لم يكن ظهور رجل الأعمال السوري، وقائد فصيل “صقور الصحراء” شبه العسكري في عهد النظام السابق، محمد جابر على شاشة قناة “المشهد” حدثاً عابراً، فالرجل اعترف علانية بأنه كان مشرفاً ومنسّقاً عسكرياً للهجمات التي استهدفت قوى الأمن العام في الساحل السوري خلال آذار الماضي بالتعاون مع العميد في جيش نظام الأسد غياث دلة.
وخلال اللقاء، قال جابر إن الهجمات على الأمن العام كانت رداً على الانتهاكات بحق المدنيين من أبناء الطائفة “العلوية” في سوريا، حيث طلب البعض منه المساعدة لمواجهة الانتهاكات اليومية التي يتعرّضون لها، لكنه لعب دور الإشراف على العملية فقط، بينما كشف جابر أن من قاد العملية ضد الأمن العام هو العميد غياث دلة.
وأوضح جابر خلال اللقاء أنه غادر سوريا منذ العام 2016، عقب خلافات مع رئيس النظام بشار الأسد، الذي أصدر قراراً بحلّ فصيل “صقور الصحراء”.
من هو محمد جابر؟
ينحدر محمد جابر من قرية الشلباطية بريف اللاذقية، وتقول بعض التقارير إنه عمل منذ شبابه في التهريب، ليتقرّب لاحقاً من عائلة الأسد عن طريق فواز الأسد، وهو ابن عم بشار الأسد.
أصبح جابر مع الوقت “اليد اليمنى” لفواز ومدير عملياته، وأسسا مع شقيقه أيمن جابر، الشركة العربية للحديد في منطقة جبلة.
في بداية الحرب داخل سوريا، أطلق محمد جابر على نفسه لقب “المجاهد”، وأسس عام 2013 فصيل “صقور الصحراء”، الذي شارك في عشرات المعارك ضد فصائل المعارضة السورية، من ريف دمشق إلى ريف حماة وصولاً إلى بادية حمص.
كما شارك فصيل “صقور الصحراء” بعمليات عسكرية مع فصيل “مغاوير البحر” الذي أسسه أيمن جابر شقيق محمد، وخاصّة في أرياف حمص ودير الزور، بعد أن حصلا على دعم روسي من أجل حماية حقول النفط والغاز.
بعد دخول روسيا على خط الحرب في سوريا عام 2015، حصل محمد وأيمن جابر على دعم مالي وعسكري وروسي، وكشفت بعض التقارير أن موسكو كلّفت فصيلهما بحماية حقول النفط والغاز إلى جانب قوات “فاغنر” الروسية.
استمر محمد جابر في لعب دور محوري مع شقيقه حتى العام 2017، عندما أصدر رئيس النظام بشار الأسد قراراً بدمج “صقور الصحراء” ضمن ما يُعرف بالفيلق الخامس، إلا أن جابر كشف خلال المقابلة الأخيرة مع “المشهد” أنه غادر البلاد قبل عام من قرار الحلّ.
في العام 2018، أصدر الأسد أيضاً قراراً بالحجز على أموال أيمن جابر، وتمت مداهمة مراكزه وممتلكاته، كما أشيع خبر انتقاله لأوكرانيا.
جرائم حرب
منذ العام 2016، يقيم محمد جابر في روسيا، ويتمتع بجنسيتها، كما حصل على تسهيلات من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد استبعاده من قبل بشار الأسد، وفق ما أوضح خلال لقائه على قناة “المشهد”.
وتتهم منظمات حقوقية وإنسانية محمد جابر بالإشراف المباشر على عمليات القتل والتعذيب التي ارتكبها فصيل “صقور الصحراء” بحق المدنيين، إضافة إلى عمليات القتل خارج نطاق القانون، والاستهداف الممنهج لمدن وبلدات سوريّة مختلفة.
وأمام الوقائع التي كشف عنها محمد جابر حول ما جرى في الساحل السوري، والدور الذي لعبه خلال الحرب، يعود الحديث عن كيفية تحقيق العدالة الانتقالية داخل سوريا في ظل وجود أبرز رجالات الحرب خارج البلاد، والكثير منهم يتمتع بالحصانة السياسية من جهات دولية!
اقرأ أيضاً: هل ستشهد سوريا صداماً تركياً – «إسرائيلياً» على أراضيها؟!