السبت 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2021
سوريا اليوم – متابعات
أعلنت أنقرة أن عملية عسكرية محتملة للجيش التركي وفصائل سورية معارضة مدعومة من تركيا، ضد مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا، جرى الحديث عنها مراراً خلال الأسابيع الأخيرة، قد تنطلق فجأة. في الوقت ذاته، قال الناطق الرسمي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية نوري محمود إن قواته «ستقلب موازين الحرب».
تعزيزات عسكرية
وواصلت تركيا الدفع بتعزيزات عسكرية واستهداف مواقع للقوات الكردية في شمال شرقي سوريا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، تعليقاً على الأنباء المتداولة عن عملية تركية محتملة في شمال سوريا: «كما يقول رئيس جمهوريتنا (رجب طيب إردوغان) دائما، قد يحدث الهجوم ذات ليلة وفجأة».
وأضاف كالين في تصريحات، ليل الخميس – الجمعة: «في حالة الضرورة، فإن القوات التركية ستكون مسؤولة عن ذلك. نحن دائماً في الميدان في سوريا لسنا خارجه. تقع على عاتقنا مسؤولية اتخاذ الاحتياطات ضد هجمات المنظمات الإرهابية (في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية أكبر مكونات قسد)».
واعتبر كالين أن السبب الرئيس للوجود التركي في سوريا يتمثل بالحفاظ على أمن حدودها واتخاذ التدابير ضد هجمات محتملة من تنظيمات إرهابية، (سواء الوحدات الكردية أو داعش) أو النظام السوري. وقال: «أولويتنا هي تأمين خط الحدود بين تركيا وسوريا، البالغ طولها 911 كيلومترا، من أي هجوم محتمل يستهدف بلادنا، ولن نتسامح مع أي هجوم بغض النظر عن منفذه، لذلك قواتنا المسلحة في حالة تأهب دائما».
وأضاف المتحدث التركي: «على الجميع أن يعلم أننا مصممون تماماً على تحقيق أمن تركيا، ولن نتغاضى أبدا عن أي تهديد، ومستعدون دائما لأي نوع من العمليات لحماية بلادنا من المخاطر».
وتصاعدت التصريحات من جانب المسؤولين في أنقرة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة حول عملية عسكرية تستهدف مواقع «قسد» في شمال سوريا على محاور عدة، وتم الدفع بتعزيزات عسكرية كبيرة من الجنود والعتاد في مناطق تواجد القوات التركية والفصائل الموالية لها في غرب وشرق الفرات، بحسب ما تذكر صحيفة الشرق الأوسط في تقرير مراسلها في أنقرة سعيد عبد الرازق، المنشور اليوم السبت.
وفي سياق آخر، سيرت القوات الأميركية دورية مؤلفة من 7 عربات عسكرية في بلدة تل تمر بريف الحسكة الشمالي، تزامنا مع قصف صاروخي نفذته القوات التركية على مناطق بريف تل تمر، بالإضافة إلى تحليق مروحيات روسية في أجواء المنطقة وقرب خطوط التماس التي تفصل بين مناطق سيطرة قسد ومناطق سيطرة القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني» السوري المعارض المدعوم من أنقرة.
وكانت القوات التركية والفصـائل الموالية لها نفذت قصفا صاروخيا، صباح أمس، على مناطق في قرية الدردارة التابعة لبلدة تل تمر، دون معلومات عن خسائر بشرية.
كما أقيم تدريب مشترك بين الجيش التركي والجيش الوطني السوري (فصيل أحرار الشرقية) شمال الحسكة أمس الجمعة، بحسب ما ذكرت مصادر صحفية.
في الوقت ذاته، دخل رتل تركي من معبر كفر لوسين في ريف إدلب الشمالي إلى عمق المحافظة الواقعة في شمال غربي سوريا، ضم عشرات العربات العسكرية إضافة إلى أكثر من 300 جندي تركي.
وتم توزيع الجنود على النقاط العسكرية التركية المنتشرة في إدلب ولا سيما في ريفها الجنوبي على خط التماس مع قوات النظام.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الجنود يعملون بالأساس في تلك النقاط، وكانوا في عطلة في بلادهم، حيث أعيد تفعيل نظام الإجازات الاستثنائية لأفراد القوات التركية في النقاط المنتشرة في إدلب، قبل 10 أيام، بعدما توقفت منذ أكثر من عام، بسبب إعادة الانتشار وإنشاء النقاط العسكرية داخل إدلب، والتي يوجد بها أكثر من 3 آلاف من العسكريين الأتراك.
توعد كردي
وفي حديث لصحيفة الشرق الأوسط أجراه مراسلها في القامشلي كمال شيخو، نُشر اليوم السبت، قال الناطق الرسمي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية نوري محمود إن قواته «ستقلب موازين الحرب ضد الجيش التركي وفصائلها السورية المولية؛ في حال شنّت هجوماً عسكرياً على مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وإدارتها المدنية شرقي الفرات»، وأعلن جاهزية القوات واتخاذها التدابير التكتيكية والاستراتيجية لخوض أي عملية تلوح بها أنقرة، وتحدث القيادي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الوحدات العسكرية وقوات «قسد» جاهزة للدفاع المشروع عن مناطق نفوذها.
وأشار محمود إلى أن شعوب ومكونات شمال شرقي سوريا «قدموا تضحيات كبيرة وبطولات عظيمة وحققت الانتصارات في وجه التنظيمات الإرهابية المتطرفة، من أجل الدفاع عن الكرامة وحماية أهداف وقيم الثورة والحفاظ على كرامة المجتمع على أساس الدفاع المشروع»، منوهاً بأن «الوحدات الكردية وخلال معارك العمليات التركية شمالي سوريا (نبع السلام) أكتوبر (تشرين الأول) 2019 وقبلها (غصن الزيتون) مارس (آذار) 2018، اكتسبت الخبرة القتالية لمواجهة الهجمات الجوية ومعارك المواجهة رغم عدم تكافؤ القوة العسكرية، لكن نمتلك تجربة في الحرب ضد جيش الاحتلال التركي والفصائل الموالية، واتخذنا جميع التدابير العسكرية، وقواتنا جاهزة لأي هجوم أو عملية».
وتعد «الوحدات» العماد العسكرية لقوات «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن في حربها ضد تنظيم «داعش» شرقي سوريا، ومع تصاعد التهديدات التركية بشن هجوم عسكري محتمل ضد مناطق الوحدات، بدأت الأخيرة بتعزيز مواقعها ونقاطها العسكرية على طول خطوط الجبهة الفاصلة مع الجيش التركي والفصائل الموالية، وحشدت المزيد من القوات ودفعتها إلى محاور بلدة تل تمر بريف الحسكة الشمالي وعين عيسى التابعة لمحافظة الرقة وبلدتي منبج وعين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، وتل رفعت ومناطق الشهباء بريف حلب الشمالي.
وأكد محمود: «منذ البداية، الحرب لم تكن مطلبنا، لكن تعرضنا للهجمات على الدوام، لذلك لجأنا إلى الكفاح المسلح لحماية أنفسنا، وقواتنا تتحرك دائماً على أساس حماية الثورة والدفاع المشروع»، لافتاً إلى أن «الوحدات لديها تجربة في الحروب ضد الفصائل التابعة لتركيا والتنظيمات المتطرفة، إذ نمتلك تجربة في الحرب ضد (داعش) و(القاعدة) والمجموعات الإرهابية المدعومة من الدولة التركية». وشدد على أن هدفهم الرئيسي هو تحقيق الحل السياسي وليس خوض الحرب، إذ «دائماً تتخذ قواتنا الحل السياسي من أجل سوريا أساساً، وهدفنا هو حل ديمقراطي في الداخل السوري ونسعى إلى تحقيقه وفق مبادئ الدفاع الذاتي المشروع». وكثفت الطائرات الحربية الروسية طلعاتها ومناوراتها العسكرية فوق خطوط المواجهة شمالي سوريا، واعتبر محمود هذه الطلعات بمثابة «رسالة واضحة لتركيا بأن دورها حماية المجال الجوي للمناطق التي تدور فيها الاشتباكات»، وقال: «إظهار روسيا قوتها من خلال المناورات الأخيرة رسالة مفادها حماية سوريا في مواجهة تهديدات تركيا»، ويرى أن المناورات الروسية لا تفيد الحلول المستدامة ووقف التصعيد، «يتوجب على روسيا أن تؤدي دوراً أكثر أهمية مثل فتح آفاق الحل السياسي، وإيجاد الحلول وسد الطريق أمام الحرب».
ولم يستبعد نوري محمود مقايضة روسية تركية على حساب مناطق نفوذ «الوحدات» وقوات «قسد» شرق الفرات، وذكر أن تجربة مدينة عفرين الكردية كانت شاهدة على عقد هكذا اتفاقيات ليزيد: «ما حصل في عفرين كان واضحاً، ومن الممكن أن يحصل مثل هذا الأمر مقايضة بين روسيا والاحتلال التركي حول (كوباني)، لكن لم يتم إخطارنا بشكل رسمي بأي معلومات حول هذه المسألة».