الجمعة 1 تموز/يوليو 2022
سوريا اليوم – إستانبول
تُعتبر حرفة الحلاقة للرجال من أكثر المهن التي يُنظر لها على أنها مهنة مربحة وسهلة الممارسة بالنسبة للسوريين في تركيا، وشهدت السنوات العشر الماضية، إقبالاً لافتاً من اللاجئين السوريين على افتتاح صالونات للحلاقة في مناطق ومدن متفرقة.
وكان لحرفة الحلاقة حصتها من فرض القوانين التي قيدت عمل اللاجئين فيها، والتي اختلفت باختلاف المناطق وكثافة اللاجئين السوريين المقيمين في هذه المناطق، فنالت ولاية إستانبول الحصة الأكبر من هذه القوانين التي أعاقت عمل ممتهنيها، وفي الولايات والمدن الأخرى، التي تشهد تواجدًا أقل للاجئين السوريين كولاية هاتاي، كانت القيود أقل، ولم تشهد أوضاع الحلّاقين تغيرًا، قياسًا لما شهدوه في إستانبول ، بحسب تحقيق لموقع “عنب بلدي” الإخباري السوري (معارض) اليوم الجمعة.
وسائل إعلام تركية تناولت خلال السنوات الماضية عمل السوريين في الحلاقة، ونشرت صحيفة “Sözcü” التركية تقريرًا حمل عنوان، “انتشار الحلاقين السوريين في تركيا وضع أقرانهم من الأتراك في مأزق”.
لا عمل لحملة الشهادة السورية
حاله كحال العاملين في الحرف الأخرى، يحتاج الحلاق لشهادة تثبت دراسته للمهنة لمدة زمنية مُعينة واتقانه الكامل لها، ليُمنح تصريحًا للعمل بها وافتتاح محله الخاص، القانون الذي فُرض في سوريا سابقًا، ودفع بالحلاقين إلى الحصول على هذه الشهادات وفق القانون السوري.
إلا أن هذه الشهادات غير معترف بها في تركيا، بحسب حلاقين ممن قابلتهم عنب بلدي في ولايتي اسطنبول وهاتاي، وجرى توحيد القانون في هذا الشأن ليشمل جميع الولايات التركية، والتي رفضت عمل السوريين بشهاداتهم السورية.
مشكلة الاعتراف دفعت الحلاقين السوريين إلى التسجيل في دورات “التدريب المهني” التي تقدمها المعاهد الحرفية التركية، ولم يحالف الحظ الجميع، إذ لم تُمنح هذه الشهادات للكثيرين حتى بعد التخرج، نظرًا لاختلاف الولايات التي حاولوا التقدم فيها.
أبو هيثم حلاق سوري يملك صالونًا للحلاقة في مدينة أنطاكيا بولاية هاتاي التركية، قال لعنب بلدي، إنه تمكن من استخراج الشهادة الحرفية التركية بعد تدريب استمر لعدة أشهر في معهد حكومي، ما مكنه لاحقًا من افتتاح محله الخاص دون عوائق قانونية أو تقييد، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
أما محمد الحلاق، وهو شاب ثلاثيني، يملك صالونًا للحلاقة في اسطنبول بشكل غير قانوني بسبب عدم امتلاكه للشهادة الحرفية، وقال، إن أصدقاء له لم يحصلو عليها حتى بعد انتهائهم من التدريب المهني.
القيود تؤثر على العاملين في هذا القطاع، رغم أن تركيا خففت من القيود التي كانت تفرضها على دورات التدريب المهني العام الماضي، بحسب ما نقلته جريدة “صباح” التركية، حيث ألغت وزارة التربية التركية مطلبًا رئيسيًا عن اللاجئين السوريين الموجودين تحت “الحماية المؤقتة”، لمساعدتهم أكثر على “الاندماج في الحياة العملية والاقتصادية في تركيا”.
وبحسب الصحيفة، فإن تخفيف الحكومة التركية للقيود على التقدم لهذه الدورات، هدفه زيادة نسبة الطلاب السوريين المسجلين إلى ما لا يقل عن 10%، بعد أن كانت النسبة 2% فقط.
قيود تدفع للالتفاف على القانون
يرتفع صوت طقطقة مقص الحلاق محمد أثناء حديثه لعنب بلدي داخل صالونه، حيث يسرد المصاعب التي تواجه هذه الفئة من الحرفيين عند محاولتهم بدء عملهم الخاص، وأهمها مشكلة الشهادة.
ويلجأ الحلاقون، ومنهم محمد، إلى استئجار شهادة من أحد الحلاقين الأتراك المتوقفين عن العمل، بمبالغ تصل إلى 10 آلاف ليرة تركية، مقابل استخدامها لعام كامل، إلا أن هذه الطريقة لها مخاطرها، ومن الممكن لدوريات الشرطة التابعة لبلدية اسطنبول أن تدخل إلى صالون الحلاقة وتطلب رخص وأوراق المالك الثبوتية.
تسجيل محمد صالونه الخاص باسم مالك الشهادة التركي، لا يقنع دوريات البلدية، و”من المحتمل أن يطلب منك الشرطي إغلاق المحل إلى حين حضور مالك الشهادة” حسب ما يقول محمد.
ويتابع، أن الشرطة زارت الصالون مرتين في وقت سابق، وفي كلا المرتين أخبرهم أنه عامل في هذا الصالون الذي يملكه حلاق تركي (صاحب الشهادة)، وهو ما يدفعهم لغض النظر عن انتظار صاحب الشهادة.
لكن لو قرر عناصر الدورية إغلاق المحل مؤقتًا إلى حين حضور صاحب الشهادة فيمكنهم ذلك بالطبع، بحسب محمد.
يشير التقرير الذي أصدرته صحيفة “Sözcü” التركية عام 2018، إلى أن عدد الحلاقين السوريين المُسجلين لدى “غرفة الحلاقين في اسطنبول” بلغ 60 حلاقًا سوريًا فقط، بينما رجحت أن يكون العدد أكبر من ذلك بكثير.
وأشارت الصحيفة إلى أن أحد مجالات العمل التي يمارسها السوريون في تركيا، بشكل “غير قانوني”، هي مهنة الحلاقة، على خلاق عدد كبير من المهن والشركات التي تأسست بشكل قانوني خلال السنوات الماضية.
معوقات أخرى
من الأمور التي يرى محمد أنها مصدر للإزعاج في حال دخول أي دورية شرطة تابعة للبلدية إلى صالون الحلاقة الخاص به، هي بحثهم عن رخص أُخرى لامتلاك مواد التجميل وبعض مصففات الشعر.
ويملك محمد عددًا من الرفوف على الجدار المُعاكس لكرسي الحلاقة، رُصفت عليه عشرات الأنواع من مواد التجميل وتصفيف الشعر.
وسبق أن سُئل عن وجود مواد التجميل هذه، وعن رخصة امتلاكها، والتي قال بشأنها إنها للاستخدام الشخصي، وليست لغرض التجارة والبيع.
ويشتكي محمد إرسال الحلاقين الآخرين أشخاصًا بصفة زبائن، لسؤاله عن تسعيرة الحلاقة لديه، والتي يحددها بمبلغ 30 ليرة تركية أو 35 في بعض الأحيان، وهو ما يعتبر مُخالفًا للقانون، إذ حددت الحكومة التركية تعرفة الحلاقة بـ90 ليرة تركية، وهو ما يتقاضاه جيرانه من الأتراك.
تعرض محمد لشكاوى عديدة من قبل المنافسين، بتهمة تخفيض الأسعار والإضرار بالسوق، إلا أن ضررًا لم يحصل، بسبب عدم وجود دليل يستدعي اتخاذ إجراء بحقه.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.