الأربعاء 29 كانون الأول/ديسمبر 2021
سوريا اليوم – حماة
ينتظر مطانيوس درغام (43 عاماً)، وهو من سكان مدينة محردة في منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي، بفارغ الصبر أن يتم قبول أوراق السفر التي قدمها للسفارة البرازيلية في العاصمة اللبنانية بيروت.
وينوي الرجل الأربعيني، الذي يعمل تاجراً لقطع الآلات والجرارات الزراعية، الهجرة إلى البرازيل للالتحاق بشقيقه الأكبر الذي يعيش هناك منذ 25 عاماً.
وطيلة سنوات الحرب وأثناء اشتداد المعارك وتهديدات فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) باقتحام مدينته، كان “درغام” يرفض ترك مسقط رأسه “بالرغم من توفر الفرص آنذاك سواء لأوروبا أو أستراليا أو الأميركيتين”.
يقول الآن إن “لقمة العيش هي ما دفعتني لاتخاذ قرار الهجرة رغم أنه صعب”، بحسب ما ينقل عنه تحقيق أجرته وكالة “نورث برس” السورية المحلية ونشرته اليوم الأربعاء.
ويضيف: “الأوضاع الاقتصادية تسير من سيئ لأسوأ والحكومة عاجزة حتى عن توفير أبسط مستلزمات الحياة والمسؤولون الحكوميون لا يجيدون سوى التصريحات وتكرار الكلام والوعود”.
ويسعى مسيحيون في مدينتي محردة والسقيلبية بسهل الغاب للهجرة إلى خارج البلاد نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية وتفاقم الوضع المعيشي، إلى جانب مخاوفهم من تعرضهم لهجمات “دامية” من قبل فصائل معارضة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) كما جرى خلال الأعوام الماضية.
وتتمركز فصائل معارضة وهيئة تحرير الشام على بعد 16 كيلومتراً عن السقيلبية وحوالي20 كيلومتراً عن محردة.
وبالرغم من التزامها الحياد في بداية الحرب السورية والنأي بنفسها في الدخول في أتون الصراع بين المعارضة المسلحة والحكومة، لم تنجُ المدينتان بغالبيتهما السكانية المسيحية من المعارك والهجمات.
وخلال الأعوام الماضية، تعرضت مدينتا محردة والسقيلبية لهجمات فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام، في ظل “تساهل” حكومي واضح مع تلك الهجمات، ما دفع لتشكيل كتائب مسلحة محلية.
لكن القوات الحكومية أجبرت تلك الكتائب على الانضمام لقوات الدفاع الوطني الموالية لها، بحسب مصادر محلية.
“مكسر عصا”
ويعتبر نعيم فراشة (46 عاماً)، وهو من سكان السقيلبية، أن المسيحيين لم ينضموا لأي من طرفي الصراع (الحكومة السورية والمعارضة)، “فنحن كمسيحيين ندرك أننا مكسر عصا”، في إشارة منه إلى ظلم ومجازر تاريخية بحقهم.
لكن رغم ذلك، “فرضت فصائل المعارضة المسلحة الحصار على مناطقنا وقطعت الطرقات وخطفت شبان وشابات بتهمة التعامل مع الحكومة وقصفت منازلنا وقضى فيها أشخاص”.
ومنذ العام 2012 وحتى نهاية العام 2019، شنت فصائل المعارضة هجمات على محيط السقيلبية ومحردة وحاولت السيطرة عليهما.
أما الحكومة، وبحسب “فراشة”، فمارست “التهميش بحق المنطقة طيلة عقود وتسببت سياستها الفاشلة بنزوح سكانها”.
ويضيف: “نعيش بين فكي كماشة الإهمال الحكومي وفساد أجهزتها من جهة، والتهديد المسلح للمعارضة باجتياح مناطقنا، وهذا ما يدفعنا للتفكير بالهجرة سواء كانت بطريقة شرعية أو غير شرعية”.
وتُعد الهجرة، لا سيما هجرة الشباب وأصحاب الكفاءات والخبرات، من أبرز الظواهر المستمرة التي خلفتها الحرب السورية، رغم المخاطر المحتملة على طريق اللجوء.
ومنذ العام 2014، تحتل سوريا المركز الأول كمصدر للاجئين في العالم.
وهذا العام، تشير أرقام نشرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى 6.7 مليون لاجئ سوري، 80% منهم يعيشون في الدول المجاورة.
وقبل الحرب السورية، كان محردة تضم حوالي 45 ألف فرد، لينخفض العدد لحوالي 30 ألف شخص، بحسب تقديرات لسكان محليين من المدينة.
أما السقيلبية فكان يبلغ عدد سكانها حوالي 70 ألف فرد وانخفض العدد بعد الحرب إلى نحو 40 ألف شخص، بحسب تقديرات محلية غير رسمية.
“لن يبقى مسيحي”
وتقول إيفا فرحة (32 عاماً)، وهي مهندسة مدنية من محردة، إن معظم الشبان والشابات في المدينتين باتوا يفكرون ويخططون للسفر خارج البلاد.
وتشير إلى أن البعض منهم باع كل ما يملكون وشقوا طريقه عبر الهجرة من بيلاروسيا لأوروبا، “وكثير منهم حالفه الحظ ووجد من يسهل له أمور السفر وخاصة وأن معظم السكان هنا لديهم أقارب خارج البلاد”.
وتضيف المهندسة أنه إذا استمر تردي الأوضاع الاقتصادية مع وجود تهديد أمني متمثل بهيئة تحرير الشام، “لن يبقى مسيحي واحد هنا”.
وتصدرت سوريا قائمة الدول الأكثر فقرا ًبالعالم، بنسبة بلغت 82.5%، بحسب بيانات موقع “World By Map” العالمي، التي وردت في تقرير له في شباط/فبراير الماضي.
وفي العشرين من حزيران/يونيو الماضي، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، إن من واجب الجميع مساعدة اللاجئين على إعادة بناء حياتهم.
لكن لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا قالت، في تقرير صدر منتصف أيلول/سبتمبر الماضي، إن تصاعد العنف والقتال يؤدي إلى تفاقم المحن في سوريا، ما يجعلها غير آمنة لعودة اللاجئين.
ولفت التقرير إلى “التدهور السريع” في الاقتصاد السوري، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الخبز وتزايد ملحوظ في انعدام الأمن الغذائي بنسبة تزيد عن 50 في المائة مقارنة بالعام الماضي، “ويبدو الوضع العام في سوريا قاتماً بشكل متزايد”.
وترى “فرحة” أن على الحكومة اتخاذ اجراءات مناسبة للحد من الهجرة ودفع الشباب للبقاء في البلاد.
لكنها عادت وقالت إنها فقدت الأمل في تحقق ذلك.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.