الثلاثاء 20 نيسان/أبريل 2021
سوريا اليوم – متابعات
أنهى النظام السوري الجدل والتكهنات، حول الانتخابات الرئاسية في سوريا، إذ عقب إعلان مجلس الشعب عن تحديد موعد الانتخابات في 26 أيار/مايو المقبل، طُرحت تساؤلات عن مشاركة السوريين فيها، ومدى شرعيتها الداخلية، نظراً لعدم مشاركة شريحة واسعة من السكان في تلك الانتخابات.
وعلى الرغم من أن موقف المعارضة السورية كان واضحاً، بأن تلك الانتخابات عبارة عن مسرحية، فإن المجتمع الدولي منقسم إزاء التعامل معها، بين شرق (روسيا والصين وإيران ودول أخرى) ترى الانتخابات استحقاقاً دستورياً، وبين غرب (أمريكا والاتحاد الأوروبي) يعتبرها غير شرعية ولن تؤدي إلى تطبيع العلاقات مع النظام السوري ما لم ينخرط في عملية سياسية تنهي الأزمة السورية المستمرة منذ 10 سنوات.
الائتلاف الوطني: مسرحية لا قيمة لها
واعتبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أن الانتخابات الرئاسية لعام 2021 “مسرحية انتخابية، لا قيمة قانونية ولا سياسية ولا شرعية لها، بحسب ما نقل موقع تلفزيون سوريا.
وقال الائتلاف في بيان صدر الأحد، إن النظام مستمر في إنجاز مخططه الرامي إلى تنفيذ “مسرحية انتخابية”، وحمّل المجتمع الدولي مسؤولية “تمادي النظام وإصراره على ضرب الحل السياسي عرض الحائط، فهو لا يجد نفسه مضطراً لإجراء أي تعديل في جدول أعماله ومخططاته في ظل غياب الضغوط المطلوبة وفشل الأطراف الدولية في اتخاذ مواقف جادة لدعم الحل السياسي”.
وأضاف أن “ما يخطط له النظام وحلفاؤه من مسرحية انتخابات، هو مهزلة صريحة، حيث يمتلك نظام الأسد أسوأ سجل في حقوق الإنسان ويتربع في قاع مؤشر الحرية على مستوى العالم”.
وأشار البيان إلى أن النظام “لم يقم بإجراء أي عملية ديمقراطية نزيهة منذ استيلائه على السلطة بانقلاب عسكري، فسوريا لم تعرف أي انتخابات حقيقية منذ 1963”.
وطالب المجتمع الدولي باتخاذ “إجراءات تحرم النظام من خيارات التهرب والتعطيل، وتجبره على الدخول في حل سياسي حقيقي وفق قرارات مجلس الأمن الدولي وعبر هيئة حكم انتقالي تتمتع بالصلاحيات التنفيذية الكاملة”.
وختم البيان بالقول إن خيار الانتخابات الوحيد المقبول في سوريا “لن يكون مجرم الحرب بشار الأسد طرفاً فيه”، مشدداً على إجراء عملية انتخابية “تتسق بشكل تام مع القرار 2254، بحيث يتم تمهيد الأجواء المناسبة والآمنة، وتهيئة الظروف القانونية والعملية لإجراء اقتراع تعددي، وضمان نزاهة العملية وشفافيتها تحت إشراف دولي محايد، وبمشاركة جميع السوريين في الخارج والداخل”.
مسد: انتخابات غير شرعية وبلا مصداقية
ويتناغم موقف المعارضة السورية مع موقف “الإدارة الذاتية” من الانتخابات الرئاسية، كون الطرفين (المعارضة والإدارة الذاتية) يسيطران على مساحات واسعة من البلاد، ويبلغ تعداد السكان في مناطقهما نحو 6 ملايين نسمة وفق إحصائيات غير رسمية.
وحيال تلك الانتخابات قالت سينم محمد – ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) في العاصمة الأميركية واشنطن – في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا، إنّ الانتخابات الرئاسية المقبلة غير شرعية، وليست ذات مصداقية، لأنّ الكثير من السوريين لن يشاركوا في تلك الانتخابات”.
وأضافت أن المهجّرين واللاجئين السوريين في دول اللجوء، فرّوا من بطش نظام الأسد، ولن يشاركوا أيضاً في تلك الانتخابات وبالتالي فإن شريحة واسعة من السوريين في الداخل والخارج سيكونون مقاطعين لتلك الانتخابات التي ينوي النظام المضي بها في أيار/مايو المقبل.
وحيال احتمالية سماح الإدارة الذاتية للنظام بإجراء الانتخابات في مناطق سيطرتها شمال وشرقي سوريا، قالت ممثلة “مسد” إنّ الإدارة الذاتية لم تصدر أي بيان بشأن تلك الانتخابات، وبالتالي لا يمكن الغوص حالياً في تلك الفرضية.
وأشارت “محمد” إلى أنّ الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أجراها النظام في السنوات الأخيرة، اعتمدت على صناديق وُضعت في مناطق يسيطر عليها، ولم تدخل تلك الصناديق إلى مناطق تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وأنّ المشاركة في تلك المناطق اقتصرت على المدنيين القاطنين في مناطق يسيطر عليها “النظام” بمحافظة الحسكة.
5.5 ملايين سوري لن يشاركوا في الانتخابات
وبحسب خريطة النفوذ والسيطرة فإن منطقتين رئيسيتين ستقاطعان تلك الانتخابات الرئاسية، وستكون المشاركة محصورة في مناطق يسيطر عليها “النظام”، حيث تشير بعض الإحصائيات غير الرسمية إلى أنّ نحو 2.5 مليون سوري في شمال شرقي وشمال غربي سوريا لن يشاركوا في الانتخابات، فضلاً عن نحو 3 ملايين سوري يمتلكون حق الانتخاب لن يشاركوا بها أيضاً في دول اللجوء.
كذلك فإنّ المناطق التي يسيطر عليها “النظام”، تفتقد عنصر الشباب، لأنّ كثيراً منهم ترك تلك المناطق لأسباب أمنية أو هرباً مِن بطش النظام، فالاعتماد على السكّان هناك سيفقد تلك الانتخابات صوت الناخب الرئيسي الذي غادر بلاده لأسباب كثيرة.
على الصعيد الدولي فإن الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، والتي تجري على أساس دستور 2012، تفتقد للشرعية الدولية، لرفض الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية الاعتراف بأيّة انتخابات في سوريا لا تجري وفق القرارات الدولية، وبإشراف الأمم المتحدة، لكن إقرار موعد الانتخابات يفند جميع الروايات التي كانت تتحدث عن ضغوط روسية على “الأسد” لتأجيل الانتخابات، وسط تعطل عمل اللجنة الدستورية المشكّلة التي يتمثل فيها النظام والمعارضة والمجتمع المدني، والتي عقدت حتى الآن خمس جولات في جنيف دون إحراز تقدم يُذكر على صعيد تعديل الدستور السوري أو كتابة دستور جديد.