لطالما كان الخبز المدعوم في سوريا أحد أهم ركائز الأمن الغذائي، حيث تعتمد شريحة واسعة من المواطنين عليه كمصدر رئيسي للغذاء، إلا أن التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد فرضت تغييرات جذرية في سياسات الدعم، كان آخرها تقليل وزن ربطة الخبز من 1500 غرام إلى 1200 غرام.
هذه الخطوة أثارت جدلاً واسعاً بين الناس، وبين الجهات الرسمية والعمال في قطاع المخابز، حيث اعتبرتها الحكومة إجراءً ضرورياً للحفاظ على المخزون الاستراتيجي للقمح، بينما رأى العاملون في القطاع أنها تؤدي إلى خسائر كبيرة على مستوى الإنتاج.
وزن ربطة الخبز: رأي الحكومة
في تصريحات خاصة لموقع «صوت العاصمة»، أوضح محمد صيادي، مدير المؤسسة السورية للمخابز، أن تقليل وزن ربطة الخبز يهدف بالدرجة الأولى إلى الحفاظ على المخزون الاستراتيجي للقمح في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. وأضاف أن تراجع الدعم الحكومي نتيجة انخفاض الموارد المالية جعل من الصعب الاستمرار في تمويل الخبز بالسعر المدعوم، ما أدى إلى ارتفاع أسعاره تدريجياً.
وأشار صيادي إلى أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تسعى إلى تطوير الأفران العامة عبر تحديث خطوط الإنتاج وإعادة هيكلة الكوادر، مؤكداً أنه جرى ترخيص 60 فرناً خاصاً جديداً في محافظة حماة لدعم الإنتاج وتلبية الطلب المتزايد. كما لفت إلى أن تحرير بيع الخبز أدى إلى زيادة الطلب عليه، ما دفع الأفران للعمل لساعات إضافية لتغطية الاحتياجات، ورغم ارتفاع الأسعار، بقي الإقبال مرتفعاً، الأمر الذي تسبب بازدحامات في بعض المخابز.
اقرأ أيضاً: الحكومة السورية تلغي دعم الخبز عن دور الأيتام والعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة
وفيما يخص إعادة تأهيل الأفران في المناطق الريفية، أوضح صيادي أن الجهات المعنية تعمل على إعادة تأهيل عدة أفران، حيث تم الانتهاء من إعادة تأهيل مخبزي يلدا وببيلا، مع استمرار العمل على مخبز جديدة عرطوز لدعم توفر الخبز في تلك المناطق. وعلى الرغم من هذه التحديثات، أكد صيادي أنه لا توجد خطط رسمية لاستخدام الطاقة الشمسية أو مصادر بديلة للمازوت في تشغيل الأفران.
تداعيات تصغير الرغيف على قطاع المخابز
في المقابل كان لعمال المخابز وجهة نظر أخرى، إذ يرى عمال المخابز أن تقليل حجم الرغيف تسبب بخسائر اقتصادية هائلة، حيث زاد استهلاك المازوت بشكل كبير، وقالوا إنّ «إنتاج الطن الواحد من الخبز كان يستهلك بين 55 إلى 60 لتر مازوت سابقاً، لكنه أصبح يستهلك بين 80 إلى 100 لتر بعد تصغير الرغيف.. كما أن إنتاج طن الطحين كان يحتاج إلى ساعة ونصف بالحد الأقصى، أما الآن، فقد بات يستغرق أكثر من ثلاث ساعات، مما يؤدي إلى زيادة استهلاك الوقود وخسائر إضافية».
اقرأ أيضاً: إياد الجعفري: العمالة السورية في ميزان الاقتصاد التركي
وأدى هذا التغيير أيضاً إلى انخفاض القدرة الإنتاجية للمخابز من وجهة نظرهم، حيث «كانت تنتج سابقاً بين 14 إلى 16 طناً خلال 24 ساعة، أما حالياً، فلا تتجاوز القدرة الإنتاجية 9 أطنان فقط، مما يؤثر بشكل مباشر على تلبية احتياجات السكان» على حدّ قولهم. ومع ازدياد عدد السكان في دمشق نتيجة عودة العديد من الأسر إلى المدينة، تزداد الضغوط على المخابز التي تواجه صعوبات كبيرة في تلبية الطلب وفق ما جاء عبر صفحة النافذة الذكية على «فيسبوك».
ختاماً، ومع تصاعد الجدل حول هذه التغييرات، نشير إلى أن عمال المخابز يعتبرون أن العودة إلى حجم الرغيف الكبير «لم تعد ممكنة»، حيث أن «السورية للمخابز» تعمل على تركيب خطوط إنتاج جديدة تتناسب مع المقاس الجديد للرغيف، وهو ما يعتبر استثماراً كبيراً سيكلف الدولة خسائر إضافية وفق رؤيتهم.