الأربعاء 2 شباط/فبراير 2022
سوريا اليوم – القامشلي
مع ساعات الصباح يغلق حنيف شيخو (60 عاماً) باب خيمته ويتوجه برفقة زوجته إلى دكانه المخصص لبيع أدوات المطبخ البلاستيكية في سوق مخيم برخدان بريف حلب الشمالي.
ويجلس في دكانه المتواضع في سوق المخيم حتى حلول المساء، متحملاً الظروف الجوية القاسية في ظل افتقار دكانه لمدفأة، آملاً أن يبيع عدة قطع تساعده على شراء ما تحتاجه عائلته من خضراوات وخبز ومواد غذائية أخرى.
لكن الفراغ الذي يشعر به نتيجة بقائه لساعات طويلة دون أن يرتاد دكانه أحد، يعيد ذاكرته إلى حياته في قرية سيويا التابعة لناحية ماباتا بريف عفرين، فقد كان يملك مئات من أشجار الزيتون ويعتمد على موسمها لتدبر أموره المعيشية، لينتهي به الحال اليوم في مخيم يفتقر لأغلب مقومات الحياة.
نزح “شيخو” من قريته بعد دخول قوات المعارضة السورية بدعم من الجيش التركي لعفرين، ويعيش حالياً مع زوجته وابنه في مخيم برخدان في بلدة فافين الخاص بنازحي عفرين منذ أربع سنوات.
وبعد فشله في إيجاد فرصة عمل تساعده على تدبر أموره المعيشية، عمل الرجل الستيني بمساعدة زوجته التي تصغره 15 عاماً على تجهيز دكان من بقايا قطع الأقمشة والنايلون المهترئة، واستخدم كراتين مصنوعة من الورق لترتيب محتويات الدكان، بحسب ما يقول تحقيق نشرته وكالة “نورث برس” المحلية السورية (معارضة) اليوم الأربعاء.
ويعتمد نازحون من منطقة عفرين على مشاريع صغيرة بسيطة في مخيمات النزوح بريف حلب الشمالي لإعالة عائلاتهم بعد أن كانوا أصحاب مشاريع وأراضٍ زراعية تضم المئات من الأشجار.
“حالنا لم يكن هكذا”
وفي العشرين من كانون الثاني/يناير عام 2018، شنت قوات المعارضة السورية المدعومة بالجيش التركي هجوماً برياً وجوياً على عفرين تحت ذريعة طرد الجماعات “الإرهابية”، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردي وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حمايةً لأمن تركيا القومي.
وتقول “نورث برس” إن القصف المدفعي والجوي، حينها، الذي لم يتوقف على مدار 58 يوماً، تسبب بمقتل 498 مدنيّاً وإصابة أكثر من 696 آخرين منهم 303 أطفال و213 امرأة، وفقاً لما وثقته منظمات ومراكز حقوقية تنشط في شمال شرقي سوريا.
كما أدى الاجتياح التركي لتهجير أكثر من 300 مدني من المنطقة، بحسب إحصائية الإدارة الذاتية لإقليم عفرين العاملة حالياً بريف حلب الشمالي، والتابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) المقرب من حزب العمال الكردستاني (PKK) المناوئ لتركيا.
وتوزع قسم من النازحين في مخيمات العودة وعفرين وبرخدان وسردم وشهبا، بينما توزع آخرون على 42 قرية وبلدة بريف حلب الشمالي.
في حين فضلت عائلات أخرى العيش في مدن وبلدات سورية أخرى، لا سيما التي تديرها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وهاجر آخرون لخارج البلاد.
ويتحسر “شيخو” على ما آلت إليه حاله بعد النزوح، فالخيمة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها عدة أمتار، باتت منزلاً له ودكانه المرقع بأقمشة بات مصدر رزقه بدلاً من 500 شجرة زيتون كان يمتلكها في قريته، ويقول “حالنا لم يكن هكذا”.
ويضيف، بينما يشير بيديه إلى سقف الدكان وجدرانه “هذا هو حالنا الآن، الدكان سقفه وجدرانه عبارة عن بطانيات وأكياس، لا نستطيع تبديلها بأحجار البلوك لضعف الإمكانات”.
ويصف الرجل الستيني حالهم في المخيم بـ”السيئ جداً، فأوضاعنا صعبة جداً، ليست هناك فرصة عمل”.
ويشتكي نازحو عفرين من سوء أوضاعهم المعيشية بسبب غلاء الأسعار بشكل غير مسبوق، في ظل انعدام شبه تام لفرص العمل والحصار المفروض على الجغرافية التي يتوزعون بها.
إمكانات ضعيفة
وأنشأ إبراهيم علي (42 عاماً) وهو نازح من مدينة عفرين بجانب خيمته في مخيم سردم بقرية تل سوسين بريف حلب الشمالي، مشتلاً صغيراً للورود والأزهار، كالياسمين والريحان وبعض أنواع الأشجار المثمرة كالتين والليمون والبرتقال.
ويعتمد “علي” على المشتل الذي لا تتجاوز مساحته أربعة أمتار، في كسب قوت عائلته التي تتألف من ستة أفراد.
ويقول الرجل الأربعيني بينما يغطي التراب ثيابه “أبيع الورود والأشجار في الأسواق، المبيع جيد أثناء الأعياد حيث يشتري السكان الورود أثناء زيارة مقابر ذويهم”.
ولكنه يشير إلى أن إمكاناته المادية الضعيفة لا تسمح له بتوسيع مشروعه “فشراء البذار والأكياس وبعض أنواع من الأزهار التي يتم توصيتها من حلب تتطلب الكثير من المال”.
وفي ذات المخيم، افتتحت حميدة مصطفى (42 عاماً) وهي نازحة من ناحية جنديرس بريف عفرين، محلاً لبيع الألبسة في سوق المخيم.
وتقول السيدة الأربعينية التي ترتدي معطفاً أسود اللون وتلف رأسها بوشاح يقهيا من الهواء الباردة “بعد نزوحنا من ديارنا لم نجد أمامنا عمل، عشنا أياماً عصيبة واجهنا فيها الفقر والجوع”.
ولم تجد “حميدة” وهي والدة لأربعة أطفال، خياراً سوى جمع أحجار البلوك من المنازل المدمرة بريف حلب الشمالي وبناء دكان وبيع الملابس، لتعيل به عائلتها.
لكنها تشتكي من قلة حركة البيع لديها، وتقول بينما كانت الساعة تشير إلى الثانية عشر ظهراً “إلى الآن لم أبع قطعة واحدة”.
وتضيف، بينما كانت تجلس أمام باب دكانها وتواجه البرد بدون مدفأة “تمر أيام وأحياناً أسابيع دون أن أتمكن من بيع قطعة واحدة”، وترجع ذلك إلى غلاء الأسعار وضعف القدرة المالية للنازحين.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.