الخميس 22 نيسان/أبريل 2021
سوريا اليوم – دمشق
تحولت الأرض السورية اليوم الخميس إلى ساحة تفاوض بالنار بين كل من إيران وإسرائيل، عبر قصف متبادل. فقد قُتل ضابط في الجيش السوري وأصيب آخرون جراء القصف الإسرائيلي فجر اليوم الخميس على قاعدة للدفاع الجوي في منطقة الضمير، شرق العاصمة السورية دمشق، في وقت تثور تساؤلات حول حقيقة الصاروخ الذي سقط في صحراء النقب جنوبي فلسطين المحتلة، والذي وصفه متحدث عسكري إسرائيلي بأنه “صاروخ طائش”، بحسب ما ذكرت صحيفة العربي الجديد.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن ضابطا في قوات النظام السوري برتبة ملازم أول قتل جراء القصف الإسرائيلي على قاعدة الضمير، فيما أصيب 3 بجراح خطرة.
كما أسفر القصف الإسرائيلي عن تدمير بطاريات للدفاع الجوي، فيما حاولت قوات النظام إطلاق صواريخ أرض-جو، وتمكنت من إسقاط بعض الصواريخ الإسرائيلية.
وكان مصدر عسكري تابع للنظام، قال إن “العدو الإسرائيلي نفذ عدوانًا جويًا برشقات من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل، مستهدفًا نقاطًا في محيط دمشق، ما أسفر عن إصابة أربعة جنود ووقوع خسائر مادية”، مضيفًا: “تصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت معظمها”.
من جهته، قال الاحتلال الإسرائيلي إن الهجوم على قاعدة الضمير جاء على خلفية سقوط صاروخ أرض- جو في صحراء النقب جنوبي فلسطين المحتلة أطلق من هذه القاعدة.
وتشير مصادر المعارضة السورية إلى أنه تنتشر في منطقة الضمير مقرات ومستودعات للأسلحة تابعة للمليشيات الموالية لإيران.
صاروخ “إيراني” في النقب؟
وسبق الغارات الإسرائيلية على الضمير، وإطلاق الصاروخ على النقب، سماع دوي انفجار عنيف، تلته عدة انفجارات متوسطة في مدينة الرحيبة بالقلمون الشرقي لريف دمشق، فجر اليوم، تبين أنها ناجمة عن انفجارات في مستودعات ذخيرة تابعة لـ”اللواء 20″ ضمن “الفرقة الثالثة” في جيش النظام، والواقعة على أطراف مدينة الرحيبة، حيث شوهدت ألسنة اللهب تتصاعد من مستودعات الذخيرة لنحو 3 ساعات، قبل أن تتمكن قوات النظام من السيطرة على الحرائق.
ويرى مراقبون أن سقوط الصاروخ في منطقة النقب، حيث يقع المفاعل النووي الإسرائيلي ديمونا، قد تكون إيران خلفه، في مؤشر على أن طهران باتت تستخدم الأراضي السورية كصندوق بريد لإسرائيل.
ووفق المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في سلسلة تغريدات على “تويتر” اليوم الخميس، فإن جيش الاحتلال “رصد إطلاق صاروخ أرض-جو من داخل سورية سقط في منطقة النقب، وردا على ذلك هاجمت قواتنا بطارية الدفاع الجوي التي أطلقت الصاروخ، وبطاريات صواريخ أرض-جو أخرى داخل الأراضي السورية”.
وأضاف أدرعي: يجري “الحديث عن صاروخ أرض- جو أطلق من سورية وتجاوز هدفه وانزلق نحو إسرائيل، ولم يطلق ليستهدف منطقة معينة”، في محاولة كما يبدو لتحجيم الموضوع الذي أثار انتقادات شخصيات ووسائل إعلام داخل إسرائيل لفشل منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي في اعتراض الصاروخ، وماذا يمكن أن يحدث لو أنه أصاب مفاعل ديمونا.
ويشير سقوط الصاروخ في منطقة النقب، حيث يقع مفاعل ديمونة، إلى أنه ربما يكون رسالة إيرانية رداً على الهجوم الذي استهدف مفاعل نطنز الإيراني يوم 11 الشهر الحالي.
وتداول مستخدمون في مواقع التواصل الاجتماعي مقطعًا مصورًا، قالوا إنه للحظة انفجار صاروخ سوري استهدف مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي.
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن انفجار هز المنازل في تلك المنطقة.
وذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن جيش الاحتلال نشط أنظمة دفاعه الجوي في محاولة لاعتراض الصاروخ، لكن المحاولة باءت بالفشل.
وقال رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان، في تعليق على إطلاق الصاروخ من سورية، إن “قوة الردع سحقت، وبنيامين نتنياهو غفا في نوبة الحراسة، لأنه مشغول بمسائله الشخصية”، وفق موقع صحيفة “معاريف” الإسرائيلية.
وأضاف ليبرمان أن “الوضع الذي يطلق فيه صاروخ مع رأس حربي يزن 200 كلغ باتجاه إسرائيل، كان يمكن أن ينتهي على نحو مختلف تماماً”.
تشكيك إيراني في الرواية الإسرائيلية
من جهتها، تداولت وسائل إعلام إيرانية غير رسمية رواية أخرى لما جرى خلافا للرواية الإسرائيلية.
وذكر موقع “رجا نيوز” الإيراني المقرب من المحافظين أن ما ذكرته إسرائيل “غير دقيق”، وأن الصاروخ الذي تحدثت عنه إسرائيل لا يمكنه قطع هذه المسافة، مشيرة إلى أن الصاروخ هو من نوع “فاتح 110″، قادر على حمل رؤوس متفجرة، وهو صاروخ من طراز أرض-أرض، وليس أرض-جو، مثلما أعلن جيش الاحتلال.
وقد تفاعلت وسائل إعلام إيرانية غير رسمية على نطاق واسع مع ما ذكره موقع “رجا نيوز”، وأشارت إلى أن “ما جرى قرب مفاعل ديمونا رسالة لإسرائيل بأن مناطقها الحساسة ليست محصنة”، ووصفت الرواية الإسرائيلية بشأن الصاروخ بأنها “تحتوي على ثغرات واضحة”، وأن وصف الصاروخ بـ”الطائش” مضحك للخبراء.
ولم تتطرق وسائل إعلام النظام إلى الجهة التي أطلقت الصاروخ الذي سقط في منطقة النقب، حيث يقع المفاعل النووي الإسرائيلي.
وهذه هي المرة الأولى التي يستهدف فيها صاروخ، أطلق من الأراضي السورية، عمق الأراضي الفلسطينية الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي.
صحف إسرائيلية: رسالة إيران تطور خطير
ورأت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ سقوط الصاروخ، الذي أطلق، فجر اليوم الخميس، من سورية، بالقرب من ديمونا في صحراء النقب، يعد “تحولاً خطيراً” على صعيد الصراع بين إسرائيل وإيران، بحسب العربي الجديد.
وفي تحليل نشرته، اليوم الخميس، تساءلت صحيفة “غلوبس” إن كان الصاروخ “السوري” قد انحرف عن مساره وسقط في النقب بشكل غير مقصود، أم أنّ هذا التطور يعكس “تلميحاً إيرانياً”.
وقالت الصحيفة إنه حتى لو كان ما صدر عن الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنّ الصاروخ سقط في محيط ديمونا بشكل غير مقصود صحيحاً، فإنّ هذا التطور “خطير ويشي بطابع التصعيد الذي تشهده المواجهة الإيرانية الإسرائيلية السورية”.
وأشارت إلى أنه على الرغم من أنّ سورية “ممزقة ودامية”، إلا أنّ جيشها يملك منظومات صواريخ من إنتاج روسي بإمكانها أن تصل إلى أي نقطة في إسرائيل، وضمنها أهداف استراتيجية وأمنية بدقة إصابة عالية.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ التجربة دلّت على أنّ الصواريخ من طراز “SA5″، الذي أطلق اليوم، تنحرف عن مسارها في حال لم تتمكن من إصابة الطائرات التي أطلقت لاستهدافها.
وحسب الصحيفة، فإنّ لإيران دافعية كبيرة للمسّ بإسرائيل، بوصفها عدوها الأساس والقوي، والتي تقود كل “أعداء” طهران الآخرين في الجهود الهادفة لمواجهة برنامجها النووي، لافتة إلى أنّ هذه الدافعية تفاقمت أخيراً في أعقاب الهجوم الذي استهدف منشأة نطنز النووية الإيرانية، واغتيال عالم الذرة الإيراني محسن فخري زادة، ومع تواصل حرب السفن المتبادلة في البحر الأحمر والخليج “الفارسي”.
وبحسب الصحيفة، فإنّ بعض وسائل الإعلام الإيرانية المرتبطة بالحكم في طهران طرحت أخيراً إمكانية أن يتم استهداف مفاعل ديمونا كرد على استهداف نطنز.
واستدركت الصحيفة بأنّ إيران تخشى تبعات المبادرة بشن هجوم مباشر على إسرائيل، وتترك هذه المهمة لمنظمات مرتبطة بها، سواء في سورية، أو لبنان، أو قطاع غزة.
ووفق الصحيفة، فإنّ رواية الجيش الإسرائيلي بأنّ الصاروخ الذي سقط في النقب انحرف عن مساره، وأن سقوطه في المنطقة لم يكن مقصوداً، “تبدو صحيحة، لأنّ إيران غير معنية بتهديد فرص رفع العقوبات الأميركية عنها من خلال مفاوضات فيينا، من خلال المبادرة بشن هجوم مباشر على إسرائيل”.
لكن الصحيفة من ناحية ثانية، تشير إلى أنّ التجربة تدل على أنّ إيران يمكن أن تتبنى استراتيجية “حافة الهاوية”، بهدف تعزيز مواقفها التفاوضية.
أما صحيفة “جيروزاليم بوست”، فقد اعتبرت سماع صفارات الإنذار في ديمونا وأصوات الانفجارات وسط إسرائيل “تجسد كل المخاوف التي تقلق الإسرائيليين”.
وفي تقرير نشره موقعها، شددت الصحيفة على أنّ هذا التطور يدل على خطورة المواجهة الدائرة حالياً بين إسرائيل وإيران، مشيرة إلى أنّ ما يفاقم هذه الخطورة أنّ لدى إيران خبرات في استخدام الطائرات المسيرة في تنفيذ عمليات هجومية.
وأبرزت أنّ آخر هجوم بطائرات مسيرة نفذته إيران ضد إسرائيل وقع، في فبراير/ شباط 2018، وانطلق من سورية، في حين تعرضت إسرائيل لهجوم بصاروخ أطلق من سورية في مارس/ آذار من العام نفسه.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ إيران نقلت إلى العراق وسورية تقنيات تحسن من دقة إصابة الصواريخ، إلى جانب تسليح “حزب الله” اللبناني بصواريخ بعيدة المدى.
واسترجعت الصحيفة ما كشفته مجلة “نيوزويك” الأميركية في 2018 من أنّ إيران زودت المليشيات الحوثية في اليمن بطائرات مسيرة قادرة على الوصول إلى إسرائيل.
من ناحيتها، اعتبرت صحيفة “يديعوت أحرنوت” أنّ حادثة اليوم “تدل على مدى حساسية الأوضاع على الجبهة الإيرانية الإسرائيلية”، وأنّ عملية واحدة يمكن أن تقود إلى اتجاهات مختلفة وغير مقصودة.
وفي تعليق أعده المعلق العسكري رون بن يشاي، قدرت الصحيفة أنه “لا يوجد نية بالتصعيد” لدى كل من إسرائيل وإيران وحلفائها في سورية ولبنان.