الخميس 7 تشرين الأول/أكتوبر 2021
سوريا اليوم – القامشلي
على ضفاف نهر الخابور بالقرب من بلدة تل تمر، شمال شرقي سوريا، ينهمك المزارع عمر العلي (38 عاماً)، في صيانة مضخة المياه تمهيداً لسقاية حقل الشعير خاصته، بعد أن عادت مياه النهر للتدفق.
في الأيام القليلة الفائتة عادت مياه الخابور للتدفق مجدداً بعد نحو ست سنوات من قطع مياهه من الجانب التركي، ما اضطر المزارعين للاعتماد على مياه الأمطار التي كانت تتجمع في حوض النهر في مواسم الهطول، بحسب ما يذكر تقرير لوكالة “نورث برس” اليوم الخميس.
لكن شح الأمطار خلال الموسم الماضي تسبب بجفاف النهر كلياً، ما أدى إلى خسائر كبيرة في المحاصيل الزراعية.
ويبلغ طول نهر الخابور 320 كيلومتراً. ينبع من تركيا ويدخل الأراضي السورية عند مدينة رأس العين مروراً بالحسكة، ويندمج الخابور مع نهر جقجق ليصبا في الفرات قرب مدينة الميادين في دير الزور وليدخل بعدها الأراضي العراقية.
“الخابور أتى متأخراً”
ويقول “العلي” وهو في هندام العمل التي اكتست ببقع الشحوم والزيوت أثناء صيانته للمضخة، إن المياه الواردة إلى الخابور أتت متأخرة بعد انتهاء موسم القطن الذي انخفض إنتاجه هذا العام إلى أدنى مستوياته بسبب الجفاف.
ويضيف: “الجفاف أثر أيضاً على المحصول الشتوي السابق. لم نستفد من الخابور أبداً بسبب شح الأمطار”.
ويعتقد سكان محليون ومزارعون في منطقة تل تمر، أن جريان مياه النهر مؤخراً يعود لاحتمالين، الأول بسبب انهيار السواتر الترابية التي أنشأتها تركيا وفصائل مسلحة موالية لها، بالقرب من قرى المناجير، وتل جحاش والعريشة جنوب شرق مدينة سري كانيه/رأس العين، لمنع وصول المياه إلى مناطق الإدارة الذاتية.
ويذهب آخرون إلى أن ذلك بسبب تدفق فائض المياه من عملية سقاية مزارعي المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة، للذرة الصفراء على ضفاف نهر الزركان الذي يتدفق بدوره من الأراضي التركية بالقرب من بلدة أبو راسين بريف مدينة الدرباسية، لتصب نهاية المطاف في الخابور بالقرب من بلدة تل تمر.
ويقول “العلي” بينما يسارع العمال في جني محصول القطن في أرضه على ضفاف النهر، إنه: “إذا بقيت المياه جارية يمكن الاستفادة منها في الموسم الشتوي القادم، لكن إذا انقطعت فلن نستفيد منها مجدداً”.
ويضيف وهو يشيح بنظره إلى النهر: “باعتقادي سوف تجف المياه عما قريب، فمنذ ليلة أمس واليوم انخفض منسوب المياه نحو متر واحد”.
ويتوقع المزارع أن تستمر المياه بهذه الوتيرة لحين موعد زراعة محاصيل الموسم المقبل، “إذا لم يتم ضخ المياه في النهر بشكل مستمر”.
تراجع الاقتصاد
ونهر الخابور من المصادر الهامة التي يعتمد عليها المزارعون في منطقة الحسكة وصولاً إلى دير الزور على الحدود العراقية، ولذا يأثر بشكل مباشر على الاقتصاد الزراعي لهذه المنطقة.
وبحسب مزارعين فإن نسبة ارتفاع المياه الواردة وصلت إلى نحو خمسة أمتار في الأيام القليلة الماضية، لكنها عاودت الانخفاض تدريجياً.
ويقول المزارع حسين شيخ علي، الذي تقع أرضه على ضفاف نهر الخابور في ريف بلدة تل تمر، إن جفاف النهر أثر بشكل كبير على واقع الزراعة في المنطقة، وأدى إلى صعوبة معيشية واقتصادية لدى السكان المحليين.
وبسبب الجفاف اضطر معظم المزارعين للاعتماد على مياه الصرف الصحي التي تصب في النهر في سقاية محاصيلهم رغم تأثيرها السلبي.
ويقول “شيخ علي”، وهو يقف بين محصول القطن خاصته إن “جميع الأراضي على ضفاف النهر أصابها العطش، ولم تنتج شيئاً خلال الموسم الأخير”.
ويضيف: “قمت بسقاية محصولي من مياه الصرف الصحي والمجاري، لكن في معظم الأحيان لم نستطع السقاية لقلة المياه”.
وبالكاد وصل انتاج موسم القطن هذا العام لـ 200 كيلوغرام للدونم الواحد، خلافاً للسنوات السابقة التي كان الانتاج يصل إلى 500 كيلوغرام.
ويقول المزارع شيخ علي: “تسبب شح مياه النهر بتراجع الانتاج بنسبة 50 بالمئة”.