“قسد”.. واحتمالات الانفصال عن حزب العمال الكردستاني

الثلاثاء 18 أيار/مايو 2021

سوريا اليوم – متابعات

أحداث جديدة تحمل في طياتها مؤشرات لانسلاخ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بشكل أو بآخر عن حزب العمال الكردستاني، وقيادته في جبال قنديل شمال العراق، وعزز من هذه المؤشرات ما حصل مؤخراً في مدينة الدرباسية شمال الحسكة بعد طرد “قسد” لوحدات من عناصر وقيادات قوات الجريلا التابعة لـ “حزب العمال” من المدينة بعد نيتهم اتخاذ مقر عسكري فيها بحسب ما أكدته مصادر خاصة في تقرير جان أحمد من الحسكة وخالد سميسم من إستانبول المنشور اليوم الثلاثاء في موقع تلفزيون سوريا.

عناصر من “الجريلا” تدخل الدرباسية

وفي التفاصيل، قالت المصادر إن وحدات من قوات الجريلا المرتبطة بشكل مباشر مع قيادة (PKK) بجبال قنديل دخلت مدينة الدرباسية بهدف إقامة مقر لهم في المدينة في الوقت التي رفضت فيه “قسد” هذا التحرك الذي من الممكن أن يعرّض مناطق سيطرة “قسد” ومقارها لضربات جوية محتملة من الجيش التركي، خاصة  أن الأخير بدأ بملاحقتهم بعمليته الأخيرة شمال العراق.

المصادر أضافت أن قوات “الجريلا” دخلت الحسكة برتل عسكري يضم أربع عربات عسكرية وما يقرب من 20 مقاتلاً سعوا لاتخاذ مقر لهم في الأطراف الشمالية لمدينة الدرباسية داخل بناء مهجور في الوقت التي حضرت فيه دورية عسكرية لـ “قسد” وطالبتهم بالخروج.

إذ تعتبر قوات “الجريلا” فرعاً من “قوات النخبة” بحزب العمال الكردستاني الذي ينشط شمال العراق، ويوجد نحو 600 عنصر  منهم في القامشلي والحسكة والرقة وعين العرب (كوباني) يعملون بمهام إشرافية وتدريبية، تحت راية “وحدات حماية الشعب” العمود الفقري لـ”قسد” في مناطق سيطرتهم شمال شرقي سوريا.

دعوات أميركية لـ”الوحدات” بالانفصال عن (PKK)

دعت الولايات المتحدة الأميركية حزب الاتحاد الديمقراطي PYD إلى فكّ ارتباطه عن حزب العمال الكردستاني، بعد تشكيل التحالف الدولي ضدّ تنظيم الدولة، والعودة إلى الحاضنة الكردية السورية كطرف معارض للنظام السوري، وشريك للمجلس الوطني الكردي، أحد الأطراف الأساسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، بعد فشل ثلاث اتفاقيات بينهما (هولير – دهوك 1 – دهوك 2) بإشراف مسعود بارزاني الرئيس السابق لإقليم كردستان العراق.

جاءت المطالبة الأميركية في بداية شهر نيسان عام 2017 في اجتماع جرى بين الأخير وقيادات من “وحدات حماية الشعب” وفي مقدمتهم مظلوم عبدي في القاعدة الأميركية في منطقة رميلان النفطية بالحسكة، أي قبل قصف الطائرات التركية بأيام أحد مقار “الوحدات” في جبل قرجوخ التابع لمدينة ديرك وبضوء أخضر أميركي، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من مئة عنصر من “الوحدات”، وحينها أشار الأميركان خلال اجتماع رميلان إلى أنهم لا يستطيعون الحد من مخاوف حليفتهم تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي، والتي قد تنعكس سلباً على المناطق المتاخمة لحدودها، مؤكدين ضرورة إزالة جميع شعارات حزب العمال الكردستاني وأهمها صور عبد الله أوجلان من على سترات مقاتلي الوحدات وعن جميع المقار العسكرية.

وفي لقاء لويليام روباك مبعوث الولايات المتحدة الأميركية، لشرق الفرات مطلع شهر شباط الفائت مع صحيفة الشرق الأوسط قال فيه “إنّ نصائحنا لقسد دائماً كانت استمرار العلاقة مع أميركا والتحالف في الحرب ضد تنظيم الدولة وتوفير الأمن شمال شرقي سوريا وإجراءات بناء الثقة وعدم القيام بأي استفزاز لتركيا، مثل بناء دولة أو استعمال آيديولوجية معينة أو رموز أوجلانية، في إشارة إلى زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان.

مصادر خاصة أكدت لـ موقع تلفزيون سوريا تمكّن الولايات المتحدة إلى حد ما من إقناع قادة “وحدات حماية الشعب” ومن خلال مظلوم عبدي، من التقدم أول خطوة في عملية فك الارتباط بحزب العمال الكردستاني من خلال إزالة شعارات الأخير وصور زعيمهم عبد الله أوجلان من على سترات مقاتليهم وعن مقارهم العسكرية والخدمية وأبرزها كانت صورة لعبد الله أوجلان على مبنى صوامع القامشلي في حي قناة السويس، كما أزالوا عددا كبيرا من صور قتلاهم من الشوارع والمرافق الرئيسية للمدن والبلدات التي يسيطرون عليها، وأضافت المصادر أن “الإدارة الذاتية” أزالت في بداية شهر أيار من عام 2020 معظم صور قتلى قسد من الشوارع الرئيسية للمدن والبلدات.

إلا أن الخطوة الأولى رغم كل المحاولات باءت بالفشل بحسب المصادر خاصة بوجود قيادات أتراك من حزب العمال الكردستاني في قنديل كمراد قريلان وجميل بايق في شمال شرق سوريا فقد نصبوا صورةً جديدة لأوجلان وأخرجوا مسيرات بين المدن وعلى طول عشرات الكيلومترات داعمة لحزب العمال الكردستاني و مطالبة بالإفراج عن زعيمه عبد الله أوجلان.

الحوار الكردي – الكردي وشروط المجلس الوطني

اشترط المجلس الوطني الكردي، في مفاوضاته مع أحزاب الوحدة الوطنية والتي يترأسها حزب الاتحاد الديمقراطي، فكّ ارتباط الأخير عن حزب العمال الكردستاني وإنهاء أي دور لمقاتلي الحزب في إدارة المناطق التي يسيطرون عليها، بسبب دورهم السلبي في إدارة المنطقة وعدم وجود خبرات تتعلّق بمؤسسات المنطقة، وسد الطريق أمام المختصين والخبراء في جميع المؤسسات، ناهيك عن ولائهم الكامل لقيادات قنديل ودعمهم بالأموال.

وتعود مطالبة المجلس الوطني الكردي لحزب الاتحاد الديمقراطي  بفكّ ارتباطه عن حزب العمال الكردستاني إلى إفساح المجال أمام قوات بيشمركة روج آفا والعودة إلى الأراضي السورية وإنشاء قوات وقيادة عسكرية مشتركة مع “قسد”  ووجود قيادات “الكردستاني” من غير السورين يعيق القيام بأي خطوة قد رُسمت مسبقاً، بسبب العقلية العقائدية الرافضة للشراكة الحقيقية مع أي جانب أخر، وذلك بحسب مصادر من المجلس الوطني الكردي.

بدوره قال عبد الله كدو عضو الهيئة السياسية للائتلاف وممثل المجلس الوطني الكردي في الائتلاف الوطني إن حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) يشكل العمود الفقري لـ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وأنصاره تشربوا ولايزالون من فكر مؤسس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان حيث يتبنى حزب الاتحاد الديمقراطي فكره علناً ويعتبر إطلاق سراحه جزءا من مهمته.

وأضاف “كدو” أن حزب العمال الكردستاني معروف بعلاقاته القديمة والمستمرة مع كل من النظام السوري وإيران، ومعروف بأن الحوار الكردي الكردي يهدف إلى تقوية المعارضة السورية وقطع الطريق أمام التدخلات الإيرانية مما يصطدم مع مصالح حزب العمال، الذي يؤثر بشكل فاعل على قيادة وحاضنة حزب الاتحاد الديمقراطي الطرف الأساس في الحوار.

وأشار “كدو” إلى أن المجلس الوطني الكردي في سوريا معروف بخطابه الوطني السوري المستقل ويرفض وجود عناصر غير سوريّة في البلاد، شأنه في ذلك شأن شركائه من قوى الثورة والمعارضة السورية، ومن جهة أخرى فإن وجود عناصر العمال الكردستاني يشكل اصطداماً مع الحكومة التركية، وبالتالي تهديداً واضحاً  للمناطق التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” في سوريا التي تمتد على حدودها الجنوبية، حيث تعتبر تركيا العمال الكردستاني عدواً لها.

وأكد “كدو” أن المجلس الوطني الكردي ضد أي تدخل في شؤون الدول، وبالتالي يرفض دعوات النفير العام التي بدأها حزب العمال الكردستاني لصالح قوّة غير سوريّة ويعتبرها  تدخلاً في شؤون دون الجوار.

المخاوف التركية وتبديدها أميركياً

حاولت الولايات المتحدة بشكل مستمر تخفيف مخاوف تركيا على حدودها من خلال تغيير تسمية مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي من “وحدات حماية الشعب” إلى “قوات سوريا الديمقراطية” وأسماء هيكلياتها السياسية – من مجلس غربي كردستان إلى مجلس سوريا الديمقراطي، وإعطائها الطابع السوري المعارض، وتلميع نجم مظلوم عبدي ومع تغيير اسمه من شاهين جيلو أو مظلوم كوباني إلى مظلوم عبدي، كقائد عام لقسد وتقديم المشورة والدعم لاتخاذ قرارات حاسمة تبعده من هيمنة قيادات قنديل بجانبيه العسكري والسياسي، في الوقت الذي لا زال يشغل منصب عضو اللجنة المركزية مع آلدار خليل في حزب العمال الكردستاني، مع كلّ ذلك لم يستطع عبدي الانفراد في اتخاذ قرارات بغنى عن قيادات قنديل رغم وجود أشخاص من أكراد سوريا لهم الخبرة العسكرية والسياسية الكافية لمساعدته في اتخاذ قرار مستقل يخصّ الكرد السوريين، وتحدث ناشطون من المنطقة عن أنباء لتعرّض “عبدي” لمحاولتي اغتيال من قبل أطراف مجهولة، وعلى أثره اضطرّ “عبدي” إلى الإقامة في قاعدة عسكرية أميركية في ريف مدينة الحسكة.

شمال العراق وشمال شرقي سوريا.. وجذور العلاقة

بعد اندلاع اشتباكات بين قوات البيشمركة ومسلحي حزب العمال الكردستاني في ريف محافظة دهوك باقليم كردستان العراق وتضييق الخناق على مسلحي الحزب، قام أنصار حزب الاتحاد الديمقراطي وحركة شبيبة الثورة المعروفة بـ (جوانن شورشكر) بإحراق عدة مقار للمجلس الوطني الكردي وأحزابه في مدينة الدرباسية والقامشلي وكوباني ومعبدة، كما رفعوا من وتيرة خطف القاصرات والقصر واقتيادهم الى معسكرات وحدات حماية المرأة والشعب والى معسكرات PKK في جبال قنديل، لا بل نظّموا عدة مظاهرات في معظم مدن وبلدات سيطرتها مناهضة لحكومة إقليم كردستان العراق وقياداتها.

تكرّرت هذه العمليات التخريبية بعد اتفاقية “شنكال” بين حكومة بغداد وإقليم كردستان العراق في 9 تشرين الأول 2020 والتي تنصّ على طرد جميع الميليشيات المسلحة وفي مقدمتهم غير العراقية والمقصود بها عناصر حزب العمال الكردستاني.

وبحسب ناشطين في الشأن الكردي، فإنّ الغاية من ربط الأحداث في إقليم كُردستان العراق بشمال شرقي سوريا، هو لتخفيف الضغط عن مسلحي PKK من خلال الضغط على المجلس الوطني الكُردي، المقرّب من حكومة الإقليم والحزب الديمقراطي الكردستاني والذي يترأسه مسعود البرزاني.

“العمال الكُردستاني” يدعو لـ “النفير العام” في مناطق “الإدارة الذاتية”

دعت حركة شبيبة الثورة (جوانن شورشكر) في سابقة وصفها  كثيرون بالخطيرة قبل أيام وبـاسم حزب العمال الكردستاني في مدينة كوباني وعبر مكبرات الصوت جابت الشوارع، للنفير العام وضرورة التحاق الشباب والبنات بجبهات القتال في كلّ من شنكال وقنديل للحد من هجمات الجيش التركي وقوات البيشمركة على مواقع مسلحي PKK، كما نظّمت الحركة بتاريخ 15/5/2021 في مدينة القامشلي مسيرة راجلة بدأت من مدينة القامشلي متجهة الى مدينة المالكية  مكررين دعواتهم للنفير العام رافعين صورة لعبد الله أوجلان ودوران كالكان وشعارات PKK.