سوريا من جهة وتركيا والأردن من جهة أخرى. ويرى الخبير الاقتصادي السوري عبد الناصر الجاسم أن متوسط نفقات الأسرة السورية انخفض إلى نحو سبعة ملايين ليرة شهرياً، مقارنةً بما يزيد عن 11 مليون ليرة في الفترات السابقة حسب تقديره.
ومع ذلك، فإن الجاسم يحذر من أن النفقات اليومية للمواطن السوري، خاصة المتعلقة بالغذاء، ما زالت مرتفعة نسبياً، إذ تصل إلى حوالي 100 ألف ليرة يومياً، وهو ما يعادل حوالي ثلث متوسط الدخل الشهري، ما يجعل الحاجة ملحة إلى اتخاذ خطوات جادة لزيادة الرواتب والأجور.
التحديات الاقتصادية.. بين الأجور والإنتاج
من جهته، يرى الباحث الاقتصادي أسامة قاضي أن قرار المنحة، رغم إيجابيته على المدى القصير، لا يمثل حلاً جذرياً لمشاكل الاقتصاد السوري. وأكد قاضي أن الاتفاق الأخير مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وإعادة استثمار عوائد النفط، سيساهم في تعزيز موارد الخزينة العامة، لكن ذلك وحده غير كافٍ لإصلاح جذري.
وحذر قاضي من تبعات أي زيادة في الرواتب لا ترتبط بشكل واضح بتحسن مستويات الإنتاج المحلي. فالزيادات المالية التي لا يرافقها ارتفاع في الإنتاجية، قد تؤدي إلى آثار تضخمية تزيد من حدة الأزمة الاقتصادية.
اقرأ أيضاً: انخفاض التضخم في سوريا.. بين المؤشرات الإيجابية والتحديات المستمرة
الربط بين الأجور والتضخم.. ضرورة اقتصادية
وفي إطار الحلول المقترحة، يشدد قاضي على أهمية أن تكون زيادة الرواتب ديناميكية، بحيث ترتبط بشكل مباشر بتغيرات السوق والأسعار، وليس وفق آليات ثابتة كما كان سائداً خلال عهد الأسد. فالمطلوب، بحسب رأيه، هو معالجة جذرية للاختلالات البنيوية في الاقتصاد السوري، وليس مجرد إجراءات إسعافية قصيرة المدى.