الثلاثاء 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2021
سوريا اليوم – دمشق
يتفاعل منذ الأمس إصدار الرئيس السوري بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 28 لعام 2021، الذي بموجبه ألغى منصب مفتي الجمهورية وأحال صلاحياته على المجلس العلمي الفقهي التابع لوزارة الأوقاف في الحكومة السورية.
وتلقى المعارضون السوريون القرار بمواقف متفاوتة. فقد رجحت كثير من مواقع المعارضة السورية أن القرار جاء عقاباً للمفتي المعزول أحمد حسون، الذي لم يُجدد له في المنصب “الملغى”، بعدما قدم تفسيراً غريباً لـ”سورة التين” في القرآن الكريم خلال عزاء الفنان الراحل صباح فخري.
إلا أن مصادر أخرى في المعارضة حذرت من خطورة المرسوم الرئاسي الجديد، واعتبرته “تهميشاً” للجمهور الذي يجب أن يمثله مفتي الجمهورية، بغض النظر من يكون، في إشارة إلى “المسلمين السنّة” في سوريا.
وكان المرسوم رقم 28 نص على إلغاء المادة رقم 35 من القانون رقم 31 لعام 2018 الناظم لعمل وزارة الأوقاف، والتي يُسمى بموجبها المفتي العام للجمهورية. كما نص المرسوم الجديد على إلغاء فقرة في القانون السابق يتم بموجبها تعيين “مفتين” للمحافظات السورية، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السورية الحكومة (سانا).
وبهذا القرار، ينتهي دور “المفتي” في سوريا، الذي تم استحداثه في وقت مبكر من عمر الجمهورية السورية.
وينقل المرسوم الرئاسي الجديد مهمات المفتي إلى “المجلس العلمي الفقهي” في وزارة الأوقاف، الذي يترأسه وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد، وكان “المفتي” عضواً فيه. علماً أن المجلس المذكور يضم ممثلين عن جميع الطوائف الإسلامية في سوريا، وليس المسلمين السنّة فقط الذين كان المفتي يمثلهم.
وحصر المرسوم إصدار الفتاوى “المسندة بالأدلة الفقهية الإسلامية المعتمدة على الفقه الإسلامي بمذاهبه كافة”، ووضع الأسس والمعايير والآليات اللازمة لتنظيمها وضبطها، بـ”المجلس” أيضاً.
كما يوكل المرسوم إلى “المجلس” مهمة تحديد مواعيد بدايات ونهايات الأشهر القمرية والتماس الأهلّة وإثباتها، وإعلان ما يترتب على ذلك من أحكام فقهية متصلة بالعبادات والشعائر الدينية الإسلامية.
وكانت مهمة إثبات الأهلّة (هلال رمضان وشوال) من اختصاص “القاضي الشرعي الأول”، قبل صدور المرسوم أمس الاثنين.
معاقبة حسون
وكان المجلس العلمي الفقهي التابع لوزارة الأوقاف بالحكومة السورية رد على تفسير لسورة من القرآن (سورة التين) تبناه المفتي المعزول أحمد حسون، قبل أيام، بحسب ما ذكر موقع “عنب بلدي” السوري (معارض).
واعتبر “المجلس” في بيان أصدره في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، أن التفسير مغلوط وتحريف للتفسير الصحيح، لجأ قائله، دون أن يسمّيه، إلى “خلط التفسير بحسب أهوائه ومصالحه البشرية”.
وأشار المجلس في بيانه إلى أن منهج “المتطرفين والتكفيريين يعتمد على تحريف تفسير آيات القرآن لأغراض شخصية، لتنسجم مع أهدافهم التكفيرية”.
وكان حسون قال في كلمة ألقاها خلال مراسم عزاء الفنان السوري صباح فخري، إن “خريطة سوريا مذكورة في القرآن” في “سورة التين”.
وبدأت بعدها موجة من الاستياء في وسائل الإعلام السورية المعارضة من كلمة حسون، وسط توقعات بعزله بسبب الخلاف المزمن بينه وبين وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد، الذي يقف وراء بيان المجلس العلمي الفقهي ضد تفسير حسون.
تهميش “السنة”
وفي الوقت الذي نظر كثير من المعارضين إلى إلغاء المنصب في إطار معاقبة أحمد حسون، حذرت مصادر أخرى في المعارضة السورية اليوم الثلاثاء من أن يكون إلغاء منصب المفتي خطوة سلبية تضر بجمهور المسلمين السنّة في سوريا.
وتساءل المعارض السوري البارز زهير سالم، وهو قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في سوريا، في بيان نشره على صفحته على الفيسبوك، تعليقاً على المرسوم الرئاسي: “إلغاء منصب المفتي العام.. أو إلغاء وتهميش من يمثلهم المفتي..؟؟؟”.
وقال سالم: “لكل الأديان والملل والنحل في سورية مرجعيتها الخاصة، ومجالسها الملية الخاصة، وكثيراً ما تكون هذه المجالس سرية أو مكتومة لا يعلم عنها أحد. إلا المسلمين فقد عدا عليهم الزمان فصاروا في خبر كان. وأقول إلا المسلمين متمسكاً بالاسم هوية وعنواناً ولا أريد أن أصير إلى تفريع وتقريع”.
وأضاف “إن الشماتة في المفتون الذي مثل دور المفتي الزائف المزيِّف، لا يجوز أن يشغلنا عن حقيقة ما نزل بنا، ولا عن بشاعة ما يُراد لنا، وبعضنا -مع الأسف- عن حقيقة الأمر غافلون”.
وأشار إلى أن أخطر ما مثّله “حسون” كان “إحداث القطيعة المجتمعية بين المسلمين في سوريا وبين المرجعية العلمية والفقهية التي يجب أن تمثلهم، وأن تهتم بشؤونهم، وأن ترعى مصالحهم الشرعية، فيما يستجد من أحكام. وكان مع الأسف المثلَ السوء للفقيه السوري على مستوى العالمين العربي والإسلامي”، معتبراً أنه “منذ أن فقد الناس الثقة في الفقيه، وفي مركز الافتاء بشكل خاص، فقدوا الثقة في الدين والفقه”.
وألمح القيادي الإخواني المعارض إلى أن حسون “مهد الطريق أمام ما أراده منه مشغّلوه وموظِفوه، وأنا هنا لا أتحدث عن موقف سياسي، وإنما أتحدث عن تصريحه يوم امتلكه غروره ونرجسيته، فقال على الملأ وأنا أسمعه، إنه المفتي العام، وليس مفتيا لأهل السنة فقط، فأشرك الخارجين على ملة الإسلام في أمرنا، ولم يُشركوه في أمرهم”.
واعتبر سالم إلغاء منصب المفتي وإيكال مهماته إلى “المجلس العلمي الفقهي” في وزارة الأوقاف يعني أن “تضيع فتوانا بين أصحاب الملل والنحل والمذاهب والمرجعيات المعلنة والخفية”، منتقداً المرسوم الرئاسي السوري بشدة.
يُذكر أن القانون رقم 31 لعام 2018، الناظم لعمل وزارة الأوقاف التابعة للحكومة السورية، و”المجلس العلمي الفقهي” الذي يرأسه الوزير، يحدد في الفقرة “د” من المادة الثانية (الباب الثاني، الفصل الأول حول مهام الوزارة واختصاصاتها) المهمة التالية: (مُحاربة الفكر التكفيري المتطرف بتياراته ومشاربه كافة وتجفيف منابعه وحماية الوحدة الوطنية من مخاطر هذا الفكر، والمواجهة الفكرية لكل من يحمله، وفق ما يحدده المجلس العلمي الفقهي، كالوهابية وتنظيم الإخوان المسلمين وما يماثلها من الحركات والتنظيمات المتطرفة).
وبموجب القانون نفسه، تنص المادة 5 على أن يتشكل “المجلس العلمي الفقهي” برئاسة وزير الأوقاف، الذي يسمّي بقرار أعضاء المجلس، المشكَّل من: المفتي العام للجمهوريَّة العربيَّة السوريَّة (تم إلغاء المنصب بالمرسوم الجديد)، ومعاون الوزير للشؤون الدينيّة، ومعاون الوزير لشؤون التعليم الشرعي، رئيس اتحاد علماء بلاد الشام، والقاضي الشرعي الأول بدمشق، وخمسة وعشرين عالماً من كبار العلماء في سورية ممثلين عن المذاهب كافة (سنّة، شيعة، علويون، دروز، إسماعيليون)، وممثل عن الأئمة الشباب، وخمس من عالمات القرآن الكريم، وممثل عن جامعة بلاد الشام للعلوم الشرعية، ومُمثِّلين اثنين عن كليَّات الشريعة في الجامعات الحكومية.
كما تنص المادة 6 من القانون على أن “يُضاف إلى عضوية المجلس ممثلون عن الطوائف المسيحية كافة، تتم تسميتهم من قبل مرجعياتهم عند مناقشة المسائل المشتركة بين الأديان، وما يتعلق بتعزيز الوحدة الوطنية”.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.