الجمعة 28 كانون الثاني/يناير 2022
سوريا اليوم – دمشق
مع دخول عام 2022 وتراجع عدد الذين تقدم لهم الحكومة السورية الدعم، بدأت تُطرح أسئلة جادة في الشارع السوري حول أهمية استمرار الدعم من عدمه، وهل المواطن السوري بحاجة إلى الدعم الحكومي الذي تحول إلى نوع من “الشحاذة”، أم أن الأولى تعديل الرواتب بحيث تصبح كافية لتحقيق مستوى معيشة كريمة.
وفي إطار هذا النقاش، تحدثت صحيفة “البعث” السورية الناطقة بلسان حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سوريا، عما سمته “همروجة الدعم!” وشنت هجوماً لاذعاً على سياسات الحكومات السورية المتعاقبة منذ عام 2011 التي “قامت، عاماً بعد عام، بتخفيض أجر ملايين العاملين إلى حد لم يعد ينفع معه أي دعم لتأمين مستلزمات ملايين الأسر السورية!”.
وتساءلت الصحيفة، في المقال الذي كتبه علي عبود: “شغلتنا جهات حكومية عديدة في الأسابيع الأخيرة، وفي مقدمتها وزير التجارة الداخلية، بدراسة تجريها لإيصال الدعم إلى مستحقيه والتي ستستبعد 25% على الأقل من الدعم ! والهدف المعلن لهذه الدراسة زيادة حجم الدعم لـ 75% من الأسر السورية محدودة الدخل، فهل هذا صحيح؟!”.
وأجابت: ” من المؤسف أن ينخرط بعض الأكاديميين والمنظرين في “همروجة” الدعم بالتحليل وبتقديم المقترحات، وكأنّ الدعم سيعيد المواد الأساسية التي خرجت من موائد ملايين الأسر السورية بفعل ارتفاع أسعارها الذي لم، ولن، يتوقف طالما التضخم إلى ارتفاع لا إلى إنخفاض!”.
وانتقدت الصحيفة حاجة الحكومة أصلاً لدعم “محدودي الدخل” بسبب تراجع أجورهم منذ 10 سنوات، وقالت: “بدلاً من أن تؤكد الحكومة أن نهج الدعم مستمر ولن يتوقف، فإننا مع إلغاء الدعم بكامله واستبداله بنهج الأجر الذي يؤمن المعيشة والسكن كما كان الحال سابقاً! لا نقول أن تتخلى الحكومة عن الدعم، بل أن توجهه فعلاً إلى مستحقيه، أي إلى العاطلين عن العمل، ولا ندري أسباب عدم منح راتب بطالة لمن يفقد عمله لسبب من الأسباب أسوة بالكثبر من دول العالم!”.
وتابعت تقول: “لا نفهم أن يؤيد أكاديميون ومنظرون وجهة نظر الحكومة، فيؤكدون انها عاجزة عن رفع الأجور بما يزيد عن متطلبات المعيشة والسكن، فهل هذا صحيح؟! لقد تلقّى العاملون بأجر ضربات متتالية أصابت دخلهم بالصميم لأنها أفقدتهم القدرة الشرائية إلى حد لم يعد يكفي فيه الدخل حتى الكفاف اليومي للحياة!!”.
وقارنت الصحيفة بين راتب التعيين في بداية ثمانينات القرن الماضي الذي كان يعادل 250 دولاراً شهرياً على الأقل وكان يكفي لتأمين السكن والمعيشة والكثير من الرفاه الاجتماعي مثل السياحة الداخلية، وبين انخفاض هذا الدخل تدريجياً بفعل قرارات حكومية بتعديل سعر الصرف إلى 200 دولار في تسعينات القرن الماضي فإلى 105 دولارات في العقد الأول من القرن الحالي إلى أن أصبح راتب بدء التعيين بعد الزيادة الأخيرة للرواتب والأجور لا يتجاوز 41 دولاراً لحاملي الإجازة الجامعية.
وأشارت إلى أنه “رافق كل ذلك ارتفاع متسارع لم، ولن، يتوقف لجميع السلع الأساسية لمعيشة الأسر السورية، حتى راتب بدء التعيين بسعر الصرف الحالي هو فعلياً أقل من القدرة الشرائية لراتب الـ 40 دولاراً في ثمانينات القرن الماضي بعشرات الأضعاف! ونعود لسؤالنا مجدداً: هل الحكومات المتعاقبة كانت عاجزة عن تعديل الأجور وفق سعر الصرف الرسمي؟”.
ومضت تقول: “نحن هنا أمام إجابتين: أيام حكومات الوفرة التي استمرت حتى عام 2011، وأيام حكومات الندرة والأزمات خلال السنوات العشرة الماضية! أيام حكومات الوفرة كانت المديونية صفرا واحتياطي القطع الإجنبي لا يقل عن 17 مليار دولار ونصدر السلع الرئيسية من نفط وقطن وقمح وفوسفات.. إلخ! في أيام الوفرة بدأت حكومة (2003 – 2010) بتحرير أسعار المحروقات بذريعة إيصال الدعم لمستحقيه، لكنها لم تمنح أجوراً للعاملين بما يوازي هذا التحرير، بل إنها فعلياً قامت بتخفيض القدرة الشرائية أكثر فأكثر، بدلاً من أن تعيدها إلى مستوى القدرة الشرائية لرواتب ثمانينات القرن الماضي عندما كنا نستورد النفط والقمح والحمضيات والمحارم الورقية!!”.
وتابعت: “بذريعة الندرة والشح والحصار، استمرت الحكومات المتعاقبة بتخفيض القدرة الشرائية للعاملين بأجر إلى حد لم يعد يطاق بالنسبة لملايين الأسر السورية، وجعل الكثير من الأكاديميين والمنظرين مقتنعين إن موارد الحكومة لا تسمح بزيادة الأجر إلى المستوى الذي يكفي متطلبات المعيشة والسكر، فهل هذا صحيح؟”.
وختمت صحيفة “البعث” مقالها بالقول: “ما من مواطن إلا ويعرف أن الحكومات منذ عام 2010 عدلت أسعار منتجاتها وخدماتها مع كل تعديل لسعر الصرف، ووافقت على تعديل أسعار جميع منتجات الصناعيين والمستوردين حسب تكلفتها مع هامش مجز للربح، وبالتالي فإن هذه الحكومات لم تكن ستتكلف الكثير لو عدلت الأجور حسب سعر الصرف مثلما فعلتها مع مؤسساتها ومع المقتدرين وأرباب الصناعة والتجارة وحيتان المال! ترى لماذا كان العاملون بأجر الاستثناء الوحيد من “فعلة” الحكومات المتعاقبة؟”.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.