الجمعة 4 حزيران/يونيو 2021
سوريا اليوم – موسكو
قال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، اليوم الجمعة، إن بلاده لا تسعى إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، كما وصف الوضع في لبنان بـ”الخطير والمقلق”.
جاء ذلك خلال مشاركة وزير الخارجية القطري بجلسة حوار غرب آسيا وشمال أفريقيا خطوات نحو الاستقرار” في إطار أعمال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي.
وعن الشأن الإيراني، أضاف آل ثاني “إيران جارتنا والعلاقات الطيبة معها أمر مهم ويهمنا، ونحن جاهزون أن نلعب دور الوسيط النزيه في مختلف قضايا المنطقة”، بحسب ما نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية.
وأكد وزير الخارجية القطري، أنه لا يجب أن يكون هناك تصعيد بين الولايات المتحدة وإيران.
وشدد على أنه يمكن حل الخلافات بين إيران ودول الجوار بالحوار المباشر، قائلا “نصيحتنا لإيران ودول الخليج هي دعونا نجلس سويا في حوار إقليمي”.
وعن الصراع العربي-الإسرائيلي، أوضح أن هناك توافقا بشأن المبادرة العربية واللجنة الرباعية لحل الصراع في الشرق الأوسط.
وفي الشأن السوري، قال وزير الخارجية القطري إن بلاده لا تسعى لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا طالما لم يحدث تغيير على الأرض.
وعن لبنان، قال وزير الخارجية القطري إن الأزمة في لبنان مقلقة للجميع وهو بلد يعاني من وضع خطير.
وفي سياق مختلف، قال بن عبد الرحمن إن قطر جاهزة تماما لاستضافة كأس العالم 2022 وهي تركز على تنظيم بطولة مبهرة.
وانطلقت يوم الأربعاء الماضي أعمال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي الذي ينعقد خلال 2-5 يونيو/حزيران 2021 في سان بطرسبورغ بحضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين السياسيين والاقتصاديين والخبراء ورؤساء الشركات من روسيا والعالم.
لماذا ترفض قطر باستمرار أي عودة للعلاقات مع دمشق؟
وفي الوقت الذي سارعت فيه حكومات عربية وخليجية إلى إعادة العلاقات مع الحكومة السورية، تواصل قطر استبعاد فرضية إعادة تطبيع علاقتها مع نظام الرئيس بشار الأسد، وتأكيداً لموقفها المستمر منذ اندلاع “الثورة السورية” قبل 10 أعوام، بحسب ما يذكر موقع “الخليج أونلاين” في تقرير اليوم الجمعة.
وبعد دعم إنساني للشعب السوري دام 10 سنوات، وقدر بملياري دولار، ولا يزال متواصلاً، دخلت قطر مؤخراً على خط الأزمة السورية من الجانب الدبلوماسي؛ بوصفها طرفاً عربياً موثوقاً لدى الأطراف الفاعلة في الشأن السوري.
وتؤكد قطر دعمها للملف السوري دبلوماسياً، لكنها في الوقت ذاته ترفض التساهل وتجاهل سبب الأزمة المتمثل بالجرائم التي ارتكبها النظام السوري، وبقائه في الحكم، والتسبب بتهجير وقتل ملايين السوريين.
لا علاقات مع سوريا
ويقول “الخليج أونلاين” إنه خلال أيام قليلة تكررت التصريحات القطرية الرسمية الرافضة لأي عودة للعلاقات مع النظام السوري، على الرغم من التحرك القطري في عدد من الملفات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الملف السوري.
وأشار إلى تصريح وزير الخارجية القطري اليوم الجمعة خلال كلمته في منتدى سان بطرسبورغ بروسي.
وأوضح الموقع أن هذا التصريح جاء تأكيداً لتصريح سابق من الوزير القطري، عندما قال لتلفزيون العربي، في 28 أيار/مايو الماضي، إن بلاده لا ترى أي دافع لإعادة العلاقات مع السلطات السورية، مضيفاً أن “موقف دولة قطر واضح تجاه النظام السوري”، متهماً إياه بأنه “يرتكب جرائم في حق شعبه”.
وتابع “كانت هناك أسباب بالنسبة لنا في قطر، وهي ما زالت قائمة ولم نرَ أي أفق سياسي يرتضيه الشعب السوري حتى الآن، وهناك استمرار في نفس النهج، وطالما الأسباب قائمة لا يوجد لدينا أي دافع في عودة العلاقات مع النظام السوري”.
معاكساً لمواقف خليجية
هذا التأكيد القطري جاء معاكساً لمواقف عربية وخليجية تجاه الحكومة السورية، وبدء إعادة بعضها للعلاقات معها، كان أبرزها إعادة الإمارات فتح سفارتها في دمشق، في كانون الأول/ديسمبر 2018، بعد سبع سنوات على قطع علاقاتها مع سوريا في 2011.
وبعدها بيوم أعلنت البحرين “استمرار” العمل في سفارتها بدمشق، وكذلك في السفارة السورية بالمنامة، قائلة إن “الرحلات الجوية بين البلدين لم تتوقف”.
أما السعودية فقد بدأت مؤخراً بتقبل عودة العلاقات مع سوريا، وتجلى ذلك باستضافتها محمد رامي مارتيني، وزير السياحة في الحكومة السورية، في أول زيارة من نوعها منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وسط أنباء عن زيارة وفد استخباري سعودي إلى سوريا قبل عدة أسابيع، على الرغم من نفي المملكة لدقة الأنباء حول ما جرى في الزيارة.
أما عُمان فهي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تقطع علاقتها مع سوريا، فيما أعلنت الكويت على لسان نائب وزير الخارجية خالد الجار الله، في 2019، أنها “لا تزال ملتزمة بقرار الجامعة العربية، وأنها ستعيد فتح سفارتها في دمشق عندما تسمح الجامعة بذلك”.
رفض واضح
وقال عبد الوهاب عاصي، الباحث في مركز جسور للدراسات “يبدو أنّ موقف قطر الذي يرفض عودة العلاقات مع النظام السوري طالما أنّ الأسباب التي أدّت إلى ذلك لا تزال موجودة، مرتبط إلى درجة ما بالتأكيد بالتزام الدوحة بسياسات الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأضاف في حديث مع “الخليج أونلاين” أن “هذه التأكيدات القطرية تأتي في ظل محاولات عديدة من دول خليجية بل وتقود جهوداً لفك العزلة عن نظام الأسد وتقليص مستوى المسؤولية المشتركة في هذا الصدد مقارنة مع المصالح الذاتية لها مثل الإمارات والبحرين وحتى السعودية”.
ولفت إلى أنه “في الواقع، كان رفض قطر لعملية إعادة التطبيع قديماً وتم الإعلان عنه بوضوح أثناء زيارة وزير الخارجية الروسي لافروف إلى الخليج العربي في النصف الأول من آذار/مارس الماضي، ويبدو أنّ الدوحة تُحاول الإشارة إلى مخاطر هذا القرار على سلم وأمن الخليج”.
وأكّد “أنّه لا يُمكن مجرّد الاعتماد على وجود موقف مشترك من قبل مجلس التعاون أو الجامعة العربية كما أشار إلى ذلك مسبقاً وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في 9 آذار/مارس 2021.
وشدد على ضرورة “الحفاظ على أمن الخليج باتخاذ موقف مشترك قائم على رفض أي تطبيع لا يستجيب إلى الشروط التي دفعت بلدان المنطقة لقطع العلاقات مع نظام الأسد منذ عام 2012 بعد فشل المبادرة العربية نهاية عام 2011 وقد أصدرت الجامعة العربية في هذا الصدد قرارات ذات صلة وهي (7435/ 2011) و(7444/ 2012)”.
تأكيد قطر لموقفها
بدوره يرى الصحفي والكاتب السوري إبراهيم العلبي أن التصريحات الأخيرة من وزير الخارجية القطري، “تؤكد موقف الدوحة كتعليق ضمني على محاولة بعض الدول العربية والخليجية فتح باب التطبيع مع النظام بعد التقارب معه”.
ويشير في حديثه لـ”الخليج أونلاين” إلى أن العالم يتجه حالياً فيما يتعلق بالملف السوري “نحو المحاسبة وممارسة مزيد من الضغوط على النظام لا العكس”.
ويؤكد في سياق حديثه أن قطر “كانت عند اندلاع الثورة السورية وقيام النظام السوري بقمعها بالحديد والنار سباقة إلى اتخاذ موقف صارم تجاه الوضع في سوريا والدعوة لإحداث تغيير سياسي جذري يؤدي إلى الاستقرار المنشود”.
وأضاف: “بل كانت لسنوات عدة تقود الموقف العربي في هذا الصدد”، قبل أن يكمل قائلاً: “بما أنه لم يحدث التغيير المطلوب بعد فإن قطر لا تزال تبدي تمسكها بموقفها، وهذا أمر متوقع”.
عملية تشاورية جديدة
ورغم رفض الدوحة إعادة علاقتها مع دمشق فإنها لم توقف تحركاتها الدبلوماسية في سبيل إنهاء الأزمة السورية، والتي كان آخرها العملية التشاورية مع تركيا وروسيا.
في مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، مع نظيره القطري والروسي سيرغي لافروف، بعد اجتماع ثلاثي ولقاءات ثنائية في الدوحة، أعلن الوزير التركي، في 11 آذار/مارس الماضي، إطلاق بلاده مع الدوحة وموسكو منصة تشاورية جديدة بشأن سوريا.
بدوره أوضح الوزير القطري أن “صيغتنا التشاورية الجديدة موازية لمسار أستانا، وتخص المسائل الإنسانية”، فيما أشار لافروف إلى أن العمل على الصيغة الجديدة انطلق قبل نحو عام، مرحباً بدور الدوحة.
وتعتبر المنصة أول مسار سياسي حول سوريا تشارك فيه دول عربية، باعتبارها لاعباً أساسياً فيه، إذ سبق أن شاركت دول عربية في محادثات أستانا” بدور المراقب فقط، مثل مصر والعراق ولبنان.