الثلاثاء 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2021
سوريا اليوم – متابعات
“من المفترض أن تكون الخصومة والعداوة مع مرتكبي الجرائم والفاسدين، والمحاسبة يجب أن تطال المجرم الحقيقي وليس ضحاياه”، هذا ما قاله المدير التنفيذي لمنظمة “اليوم التالي” رداً على حملات “التخوين” بين السوريين، والأحكام المسبقة التي يطلقها السوريون في المهجر على السوريين المقيمين في مناطق الحكومة السورية.
وتعتبر نسبة كبيرة من السوريين في المهجر أن الموجودين في مناطق الحكومة السورية هم بالضرورة شركاء في الجريمة، تزامناً مع استمرار حملات التخوين تجاه كل من يعتبرونه “مختلفاً” ولم يُطابق مبادئهم ومعتقداتهم ونظرتهم إلى قضايا الشارع السوري، بحسب ما يذكر تحقيق نشره موقع “عنب بلدي” السوري (معارض).
كما عزز طول أمد النزاع حالة “العداوة” بين أطراف الشعب، وزيادة الفجوة بين السوريين في ظل تعدد أطراف النزاع، واختلاف القوى المسيطرة على الأراضي السورية، إذ تصوّر مشكلات الشارع السوري اليوم الاختلافات على أنها بوابة لخلق عداوة وحالة من الرفض الحاد بين أطراف المجتمع السوري، خصوصاً بين السوريين في مناطق سيطرة الحكومة السورية، أو من يظهر دعماً مادياً أو معنوياً لهم، والسوريين في دول المهجر.
وتنعكس مظاهر الخصومة والتخوين ورفض الآخر على وسائل التواصل الاجتماعي، التي صارت مرتعاً لنشر خطاب الكراهية في كثير من الأحيان، وكذلك نشر الأخبار والمعلومات دون التحقق من صحتها.
“ترند” التخوين
خلال الأيام الماضية، تداول ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة هجوم على “اليوتيوبر” السوري الشيف عمر، جرّاء توزيعه قرطاسية لطلاب المدارس في مناطق سيطرة الحكومة السورية.
وليست هذه المرة الأولى التي يشهد فيها الشارع السوري حملات مشابهة، إذ إن نسبة كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي السوريين، يعيشون حالة تصيّد الأخطاء، وبمجرد أن يحاكَم شخص في “محاكم الثورة” الافتراضية على أنه “خائن” للثورة يتحول اسمه إلى “ترند”، وغالباً ما تكون هذه الأحكام سريعة وهجومية دون أن يملك “المتهم” حق الدفاع عن نفسه.
وفي حديث إلى “عنب بلدي”، اعتبر معتصم سيوفي مدير منظمة “اليوم التالي” هذه المحاكمات “عمياء” وغير محقة، مشيراً إلى أن هناك فرقاً كبيراً بين مقاطعة أصحاب المواقف الصريحة الداعمة للنظام السوري، وحملات الهجوم العشوائية.
وأضاف أن معظم هذه الحملات تكون بين طرفين من “ضحايا النظام السوري”، وجميعهم من “أبناء الثورة الواحدة”، ولكن حديّة المواقف جعلت الصورة غير واضحة بالنسبة إلى كثيرين.
وأرجع سيوفي الاختلافات ذات الطبيعة الحادة حتى بين أبناء الصف الواحد، إلى الإحباط العام تجاه الثورة، وفشل السوريين بتشكيل هوية سورية وطنية حضارية تعترف بالتنوع والاختلاف وتقبّل الآخر، وفق تعبيره.
كما تؤثر حالة عدم الاستقرار التي يعيشها السوريون داخل سوريا، وفي العديد من دول اللجوء أبرزها تركيا، أكثر في حدة المواقف، وصعوبة إجراء حوار واعٍ يحتضن اختلافات الشعب، بحسب ما قاله سيوفي.
السوريون في دمشق.. أحكام مسبقة
“هاد اسمه طفل، ليس نظام، وليس محرر”، بهذه الكلمات ردّ “اليوتيوبر” السوري الشيف عمر، حاملاً رسالة مفادها أن الطفل السوري ضحية باختلاف مناطق وجوده.
وكان هذا واحداً من آلاف المواقف التي أظهرت الفجوة الكبيرة بين السوريين في المهجر أو ما تسميه المعارضة السورية “المحرر” (في إشارة إلى مناطق سيطرة المعارضة) والسوريين في مناطق سيطرة الحكومة أو النظام، والمبنية غالباً على حكم مسبق بحق السوريين الموجودين في مناطق سيطرة دمشق.
قال سيوفي، يجب تشكيل صورة أكثر وعياً والتوقف عن إصدار الأحكام المسبقة. ليس كل من بقي في مناطق سيطرة الحكومة شريكاً في الجريمة، والنسبة الكبرى من الناس “مغلوب على أمرها”، موضحاً أن القبضة الأمنية والوجود الروسي العسكري لم يترك للناس خياراً آخر غير الصمت.
من جهته، قال الباحث الأول في مركز “السياسات وبحوث العمليات” (OPC)، سلطان جلبي، إن التعميم خاطئ، مؤكداً أن تصنيف السوريين حسب أماكن وجودهم ليس تصنيفاً عادلاً.
وأضاف جلبي أن المركز أجرى استبياناً في دمشق لدراسة عدد الراغبين بمغادرة سوريا، وتوصل الاستبيان إلى أن نحو 64% من السوريين في دمشق ينتظرون فرصة لمغادرة البلاد.
ومن المتوقع أن تكون النسبة أكبر في بقية المحافظات، إذ إن المعيشة في العاصمة دمشق تعتبر أفضل بكثير مقارنة بمناطق أخرى، بحسب ما قاله جلبي.
واعتبر جلبي إيقاف تقديم المساعدات للسوريين في مناطق سيطرة الحكومة السورية، أو “تخوين” من يقدم المساعدات لهم، منافياً للمعايير الأخلاقية والإنسانية.
دور النظام
ويقول موقع “عنب بلدي” إن “النظام (السوري) لعب دوراً أساسياً بخلق هذا التوتر والمواقف الحادة بين السوريين من خلال الانتهاكات التي ارتكبها منذ بداية الاحتجاجات في 2011، ورسم صورة معيّنة للسوريين في مناطق سيطرته”.
ويضيف الموقع “كما أسهم منذ بداية حكمه بخلق فجوة كبيرة بين أبناء المحافظات، نتجت عنها مناطق مهمشة، وتصورات مسبقة عن أبناء كل محافظة، أو ربما كل منطقة في سوريا، إلى جانب الفجوة الكبير المبنية على أسس طائفية”.
وفي هذا الصدد قال سيوفي، إن “النظام” أنتج تيارات متطرفة، وخلق انقساماً حاداً بين أبناء المناطق، إذ إن سكان مناطق سيطرة المعارضة السورية يعتبرون أن خسارتهم أكبر نظراً إلى تعرضهم للتهجير، بينما يرى سكان مناطق سيطرة الحكومة أنهم ضحايا القبضة الأمنية والأوضاع الاقتصادية المتدهورة.
بينما برر جلبي ردود فعل الناس تجاه من يقدم المساعدات لمناطق سيطرة الحكومة، بـ”استغلال النظام بشكل دائم أي عمل إنساني في مناطق سيطرتها ليسوّق لنفسه ويجمِّل صورته”، كما جاء في التحقيق الصحفي.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.