وسط التحولات السياسية التي تشهدها الساحة السورية، برزت اتفاقية حلب الأخيرة كنقطة تحوّل مهمة في مسار العلاقات بين الحكومة السورية الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).. فما تفاصيل الاتفاق الجديد؟ وما هو موقعه ضمن الاتفاق الشامل بين الجانبين؟ وما هي ضمانات نجاح الاتفاق الشامل وبلوغ أهدافه؟ أسئلة نحاول الإجابة عنها عبر المقال التالي…
تفاصيل الاتفاقية وأهدافها
في الأول من نيسان/أبريل الجاري، أُعلن عن اتفاق بين المجلس المدني لحيي الأشرفية والشيخ مقصود واللجنة المكلفة من رئاسة الجمهورية السورية. نصّ الاتفاق على إعادة الحيين إلى إدارة الحكومة السورية مع احترام الخصوصية الاجتماعية والثقافية لسكانهما، وهم في الغالب من السوريين الأكراد. كما تضمن الاتفاق انسحاب القوات العسكرية التابعة لقسد من الحيين، وتسليم المهام الأمنية لقوات الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية السورية، مع منع أي مظاهر مسلحة في المنطقة.
السياق السياسي للاتفاق مع قسد
يأتي هذا الاتفاق في إطار تنفيذ البنود المتفق عليها بين الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، وقائد «قسد»، مظلوم عبدي، في العاشر من آذار/مارس 2025. يهدف هذا الاتفاق الأوسع إلى دمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة لقسد ضمن هيكل الدولة السورية، مع ضمان حقوق جميع المكونات السورية، بما في ذلك المجتمع الكردي، في المشاركة السياسية والإدارية.
وعلى الرغم من الترحيب النسبي بالاتفاق الشامل، كانت قد أبدت بعض الأطراف داخل الإدارة الذاتية في مناطق شمال شرق سوريا تحفظات على سلوك السلطة السياسية اللاحق فيما بعد، معتبرة أن الإعلان الدستوري وتشكيل الحكومة الجديدة في دمشق لم يراعيا التنوع الوطني السوري بشكل كافٍ، ما يشير إلى أن هذا التباين في المواقف ينطوي على تحديات مستقبلية قد تواجه تنفيذ الاتفاق بشكل سلس.
اقرأ أيضاً: مظلوم عبدي يهنئ الرئيس الشرع.. واتفاق على دمج قسد بالجيش السوري
الخطوات المطلوبة لضمان نجاح الاتفاق
لا شك أن الخطوة الأولى في تنفيذ الاتفاق والتي جرت في حلب، هي خطوة مهمة، لكن الأكثر أهمية أن يمضي الاتفاق بين الجانبين حتى يصل إلى منتهاه مع نهاية الفترة المحددة لتطبيقه (نهاية العام 2025)، ولضمان ذلك، يبدو من الضروري العمل باتجاه تشكيل لجان مشتركة تضم ممثلين عن الحكومة السورية وقسد والمجتمعات المحلية، لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق ومعالجة أي عقبات قد تنشأ.
بالإضافة لذلك، يرى البعض أنه سيكون من المفيد ضمان الشفافية والمساءلة في جميع العمليات المتعلقة بإعادة الإدماج والانسحاب العسكري لضمان بناء الثقة بين جميع الأطراف، فيما تعد النقطة الأساسية والأكثر جوهرية في الأمر، هي مضي السلطة السياسية الجديدة بخطوات جدية تعكس الشراكة السياسية الحقيقية بين قوى سوريا السياسية والمجتمعية بشكل عام، بما فيها قوات سوريا الديمقراطية، إذ أن الضامن الوحيد لثبات الاتفاق وعدم انهياره هو هذه الشراكة الحقيقية بالضبط. إذ أن هذه الشراكة التي ينشدها كثر من السوريين ستكون مفتاحاً حقيقياً للتمثيل العادل لها في المؤسسات الحكومية المختلفة.
ختاماً، لا بدّ من القول إن الاتفاق بين الحكومة السورية وقسد بشأن حيي الأشرفية والشيخ مقصود يعدّ خطوة مهمة نحو تعزيز التعايش السلمي وإعادة بناء الثقة بين مختلف المكونات السورية، فيما يبقى الأمل بأن تشهد الأيام القليلة القادمة خطوات أخرى في الاتجاه نفسه…