الأحد 16 أيار/مايو 2021
سوريا اليوم – دمشق
في الوقت الذي أكدت فيه حركة “حماس” عدم وجود أي اتصالات بينها وبين الحكومة السورية في الوقت الحاضر، كشف مصدر في دمشق تحدث إلى “سوريا اليوم” أن الوساطة الإيرانية بين الحركة وسوريا كانت على أجندة زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى دمشق قبل أيام.
وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث خاص إلى “سوريا اليوم” إن الوزير الإيراني ناقش خلال لقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد يوم الأربعاء الماضي بدمشق ما سبق أن اقترحته إيران على الحكومة السورية من ضرورة استئناف العلاقات بين الطرفين، في إطار “تقوية محور المقاومة والممانعة” في المنطقة.
وزار ظريف دمشق بُعيد اندلاع معركة عسكرية – ما زالت مستمرة حتى اليوم – بين حركة “حماس” في غزة وإسرائيل، بعد اقتحام الجيش الإسرائيلي حرم المسجد الأقصى بالقدس الأسبوع الماضي، وصرح بأن زيارته كانت مقررة على أعتاب الانتخابات الرئاسية السورية المقررة في 26 أيار/مايو الجاري، ولكن التطورات المتسارعة فرضت القيام بالزيارة الآن.
وبحسب مصدرنا، فإن الرئيس السوري لم يقدم لظريف جواباً بالإيجاب أو بالسلب، كما أن الاجتماع ناقش أكثر من قضية بالإضافة إلى المواجهة العسكرية الفلسطينية الإسرائيلية الحالية، أبرزها دعم إيران للانتخابات الرئاسية السورية واستعدادها لتلبية دعوة سورية لمراقبة الانتخابات.
حماس: اتصالاتنا بدمشق “مقطوعة”
وكانت حركة “حماس” الفلسطينية أكدت عدم وجود أي اتصالات مع سوريا في الوقت الحاضر، مشددة على أنها ليست طرفاً في أي أزمة (عربية).
وقال رئيس حركة “حماس” في الخارج خالد مشعل، لقناة “روسيا اليوم” الخميس إنه “في الوقت الحاضر لا توجد اتصالات مع دمشق”. وأوضح “مكثنا فترة في دمشق، وكانت فترة ذهبية في الدعم الرسمي والشعبي ونقدر ذلك، لكن بعد الأزمة هناك، الظرف لم يعد متاحاً. لكننا لا نعادي أحداً، ونتألم لما يجري في سوريا”.
وأعرب مشعل عن أمله في أن “تستقر الدولة السورية لكل أبنائها”، وأن “تبقى سوريا موحدة”.
وشدد على أن الحركة ليست طرفاً في أي أزمة، مضيفاً “بعيداً عن الاستقطاب الطائفي والعرقي والديني، نستطيع أن نتعايش ونخوض معاركنا معاً”.
ووصف مشعل العلاقة مع إيران بـ”الممتازة”، بينما رأى أن احتمال تدخل “حزب الله” اللبناني بالمعركة الحالية “عائد لكل طرف يريد الانخراط في المواجهة الحالية”.
وتدهورت العلاقات بين “حماس” والحكومة السورية في نهاية عام 2011، حين اتخذت الحركة موقفاً محايداً، ثم غادرت الأراضي السورية في أوائل عام 2012، بينما اتهم الرئيس السوري بشار الأسد، الحركة بدعم المعارضة السورية والقتال إلى جانبها.
عام عودة المياه إلى مجاريها؟
وكانت تقارير إعلامية، تحدثت في وقت سابق، عن أن إيران و”حزب الله” يقودان وساطة لإعادة العلاقات بين “حماس” والنظام السوري، منها تقرير نشره موقع “عنب بلدي” في شهر كانون الثاني/يناير الماضي.
وفي مقابلة مع قناة “الميادين” اللبنانية، في 27 كانون الأول/يناير 2020، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله “يجب استعادة هذه العلاقة، لكنها ستستغرق بعض الوقت”.
وأوضح أن الرئيس السوري بشار الأسد كان متفهماً لعلاقة حزب الله مع حماس بعد عام 2011، عندما أخذت الحركة موقفاً إلى جانب الثورة السورية.
وقال إن العلاقة بين حماس وسوريا يجب أن يعاد ترتيبها، وهناك أجواء إيجابية وإن كان ذلك يحتاج إلى وقت، وتابع “أعتقد أن (حماس) ذاهبة باتجاه ترتيب علاقتها مع دمشق وفق ما يمليه المنطق”.
وأضاف نصر الله “نأمل أن تتحسن الأوضاع في المنطقة، لأننا كلنا إخوة ولا بد للإخوة أن يكونوا دائمًا متواصلين”.
كما نقل موقع “المونيتور” عن مقربين من حماس لم يكشفوا عن هوياتهم، أن قيادة الحركة منعت مسؤوليها والمتحدثين الإعلاميين من التحدث إلى الصحافة حول طبيعة المفاوضات لتجنب إفشالها. وتحدثت المصادر عن إحراز تقدم ملحوظ في المحادثات التي تقودها إيران وحزب الله لإعادة العلاقات مع سوريا.
وأشارت إلى أن هنية اجتمع بهدوء مع نصر الله أكثر من مرة في بيروت خلال الفترة الماضية، لبحث القضايا التي تمس العلاقات بين حماس والمحور الإقليمي بقيادة إيران، الذي يضم سوريا وحزب الله، وكذلك إعادة العلاقات مع النظام السوري.
وتتوقع المصادر أن يشهد عام 2021 عودة بعض قادة حماس إلى دمشق، حيث تعترف حماس والنظام السوري بالتحديات التي تنتظرهما، ويدركان أنهما بحاجة إلى تسوية خلافاتهما.
وبدأت الوساطة التي قادتها إيران وحزب الله مع انتخاب قيادة جديدة للمكتب السياسي، ووصول إسماعيل هنية لرئاسته في عام 2017.
وكان خالد مشعل رفض في بداية الثورة السورية إدانة الاحتجاجات بطلب من النظام السوري، بل ورفع علم الثورة السورية خلال احتفال حماس في قطاع غزة عام 2012.
وقال عضو في البرلمان الإيراني لـ”المونيتور”، لم يكشف هويته، إن “جهود إعادة العلاقات بين حماس وسوريا تسير في الاتجاه الصحيح وستتجسد قريباً”.
وأشار إلى أن قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني قاد تلك الجهود قبل مقتله في مطلع عام 2020، ويواصل عناصر الحرس الثوري والنظام الإيراني بالتعاون مع حزب الله العمل.
لماذا تُصر قوى “الممانعة” على ترميم العلاقات؟
يرى الكاتب الصحفي مهند الحاج العلي، في مقال بصحيفة “المدن” اللبنانية، سببين للجواب عن هذا السؤال، الأول هو أن النظام يسير في ظل التحالف مع روسيا باتجاه ترميم علاقاته مع دول عربية متحالفة مع إسرائيل.
ولم تعد الخيارات الإقليمية للنظام السوري هي نفسها، ففي الصراع مع الإخوان المسلمين، يرى الرئيس السوري بشار الأسد نفسه على المقلب الآخر، أي في مواجهة تركيا و”الإسلام السياسي”، لهذا فإن وراء الإصرار على مصالحة بين حماس والأسد محاولة لإعادة بعض التوازن إلى العلاقات الخارجية للنظام، ولتسجيل نقاط لمصلحة إيران بمواجهة روسيا في الداخل السوري.
أما السبب الثاني، بحسب الكاتب، فهو أن “محور المقاومة”، كما يطلق على نفسه، تنقصه العلاقة مع الجانب الفلسطيني، لأن حزب الله ورغم محاولاته الحثيثة لتحسين علاقته بحركة حماس، كان على طرف نقيض معها في الداخل السوري قبل سنوات فقط، وهذا تاريخ من الصعب محوه بسهولة، ولن تكفي صور المعانقة أو مؤتمرات التضامن لإلغاء هذه الحقبة مع مآسيها، خاصة أن المصارحة غائبة ولا اعتذار في الأفق، بل المطلوب من حماس أن تُعيد النظر في خياراتها السابقة.
ويرى الكاتب أن عودة حماس عن مواقفها السابقة والتقارب مع النظام السوري تترتب عليه فاتورة باهظة، أخلاقياً وسياسياً، على الحركة تسديدها عند اختيار هذه الخطوة، من دون أي مقابل ملموس، إذ لا تملك دمشق اليوم ما تقدمه للحركة سوى الإفراج عن 1700 معتقل فلسطيني في سجونها.