أكدت مؤسسة توزيع الكهرباء في سوريا بدء وصول الغاز القطري إلى شبكة الغاز السورية وبدء العمل بإقلاع العنفات، حيث سيتم ضخ 2 مليون متر مكعب من الغاز يومياً لتوليد 400 ميغاواط من الطاقة الكهربائية.
وكشفت المؤسسة أن عملية الضخ ستصل إلى عدد كبير من المحطات منها: محطة دير علي والناصرية، مع التنويه إلى أن “دير علي” من المحطات الحديثة والجاهزة للعمل، حيث تبلغ قدرة العنفة الواحدة في المحطة حوالي 200 ميغاواط، لذلك سيتم تشغيل عنفتين بقدرة حوالي 400 ميغاواط، وبناء على الكميات الواردة ستزيد حصة المواطن من 3 ساعات حتى 4 ساعات بشكل يومي في معظم المناطق.
ولفتت المؤسسة إلى أن المنحة القطرية مدّتها 3 أشهر قابلة للتجديد، ويجري العمل على خطط إضافية لتحسين واقع التوليد ضمن محطات التوليد الكهربائي الأخرى.
وكانت دولة قطر أعلنت قبل أيام عن مبادرة إنسانية بتوجيه من أمير البلاد بهدف توفير إمدادات من الغاز الطبيعي إلى سوريا عبر الأراضي الأردنية لمدة محددة للمساهمة في توليد طاقة كهربائية بدءاً من 400 ميغاواط ورفعها تدريجياً.
وبحسب وكالة الأنباء القطرية فإن المبادرة المقدّمة من صندوق قطر للتنمية، تستهدف المساهمة في معالجة النقص الحادّ في إنتاج الكهرباء داخل سوريا، وتحسين أداء البنية التحتية في البلاد.
وعقب الإعلان القطري قال وزير الكهرباء السوري عمر شقروق إن دولة قطر ستساهم بدعم قطاع الطاقة في سوريا، عبر توفير 2 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً، بهدف توليد 400 ميغاواط إضافية من الكهرباء، ما يؤدي إلى تحسين التغذية الكهربائية وزيادتها بمعدل ساعتين إلى 4 ساعات يومياً، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على الحياة اليومية للمواطنين ودعم القطاعات الحيوية في البلاد.
وذكر الوزير السوري أن الإمدادات القطرية من الغاز ستنتقل عبر الخط العربي الذي يمر من الأراضي الأردنية.
اقرأ أيضاً: نهضة الرياضة السورية والدعم القطري والسعودي
خسائر بالمليارات
كشفت تقارير حكومية جديدة أن قطاع الكهرباء في سوريا تعرّض لخسائر كبيرة خلال السنواو الماضية، حيث دُمِّرت 59 محطة تحويل بالكامل، وخرجت مئات خطوط التوتر العالي عن الخدمة، في حين تعرضت المحطات لعمليات نهب وسرقة، وبيع معدّاتها في أسواق الخردة.
وبحسب التقديرات الرسمية، فقد بلغت الخسائر المباشرة لقطاع الكهرباء نحو 40 مليار دولار أمريكي، في حين تجاوزت الخسائر غير المباشرة 80 مليار دولار.
وأدت الخسائر الكبيرة إلى انخفاض إنتاج الكهرباء عام 2023 بنسبة 29%، ليصل إلى 12.9 مليار كيلوواط/ساعة، مقارنة بإنتاج عام 2022 البالغ 18.22 مليار كيلوواط/ساعة، ويمثّل ذلك تراجعاً بنسبة 74% مقارنة بإنتاج عام 2011.
تُظهر الإحصائيات الرسمية عن الوضع الكهربائي في سوريا أن إعادة إنعاش هذا القطاع الحيوي تتطلب جهوداً استثنائية لتعويض الخسائر والأضرار التي تعرّض لها، مع البحث عن حلول مستدامة تضمن إعادة تشغيل المحطات الكهربائية، وتحسين مستوى الخدمة، بما يسهم في إعادة بناء القطاع الكهربائي في البلاد.
اقرأ أيضاً: دمشق تحت رحمة الأمبيرات.. تلوث بيئي وتكاليف ترهق كاهل الأسر
تحديات كبيرة
يواجه قطاع الكهرباء في سوريا تحديات كبيرة نتيجة تهالك البنية التحتية، وخروج عشرات المحطات وخطوط التوتر العالي عن الخدمة، وهو ما تحاول الحكومة المؤقتة تعويضه من خلال جذب استثمارات عربية وأجنبية لترميم وتأهيل المحطات السورية.
وكشفت وزارة الكهرباء السورية جزءاً من حجم الأزمة التي تعاني منها البلاد، إذ لا تتجاوز القدرة الإنتاجية الحالية 1300 ميغاواط، في حين تحتاج سوريا إلى نحو 6500 ميغاواط لتلبية الطلب الكلّي من الطاقة الكهربائية، بينما تعيق العقوبات الاقتصادية تأمين قطع الغيار وإجراء أعمال الصيانة الضرورية للمحطات وخطوط النقل والتوزيع.
وبحسب المؤسسة العامّة لنقل وتوزيع الكهرباء في سوريا، فإن رفع القدرة الإنتاجية إلى 4000 ميغاواط على المدى القصير سيكون من خلال إعادة تأهيل المحطات المتضررة، عبر تعزيز التعاون مع الدول العربية والدولية لتوفير الدعم المالي والتقني اللازم للنهوض بالقطاع الكهربائي.
ويعتمد تشغيل المحطات الكهرباء الرئيسية في سوريا على الغاز الطبيعي والفيول، وهي تعمل اليوم بحدود 6 – 6.5 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، وهو أقل بكثير من الحاجة الكلّية البالغة 23 مليون متر مكعب.
وتعتمد سوريا أيضاً على السدود المائية الرئيسية لتوليد الكهرباء، مثل سد الطبقة الذي يُنتج 880 ميغاواط، وسد تشرين الذي يُنتج 630 ميغاواط، وسد البعث الذي يُنتج 81 ميغاواط، لكن إنتاج هذه المحطات يُغذي مناطق شمال وشمال شرق سوريا، وربما يكون الاتفاق مع قوات سوريا الديموقراطية مقدمة لدمج إنتاج هذه المحطات ضمن الشبكة الكهربائية السورية في المستقبل القريب.
وعلى صعيد الطاقة المتجددة، فلا يزال الاعتماد عليها في الحدود الدُنيا، وتشمل مشاريع صغيرة نسبياً مثل محطة الطاقة الشمسية في مدينة حسياء الصناعية بريف حمص والتي تُنتج 30 ميغاواط، والعنفات الريحية التي توّلد نحو 2.5 ميغاواط.
ويؤدي النقص الحادّ في الإنتاج إلى انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يومياً، ما أثّر بشكل سلبي على مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية في البلاد، في وقت يشكّل فيه تخفيف العقوبات الاقتصادية الغربية، وفتح باب الاستثمار أمام الشركات العربية والأجنبية فرصة لإنعاش واقع الكهرباء داخل سوريا.
اقرأ أيضاً: تحديات اقتصادية بالجملة.. الفقر في سوريا يصل لمستويات قياسية!