الخميس 21 تشرين الأول/أكتوبر 2021
سوريا اليوم – دمشق
سقط 27 قتيلاً سورياً أمس الأربعاء في دمشق وإدلب، في يوم سوري دامٍ ألقى بظلاله على أعمال الجولة السادسة للجنة الدستورية السورية المنعقدة في جنيف.
“قنبلة موقوتة في جنيف”
وتحت هذا العنوان، كتب رامي الشاعر، مستشار الخارجية السورية في موقع “روسيا اليوم” موجهاً نقداً شديد اللهجة للسوريين المجتمعين في جنيف، بعدما توترت الأجواء على وقع التصعيد في البلاد.
وفي إشارة إلى حدوث تراجع عن مكتسبات اليومين الأولين لانعقاد اللجنة الدستورية والأجواء الإيجابية التي سادت يومي الاثنين والثلاثاء، قال الشاعر “كان يوم (الثلاثاء) قد حمل بوادر إيجابية تمثّل في نقاشات موضوعية بنّاءة وجو من المسؤولية، إلا أن ما حمله (الأربعاء) هو توترات في الأجواء، اختلفت نهائياً عمّا كان عليه الوضع بالأمس، واندلعت خلافات حادة، تناسى معها أعضاء الوفود “الدستورية” الثلاث الهدف من قدومهم إلى جنيف، وهو مناقشة المبادئ الدستورية، وليس التفاوض بين وفدي المعارضة والنظام”.
وفي انتقاد حاد لوفدي الحكومة والمعارضة على السواء، قال الشاعر “قضية مثل “محاربة الإرهاب” لا تندرج تحت أي بند من البنود من نقاشات الدستور الجامع الذي يتوافق عليه السوريون. من ناحية أخرى، لا تمتّ قضية “المعتقلين والمختفين قسرياً” بأي صلة لمبادئ الدستور، ولا للشؤون التي يتعيّن على اللجنة الدستورية النقاش بشأنها. تلك قضايا حوار بين الحكومة والمعارضة، لا قضايا دستورية متخصصة تناقشها لجان متخصصة في هذا الشأن”.
وتابع قائلاً “إن ذلك مدعاة لاستغراب شديد، لما يمكن أن تصل إليه الأمور من انعدام للمسؤولية، على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي بأسره، في وقت يقع فيه انفجار مدوٍ في دمشق، يدل على خلل أمني، وخلاف سياسي يحمل أبعاداً خطيرة، تشير بأصابع اتهام إلى جهات يائسة جبانة، أو ربما ذئاب منفردة، لا يزيدها الوضع المتأزم والعجز عن التوصل إلى تسوية سياسية إلا اشتعالاً واستدامة”.
وأضاف “بدلاً من التكاتف والتعاضد والتنسيق، نرى في أروقة جنيف مزايدات وطنية بين “ممثلي الشعب السوري” من فرق المعارضة والنظام والمجتمع المدني، بينما يتبارى هؤلاء حول معاني “السيادة” و”الدولة” و”الوطن”، دون وعي وإدراك للمهمة الأساسية التي جاؤوا من أجلها إلى جنيف، وهي وضع أسس دستورية جديدة، تكون بمثابة جسر تنتقل عبره هياكل النظام الحالي إلى سوريا جديدة تحتضن كل السوريين”.
وأكدالدبلوماسي الروسي أن الانتقال إلى سوريا جديدة “لا يعني (..) أبداً إنهاء دور القائمين على السلطة اليوم، كما لا يعني تسلّم المعارضة للحكم في سوريا، وهو ما لا تستوعبه الأطراف التي يجب أن تترفع عن انتماءاتها السياسية، وتعمل بنزاهة وحرفية على مبادئ دستورية جامعة، لا تفرّق وإنما تجمع السوريين باختلاف أطيافهم ومشاربهم. على أن يكون لكلٍ دور في مستقبل الحكم بسوريا من خلال وزنه وتأثيره في البرلمان الجديد، الذي سينتخبه السوريون في وجود مراقبين دوليين وبإشراف من هيئة الأمم المتحدة”.
ومضى الشاعر يقول “كذلك يتعيّن على القيادات والمسؤولين في دمشق، وعلى الرغم من كونهم القوى المنظمة الأكثر تأثيراً وتحكّماً في مقادير البلاد حالياً، أن يدركوا استحالة بقاء الوضع على ما هو عليه، وأن يعوا أن خروج سوريا من أزمتها الوجودية الحالية، لن يكون سوى من خلال التجاوب مع الجهود الدولية، والسعي إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254. فالسير على نفس الدرب الذي تعوّدوا السير عليه والتلاعب والمماطلة والتسويف قد أصبحت جزءاً من ماضٍ، لن يسمح أحد بتكراره أو استمراره”.
وكرر الشاعر نقده للحكومة والمعارضة في سوريا بالقول “بعد أن اطلعت على المبادئ التي قدمتها المعارضة والنظام، بدا لي وكأن من قام بصياغة هذه المبادئ عاجز عن إدراك حساسية الوضع الراهن، وكأنه يتعمّد إثارة الخلاف ورفع درجة التوتر في الاجتماعات بهدف عدم التوصّل إلى أي تفاهمات”.
وأشار إلى أنه لم يُحرز أمس الأربعاء في جنيف أي تقدم على مسار التفاوض الجاد والمهني بشأن مبادئ الدستوري السوري الجامع، و”حادت الخطابات السياسية بمسار المفاوضات عن جادتها القويمة، وعن النصوص الدستورية التي ينتظرها الشعب السوري، بدلاً من التفجيرات التي تودي بحياة أبنائه”.
وختم تعليقه بالقول “نتمنى ألا تتكرر هذه الأجواء التي لا يمكن وصفها سوى بـ”غير البناءة” على أقل تقدير، وأن ينجح المجتمعون في التوصّل إلى اتفاق ولو على بعض الأسس التي تمهّد لعملية الإصلاح الدستوري، التي يستند على أساسها استمرار عمل اللجنة الدستورية، حتى لا تذهب الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية أدراج الرياح، وتلحق نتائجها بنتائج الجولات السابقة. وهو ما لا يجب أن نسمح به أبداً”، على حد تعبيره.
تفجير “إرهابي” في دمشق
وكانت وكالة الأنباء السورية الحكومية (سانا) أعلنت صباح أمس الأربعاء عن مقتل 14 شخصاً وسقوط عدد من الجرحى “جراء تفجير إرهابي بعبوتين ناسفتين تم لصقهما في حافلة مبيت عسكري عند جسر الرئيس بدمشق صباح” الأربعاء.
ونقلت الوكالة عن “مصدر عسكري” أنه “نحو الساعة السادسة و45 دقيقة من صباح (الأربعاء) وأثناء مرور حافلة مبيت عسكري في مدينة دمشق بالقرب من جسر الرئيس، تعرضت الحافلة لاستهداف إرهابي بعبوتين ناسفتين تم لصقهما مسبقاً بالحافلة ما أدى إلى ارتقاء أربعة عشر شهيداً وسقوط عدد من الجرحى”.
وأضاف المصدر أن عناصر الهندسة “قاموا بتفكيك عبوة ثالثة سقطت من الحافلة المذكورة بعد الانفجار”.
من جهتها، أكدت وزارة الخارجية والمغتربين في الحكومة السورية أن “التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة مبيت عسكرية في دمشق يأتي في إطار استمرار محاولات التنظيمات الإرهابية ورعاتها من أجل رفع معنوياتها وخاصة في إدلب داعية المجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة إلى إدانة هذا التفجير الإرهابي واتخاذ اجراءات رادعة بحق الدول الداعمة للإرهاب”، بحسب ما نقلت (سانا).
وتبنت مجموعة مجهولة تحمل اسم “سرايا قاسيون” المسؤولية عن تفجير الحافلة، بحسب ما ذكرت مصادر متطابقة.
انتقام يقتل أطفال مدرسة بإدلب
وبعد وقت قصير من تفجير دمشق، قام الجيش السوري بقصف مدفعي استهدف منطقة مكتظة في مدينة أريحا في ريف إدلب شمال غرب سوريا، التي تسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على نحو نصف مساحتها، وقتل 13 شخصاً، بينهم أطفال.
ونقلت قناة الجزيرة عن منظمة اليونيسيف أن 4 تلاميذ قُتلوا وهم في طريقهم إلى المدرسة جراء القصف.
وواصلت حصيلة القتلى الارتفاع منذ صباح الأربعاء، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أفاد عن إصابة 26 شخصاً بجروح.
وفي المستشفى الذي نُقل إليه الضحايا، شاهد مراسل وكالة فرانس برس شخصاً يصرخ ويبكي إلى جانب جثة طفلة لا تتخطى عشر سنوات، بحسب ما نقل موقع قناة “الحرة“.
وقال بلال تريسي، الوالد لطفلين ويقطن قرب المنطقة المستهدفة لفرانس برس: “عند الساعة الثامنة صباحاً استيقظنا على قصف ينهال علينا، ارتعب الأطفال وباتوا يصرخون، لم نعرف ماذا نفعل وأين نذهب ولم نعد نرى شيئاً جراء الغبار حولنا”.
وأضاف: “قصفونا في الحارة وفي السوق، هناك أطفال ماتت وأشخاص فقدوا أطرافهم.. لا نعرف لماذا، ما هو الذنب الذي اقترفناه؟”.