منير الربيع: واشنطن وطهران.. عقبات التطبيع مع النظام السوري

الخميس 14 تشرين الأول/أكتوبر 2021

جملة من التطورات التي لا بد من التوقف عندها، وقراءة خلفياتها وتداعياتها. إنها سياق لملفات متزاحمة تشهدها المنطقة، تبدأ من مسار تطبيع بعض الدول مع النظام السوري، ولا تنتهي بمحاولة إسرائيلية للدخول الدائم على خطّ التأثير، بالإضافة إلى مراقبة مسار الانتخابات العراقية وكيفية تشكيل الحكومة بعدها. برز الأسبوع الفائت الاتصال الهاتفي بين رئيس النظام السوري بشار الأسد وملك الأردن عبد الله الثاني، بعد افتتاح معبر جابر الحدودي بين الأردن وسوريا، والدخول في مفاوضات لعقد اتفاق إيصال الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا إلى لبنان. 

جاءت كل هذه التطورات في لحظة استفادة المنخرطين بهذه التحركات من غض نظر أميركي، أو من قراءة لديهم بوجود موافقة أميركية ضمنية لإعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري. ما هي إلا أيام قليلة حتى بدأ يظهر العكس، يصدر بيان أميركي فرنسي بريطاني يشير  إلى أن لا إعادة إعمار في سوريا قبل الحلّ السياسي، ما يعني الالتزام بالموقف القديم نفسه. يضاف إلى ذلك، عدم تلقي الأردن أو مصر أو لبنان أي كتاب رسمي أميركي يمنحهم الاستثناءات من عقوبات قانون قيصر، ما يجعلهم في حالة قلق دائمة من التعرض للعقوبات في حال دخلوا بأي اتفاق تستفيد منه دمشق مالياً. ففي المسألة الاقتصادية والاستثناءات من قانون قيصر، لا يزال هناك رفض لها من قبل الكونغرس الأميركي. 

للأردن مصالح سياسية واقتصادية من مسار التطبيع مع دمشق، وهناك استعجال لتحقيق هذه الخطوات، لأن هناك مشهداً داخلياً أميركياً قابلاً للتغيير في انتخابات الكونغرس العام المقبل، وهذا ما يحاول الملك الأردني تجاوزه من خلال خطواته الاستعجالية للحصول على بعض المتنفسات، عبر سياسة الانفتاح على سوريا. في حين المؤشرات تقود إلى أن الجمهوريين قد يفوزون في الانتخابات ما سيفرض كثيرا من الشروط على إدارة بايدن بما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران أو بمسار التطبيع مع دمشق. 

بعد الحماسة الأردنية في التقدم على خط العلاقات مع دمشق، وبعد ساعات على الاتصال بين عبد الله والأسد، تم نشر وثائق باندورا، وصدر الموقف الفرنسي البريطاني الأميركي المشترك، في حين انتقدت جريدة واشنطن بوست الأميركية سياسة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصفتها بأنها سياسة ازدواجية تنص على معارضة التطبيع مع دمشق علناً والموافقة عليها سرّاً. في حين تؤكد المعلومات أن الأردن عاد وتبلغ من المسؤولين الأميركيين بوقف مسار الحماسة لاستعادة العلاقة مع دمشق، وأن لا يسيّر رحلات جوية من عمان إلى دمشق، إنما الاكتفاء باستقبال الطائرات السورية. 

وفي حين كان يستمر البحث عن كيفية تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى دمشق، برز موقف إسرائيلي عملت على تسويقه القناة 12 الإسرائيلية، وتشير فيه إلى أن كميات الغاز والكهرباء منبعها إسرائيل، هذا موقف من شأنه إحراج بشار الأسد وإحراج حزب الله وإيران أيضاً، اللذين لا يمكنهما الموافقة على تزويد سوريا ولبنان بغاز وكهرباء إسرائيليين. من شأن هذا الموقف الإسرائيلي أن يعرقل مسار التطبيع، أو أخذه إلى وضعية أخرى لها حساباتها الإقليمية والدولية، وتكون مرتبطة بشكل مباشر بمفاوضات أميركية إيرانية، تكون إسرائيل حاضرة ضمناً فيها. على غرار أي اتفاق له علاقة بترسيم الحدود البحرية في لبنان أو بترسيم الحدود بين لبنان وسوريا أو بحسم مسألة مزارع شبعا وملكيتها. 

يقود ذلك إلى خلاصة جديدة وهي أن المسألة ستبقى معلقة على حبال المفاوضات الأميركية الإيرانية، لتشمل الملفين اللبناني والسوري، ما سيؤدي إلى غياب أي دور أو تأثير للعرب في هذه الملفات لحساب واشنطن وطهران، علماً أن العرب هم أول من يسابق في سبيل التطبيع مع الأسد وإعادة تعويمه، في حين هي خطوات سيتفيد منها الأسد وإيران وإسرائيل حصراً مقابل خسارة العرب، ما ينطبق على سوريا لا بد من استقرائه من مسار التطورات في العراق ونتائج الانتخابات العراقية، والتي تفرز برلماناً الحاجة فيه دائمة إلى اتفاقات أو تسويات أو تقاطعات للمصالح بين محسوبين على واشنطن وآخرين على طهران لعقد التسويات.

المصدر: موقع تلفزيون سوريا

مقالات أخرى للكاتب