وزير الأوقاف السوري: إلغاء منصب مفتي الجمهورية صحح “خطأ تاريخياً” تسبب به العثمانيون

الأربعاء 1 كانون الأول/ديسمبر 2021

سوريا اليوم – دمشق

أكد وزير الأوقاف في الحكومة السورية محمد عبد الستار السيد أن إلغاء منصب مفتي الجمهورية العربي السورية صحّح “خطأ تاريخياً” تسبب به العثمانيون، معتبراً توسيع صلاحيات “المجلس العلمي الفقهي” خطوة كبيرة على طريق الإصلاح الديني.

وفي مقابلة تلفزيونية مع قناتي “السورية” الحكومية و”نور الشام” الدينية المقربة من الحكومة السورية الليلة الماضية، رد “السيد” على سؤال حول منصب الإفتاء الذي تم إلغاؤه مؤخراً، موضحاً أنه “عندما نتحدث عن إلغاء هذا المنصب فيجب أن نأخذ الأمور من الناحية الشرعية ومن الناحية التاريخية، وهنا يجب أن نبين أن الفتوى هي بيان الحكم الشرعي لمن يسأل عنه من دون إلزام”.

وأضاف “ونحن أمام موضوع الفتوى، هل أتحدث عن موضوع الفتوى أم عن المنصب؟ يجب أن أحدد. الناحية الشرعية تهتم بالجوهر أي الفتوى وتحقيقها، ولا تهتم بالمنصب، لأن منصب المفتي أحدثه الاحتلال العثماني التركي عندما دخل السلطان سليم إلى هذه البلاد أي هذا المنصب أُحدث سياسياً ولم يكن موجوداً في كل تاريخ وعهود الإسلام لأنه مناف لمقاس التشريع وحقيقته”.

وقال “السيد”: “عندما تكون أمام هذا الواقع وبعد هذه الحرب الإرهابية وبعد أن كانت الفتاوى التكفيرية هي سبب استغل واستخدم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وأعداء البلاد الذين أخذوا هذه الفتاوى وأصبحت ما يسمى داعش وجبهة النصرة والإخوان وغيرهم، أمام هذا المنطق، نعود إلى الأصل ولا نأخذ الفرع. لا نأخذ ما أمر به السلطان العثماني، وإنما نأخذ ما أمر به الإسلام. الإسلام قال (وأمرهم شورى بينهم)، (وشاورهم في الأمر)، وبالتالي تم بإلغاء المنصب تصحيح خطأ تاريخي استمر أكثر من 600 عام أو أكثر من قبل العثمانيين”.

وشدد الوزير على أن توسيع صلاحيات المجلس الفقهي “خطوة كبيرة جداً”، فالإصلاح الديني لا يتم إلا بهذه الخطوة، والقرآن الكريم أمر بالإصلاح دائماً، ودعوات الأنبياء دائماً كانت بالإصلاح، ودائماً هناك من يتضرر من أي إصلاح وأول المتضررين “المخططات التي رسمت ضد سوريا”، حيث انتصر الجيش العربي السوري بفضل تضحيات شهدائه على أكثر من 80 دولة وإرهاب وتطرف استهدفوا سوريا، بحسب تعبيره.

وقال وزير الأوقاف “عندما تم إحداث هذا المجلس أُغلقت بوجوه هؤلاء نوافذ التسلل منها، ومن هنا كانت الهجمة عليه، وأكثر من هاجمه هم الإخوان (المسلمون) لأن المجلس خطوة تحصينية بالوحدة الوطنية للمجتمع السوري”.

يُشار إلى أن إلغاء منصب المفتي بعد أزمة تسبب بها المفتي السابق أحمد حسون أشعل “معركة دينية” بين الحكومة السورية وبين المعارضة السورية.

وبدأت المعركة بإلغاء الرئيس السوري بشار الأسد منصب مفتي الجمهورية ومناصب مفتي المحافظات بموجب المرسوم التشريعي رقم 28 لعام 2021 يوم 15 تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم، ونقل صلاحيات الإفتاء إلى :المجلس العلمي الفقهي” التابع لوزارة الأوقاف بالحكومة السورية، حيث اعتبر قسم من المعارضة السورية إلغاء منصب المفتي تهميشاً للمسلمين السنّة في سوريا.

ورد “المجلس الإسلامي السوري” (معارض) على القرار الحكومي السوري بإعلانه انتخاب رئيسه الشيخ أسامة عبد الكريم الرفاعي مفتياً عاماً للجمهورية العربية السورية بعد 5 أيام.

السيد: توسيع صلاحيات المجلس العلمي الفقهي أكبر إصلاح ديني

وفي الحديث التلفزيوني الليلة الماضية، اعتبر وزير الأوقاف في الحكومة السورية أنه بتوسيع صلاحيات المجلس “نُقلت الفتوى الفردية إلى الجماعية وبالتالي هو أكبر عملية إصلاح تتم في الجانب الديني”، موضحاً أنه “عندما ننظر إلى أهمية مرسوم توسيع صلاحيات المجلس يجب أن نضع في اعتبارنا أن سنوات الحرب الإرهابية على سوريا شهدت رفع شعارات واستخدام فتاوى شاذة أدت إلى سفك الدماء وتخريب البلاد رغم أن سوريا كانت دائماً أنموذجاً في الإخاء الديني والتعددية. ومن جهة أخرى فإن الكثير من أحاديث الرسول تتحدث عن أن عامود النور هو في بلاد الشام. فالحق والأمور السليمة والصحيحة هي من بلاد الشام. وأمام هذا الأمر تتجسد عملية الإصلاح التي تسير في سوريا ورأب كل ما تم ودراسة الأمور التي تمت في الجانب الديني أو في الجوانب الأخرى”.

وأضاف “دائماً الفتاوى الشاذة والتكفيرية والوهابية والإخوانية هي فتاوى فردية، وتحويل الفتوى من حالة فردية إلى جماعية هي أكبر عملية إصلاح تتم في الجانب الديني على الإطلاق. وإن الدماء التي سالت في سوريا من ضباطنا وجنودنا وشهدائنا، ومنهم شهداء الوسط الديني الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي والشيخ عدنان أفيوني وغيرهم، كانت بفتوى من القرضاوي، فتوى شخص فعندما نأتي إلى حقيقة المرسوم نستطيع أن نقول باختصار أنه ساهم بنقل الفتوى الفردية إلى الجماعية بالتعددية”، بحسب تعبيره.

وبيّن وزير الأوقاف أن مهام المجلس العلمي الفقهي وعمله التي رسمت بموجب القانون 31  لعام 2018 والتي طورت وعززت بالمرسوم 28 لعام 2021 تتمثل في إعداد البحوث العلمية الفقهية ومناقشة الاجتهادات التي تتعلق بالقضايا الدينية المعاصرة وتسهم في تحقيق التكامل بين المذاهب الفقهية إضافة إلى تحديد المراجع والمؤلفات والتيارات والتوجهات التي تحمل الأفكار التكفيرية والمتطرفة المنحرفة، موضحاً: “يجب أن تحدد هذه المؤلفات والتوجهات حتى تعرف كل البلاد وبقية الدول العربية والإسلامية أن هذا الكتاب أو هذه الفتوى هي تكفيرية إرهابية متطرفة إخوانية وهابية فيجب تسليط الضوء عليها”، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية الحكومية (سانا).

ولفت “السيد” إلى أن من مهام المجلس أيضاً اعتماد المراجع والكتب الفقهية والموضوعات التي يمتحن فيها المرشحون للتكليف بالعمل الديني، أي نقل هذه الصلاحية من أشخاص محددين في وزارة الأوقاف إلى مجلس علمي فقهي كبير يضم أكثر من 44 شخصاً من العلماء ومعلمات القرآن الكريم، وترجيح بعض الأحكام الاجتهادية على بعضها الآخر بما يلائم العصر ويحقق مصالح الناس وذلك ضمن ضوابط وشروط الترجيح المعتمدة في أصول الفقه، وبعد ذلك إصدار الفتاوى المسندة بالأدلة الفقهية الإسلامية المعتمدة على الفقه الإسلامي بكل مذاهبه ووضع الأسس والمعايير والآليات اللازمة لتنظيمها وضبطها”.

وأوضح أن المجلس يتولى إصدار الفتاوى ويعتمد بذلك على مذاهب الأئمة من فقهاء المذاهب الإسلامية مع ذكر الدليل ويعتمد في استنباطه على مختلف مصادر التشريع الإسلامي من الكتاب والسنة والإجماع والقياس والأدلة المختلف فيها والاجتهاد المعتمد على روح التشريع ومقاصد الشريعة الإسلامية بعيداً عن العصبية المذهبية، ويستوعب مختلف الأحكام الفقهية المعاصرة والنوازل الكبرى الطارئة مثل “كورونا” على سبيل المثال وزرع الأعضاء والموت السريري وبعض الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية التي تتناسب مع أحكام القوانين النافذة في المحاكم المختصة وهذا أمر مهم للغاية، مشيراً إلى أن المجلس لا يتدخل بأحكام العبادات الجزئية واليومية ويستطيع كل العلماء والأئمة والخطباء الإجابة على الأمور الفردية.

وأشار الوزير إلى أن من مهام المجلس أيضاً مواجهة الفكر المتطرف والتكفيري بتياراته ومشاربه كافة والتصدي للغزو الفكري العقائدي الذي يعد الأداة الرئيسية لليبرالية الحديثة في هدم المجتمعات ونبذ الفتاوى المتعصبة والطائفية.

ورداً على سؤال حول كتاب السيرة النبوية الذي أصدرته وزارة التعليم التركية للصف الأول الابتدائي في مدارس الشمال السوري، ويحوي رسوماً وصوراً مسيئة لمقام النبوة، قال وزير الأوقاف “هذا الأمر خطير للغاية وأسقط آخر ورقة توت عن التنظيم الإرهابي للإخوان ومن معهم. هذه المناهج خطيرة جداً وهي ضد الإسلام أولاً وضد الوطن ثانياً. فكان لا بد من صدور بيان المجلس العلمي الفقهي في سورية الذي أدان بشدة إساءة الاحتلال التركي وأذنابه لمقام النبوة واستهانتهم بكل الحرمات والمقدسات”، بحسب ما جاء في المقابلة.

سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.