في مشهد جديد من المشاهد «السريالية» التي تكثر مؤخراً، نشرت «الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا» بتاريخ السابع من نيسان الجاري خبراً رسمياً نقلاً عن «مصدر مسؤول في وزارة الخارجية»، يقول فيه إن وزير الخارجية أصدر قراراً يقضي بنقل كلٍ من سفيري سوريا في روسيا والسعودية إلى «الإدارة المركزية» في دمشق، وذلك في إطار «حركة التغييرات الدبلوماسية التي بدأت للتو».
أضاف المصدر أنّ تسيير شؤون السفارتين سيتم عبر القائم بالأعمال إلى أن تصدر التعيينات الرسمية من قبل رئيس الجمهورية.
وبما أن هذه التصريحات صدرت عن وكالة الأنباء الرسمية، يمكن للمواطن العادي أن يتنفس قليلاً ويقول بثقة: إذاً القرار صحيح.
لكنّ الأمور لم تسر كما توقع العقل البسيط. فبعد أقل من 24 ساعة، نقلت وسائل إعلام مختلفة، منها رسميّة روسيّة، بأنّ الحساب الرسمي لسفارة سوريا في موسكو على «تلغرام» وضع منشوراً ودّع فيه السفير بشار الجعفري بحرارة، وكتب فيه بالحرف: «نتمنى التوفيق للسفير الجعفري في مكان عمله الجديد الإدارة المركزية في دمشق.. الجميع في انتظاركم على أحر من الجمر، سورية بحاجة لخبرتك يا أسد الدبلوماسية.. تقبل التهاني والتبريكات في أوقات عمل السفارة».
منشور بدا وكأنّه صادرٌ عن موظف في السفارة حزين على الفراق أكثر من الجعفري نفسه، ولا ينقصه سوى إرفاق صورة جماعية مع باقة ورد وكعكة وداعية.
لكن سرعان ما عادت السفارة وأعلنت بجدّية كاملة، وفقاً لوسائل الإعلام، أنّ حسابها قد تم تهكيره، وأن هذا المنشور ليس منها، وأنها طلبت من إدارة «تلغرام» كشف هوية المخترق.
وهكذا، أمام المواطن السوري اليوم خياران لا ثالث لهما:
-
إما أن يصدق «سانا» التي أعلنت القرار نقلاً عن مصدر رسمي،
-
أو يصدق السفارة التي قالت إن الخبر كاذب، ومنشور تلغرام كان نتيجة اختراق.
مع العلم أنّنا في سوريا اليوم 24، بعد زيارة عدّة مواقع، وصفحات فيس بوك، وصفحات تلغرام، يُفترض بأنّها رسمية تعود إلى السفارة السورية في موسكو، لم نتمكن من إيجاد البيانات التي تمّ الإعلان عنها، ولهذا فعلى الأرجح تمّ حذفها، خاصة أنّ وكالة تاس الروسية قد نقلت نفي السفارة الروسية في موسكو من مصدر في السفارة!
وإذا كان كلا المصدرين رسميين، فإن التناقض بينهما يطرح سؤالاً مشروعاً: هل نُقِلَ الجعفري فعلاً، أم أن الاختراق طال وزارة الخارجية نفسها، فكان إعلان المصدر المسؤول كأنّه لم يكن؟
اقرأ أيضاً: قوات سوريا الديمقراطية.. كل ما تريد معرفته عنها؟