الثلاثاء 27 آب/أغسطس 2024
سوريا اليوم – دمشق
كرر الرئيس السوري بشار الأسد خلال خطابه أمام مجلس الشعب (البرلمان) السوري الجديد، الذي انتُخب في تموز/يوليو الماضي، دعوته إلى القيام بحوار على الصعيد الوطني في البلاد، دون توضيح شكل هذا الحوار بشكل ملموس.
وقال الأسد، أثناء الخطاب الذي نقلته وكالة الأنباء السورية الحكومية (سانا) أول أمس الأحد، إن هناك “أسئلة كثيرة، هامة، صعبة، لا يهم كيف نصفها، ولكن إن لم ننطلق منها لن نتمكن من تحديد الحلول الأكثر مناسبة والأقل ضرراً لنا في سوريا، فكل حل يحمل في طياته عيوباً وسلبيات في الأحوال العادية، فكيف يكون الوضع في ظرف مثل ظروف سوريا القائمة، أو ظروف المنطقة، أو ظروف العالم الراهنة؟ بكل تأكيد ستكون السلبيات أكبر”.
وأضاف إن “الخيارات الصعبة لا تعني الاستحالة، ولا تعني أنه لا توجد إمكانية لتجاوز هذه الظروف ولو بشروط صعبة، ولا تعني عدم وجود ما نقوم به من أجل تحسين الأحوال، كي لا يفهم الطرح بالمعنى الإحباطي بأنه لا يوجد أمل، لا يوجد حل أبداً”.
لكنه أوضح أيضاً أن “الأهم من ذلك، الخيارات الصعبة لا تعني الانقلاب على سياساتنا، ولا تعني الانقلاب على التزامات الدولة تجاه المواطنين، نحن لن نخلع عباءتنا الاشتراكية، سنبقى في المكان نفسه، ولكن هذه العباءة لا يمكن أن تكون عباءة جامدة مقيدة، لا يمكن أن تكون قالباً، يجب أن تكون متحركة ومرنة بحسب الظروف، الخيارات الصعبة تعني أن الرؤى والسياسات والخطط تبنى على الحقائق لا على الأحلام الوردية، وتأجيل النقاش بهذه الأسئلة الصعبة كما كنا نفعل دائماً حوّلها إلى وحول أقعدتنا وشلَّتنا ومنعتنا من التفكير، ومنعتنا من الحركة ولم نعد قادرين على الخروج منها، لذلك تأجيل الحوار فيها أصبح غير مقبول، الحوار فيها أصبح ضرورة ملحة”.
كما قال الأسد إن لمجلس الشعب “دور محوري في قيادة الحوار والحراك ومواجهة التحديات الجمة، وممارسة هذا الدور بطريقة فاعلة وبآليات فعالة ترتقي إلى مستوى دوره الوطني بحاجة ماسة إلى تطوير النظام الداخلي لمجلس الشعب، لكي يتماشى مع التطوير القائم في باقي المؤسسات، ويتوافق مع متطلبات المرحلة وتحدياتها، كل العناوين التي تحدثنا فيها الآن وغيرها من العناوين من دون نظام داخلي سليم لا يمكن للمجلس أن يقوم بدوره، وهذه إحدى نقاط ضعف المجلس، لذلك أنا في الفقرة الأولى ابتدأت بكلمة أن تعديل آليات عمل المجلس هو أولوية أولى، أول شيء يجب أن يناقش النظام الداخلي والمثال موجود لديكم”.
واعتبر الرئيس السوري “تغيير الأوضاع ليس مستحيلاً كما يعتقد البعض أو يظن، بشرط تغيير مقارباتنا للمواضيع وتفعيل مؤسساتنا في عملها، لا نريد أكثر من الأولى والثانية، بالوضع الحالي وبطريقة التفكير الحالية وبطريقة التعامل الحالية، أنا أقول إن الأمل ضعيف جداً في أن نستطيع أو أن نتمكن من تحقيق الكثير لبلدنا، فجزء من مشكلاتنا مصدّر إلينا، وجزء آخر مصنّع لدينا، وتغييره هو بأيدينا وهو بفكرنا وهو بإرادتنا”.
ما شكل “الحوار”؟
لم يأتِ الرئيس في كلمته التي استغرقت قريباً من ساعة أمام مجلس الشعب، على توصيف شكل الحوار الذي يقصده على الصعيد الوطني، بل لوحظ أنه اكتفى بوصفه بـ”الحوار”، دون استخدام تعبير “الحوار الوطني”، في حين كان أعلن على هامش حضوره للتصويت في انتخابات “مجلس الشعب” يوم 15 تموز/يوليو الماضي، أن سوريا اليوم في “مرحلة انتقالية”، وبحاجة إلى “حوار وطني”.
وكان الأسد قال في حينها في تصريحات للصحفيين بعدما أدلى بصوته في الانتخابات: “اليوم نحن في مرحلة انتقالية. مرحلة انتقالية ترتبط برؤى، حول دور الدولة ومؤسسات الدولة بشكل عام والسياسات بشكل عام والتوجهات، ومن واجب مجلس الشعب أن يكون جزءاً من هذه المرحلة، مرحلة تطويرية”.
ووصف انتخابات مجلس الشعب السوري بأنها “استحقاق دستوري”، وقال: “من سنوات كنا نتحدث عن أن الاستحقاق الانتخابي هو استحقاق دستوري، وكان الصراع صراع الحرب وصراع الدستور، الحفاظ على الدستور الذي يمثل جوهر الدولة، الآن أصبح هذا الموضوع خلفنا”.
وأضاف إنه “لا يمكن أن ننتقل بشكل سلس في هذه المرحلة، في هذه الظروف الصعبة في سوريا، وفي الإقليم وفي العالم إن لم يكن هناك حوار وطني”.
واعتبر “مجلس الشعب هو أهم مؤسسة للحوار الوطني”، موضحاً ضرورة حصول “حوار داخل المجلس بين التيارات المختلفة. حوار بين المجلس وباقي المؤسسات في الدولة، وحوار بين المجلس وناخبيه. فهذا هو الحوار الوطني، مجلس الشعب هو أهم مؤسسة”.
ودعا إلى تعديل النظام الداخلي لمجلس الشعب، من أجل تحقيق هدف الحوار الوطني ومراقبة السياسات الذي هو ليس من مهام المجلس الحالية، قائلاً “عندما نطلب من مجلس الشعب مهام غير مهامه خارج إطار دوره، فعلينا ألا نتوقع شيئاً. نفس الشيء بالنسبة للحكومة. نفس الشيء بالنسبة للحزب الحاكم. فإذاً، أولاً نطور النظام الداخلي. ثانياً نبني سياسات. عندها نستطيع أن نرى نتائج للتوقعات، عندها تصبح الآمال جزءاً من التوقعات، ونبتعد عن الأحلام”، بحسب تعبيره.
ويُعتقد أن مواقف الأسد في الآونة الأخيرة تشير ضمنياً إلى أن “اللجنة الدستورية” المدعومة دولياً باتت بحكم الميتة، إذ يعتبر معركة الحفاظ على الدستور السوري أصبحت “خلفنا”.
وتثير هذه التصريحات تساؤلات حول المقصود بـ”المرحلة الانتقالية” و”الحوار الوطني” الذي يتحدث عنه الأسد، في حين تتشابه هذه المصطلحات مع تلك المرتبطة بالعملية السياسية بين النظام والمعارضة، كما هو محدد في مفاوضات جنيف وأستانا.
فالإشارة إلى “مرحلة انتقالية”، قد تبدو ظاهرياً استجابة لقرار مجلس الأمن الدولي 2254، الذي يدعو إلى “انتقال سياسي بقيادة سورية”. لكن النظام السوري لم يعترف بهذا القرار، ويتهمه معارضوه بتعطيل المفاوضات الهادفة لتحقيق الانتقال السياسي. ورغم أن القرار الأممي يطالب بإجراء مفاوضات رسمية بين الحكومة والمعارضة، فإن الأسد يرى أن “الحوار الوطني” هو الحل الوحيد، كما حدث في مؤتمر سوتشي للحوار الوطني عام 2018، وليس المفاوضات المتكافئة.
وفي هذا السياق، يبدو أن الأسد يسعى إلى إظهار تجاوب مع مطالب الجامعة العربية وتركيا، إلا أنه يعيد تعريف الانتقال السياسي كعملية يقودها النظام. ومع إعادة تشكيل قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي، قد تتجه البلاد نحو تعديلات دستورية جديدة، تتيح للأسد الاستمرار في السلطة بعد عام 2028.
سوريا اليوم. أخبار سوريا. أخبار سوريا اليوم. سورية اليوم. أخبار سورية. أخبار سورية اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم. أخبار اليوم سوريا. أخبار اليوم سورية.