الأربعاء 4 كانون الأول/ديسمبر 2024
سوريا اليوم – حماة
وصلت قوات “إدارة العمليات العسكرية” إلى تخوم حماة، وباتت بعد السيطرة على قرية معرشحور واللواء 87 لديها القدرة على الدخول إلى المدينة على الأقل من المدخل الشرقي. هذه التطورات أحدثت فوضى عارمة وانهيارات ضمن قوات النظام رافقتها انسحابات مختلفة نحو الريف الغربي والشرقي.
وجاء في تقدير موقف نشره موقع تلفزيون سوريا (معارض) اليوم الأربعاء، كتبه حمزة المصطفى مدير التلفزيون، إنه توافرت أمس الثلاثاء كل الظروف وما تزال لدخول المدينة، لكن القوات المهاجمة تريثت انطلاقا من ضرورة حسم جبهة خطاب ورحبتها العسكرية ووضع خطط من أجل المطار وتقييم الوضع داخل المدينة لاسيما مع الإقرار بصعوبة دخولها من البوابة الشمالية/ الرسمية. يضاف إلى ذلك اهتمام القوات المهاجمة بتوسيع سيطرتها في الريف الشرقي لضمان إمدادات نحو البادية وتدمر وربما أكثر نحو التنف والحدود العراقية حيث ترجح بعض التقديرات أن تدخل حكومة الشياع السوداني كطرف في الحرب القائمة وليس فقط فصائل الحشد الشعبي.
وقال المصطفى إنه رغم خسائر النظام المتتالية وعجز قواته على الصمود، عاد عبر إعلامه الرسمي وغير الرسمي إلى الحديث عن معركة حماة وعدها، بحسب بعض الغرف التعبوية، معركة وجود يكون فيها أو لا يكون، وتواتر الحديث عن تعزيزات عسكرية سحبت من مواقع مختلفة لمنع انهيار المدينة أو تأخير الانهيار على الأقل ريثما ينتهي من عملية تحصين حمص التي بدأها بإقامة سواتر ترابية وتحصينات مختلفة.
قبل بدء المعركة، كانت التقديرات الأولية للفصائل بحسم معركة حماة بتاريخ 5 كانون الأول/ديسمبر 2024 وذلك قبل التئام أي اجتماع دولي بحيث تؤخذ بالاعتبار التطورات العسكرية، والتي تمثل لأول مرة خروجا عن خرائط أستانا. وعليه، من المتوقع أن نشهد اليوم اشتباكات كبيرة تنخرط فيها عناصر أكثر تدريبا في محاولة للظفر بحماة، الصيد العظيم، والتي سيتحدد بموجبها، وكما كان في الماضي، مستقبل سوريا.
معارك حلب وقلق “قسد”
ما تزال المعركة في حلب مستمرة وإن خفت صوت المدافع قليلا في المدينة وأريافها القريبة. لكن معركة الريف الشرقي/ الجنوبي ما تزال مهمة حيث تشن قوات قسد هجوما مضادا تحاول فيه توسيع سيطرتها في الشرق أكبر قدر ممكن. تعتقد قسد أن حصرها في شرق الفرات سيكون مقدمة لعزلها وبالتالي القضاء البطيء عليها وفي سبيل ذلك تستميت من أجل إيجاد موطئ قدم لها خارج منبج يمتد من مسكنة وصولا إلى ما هو أبعد من دير حافر. وقد حققت قسد بعض النجاحات في هجومها مستغلة انشغال بعض فصائل عملية “فجر الحرية” بتعزيز حضورها داخل مدينة حلب لأسباب سياسية واقتصادية. تجدر الإشارة إلى رصد أعمال سرقة في الشيخ نجار قام بها بعض العناصر، وخلافات تطورت إلى اشتباكات محدودة نجم عنها مقتل عنصرين من “إدارة العمليات العسكرية”. ويحذر مراقبون من أن عدم ضبط مثل هذه المسائل والتعمية عليها سوف يسهم في تفاقهما أكثر ويمنح قوى مثل “قسد” إمكانية لتوسيع حضورها.
توتر تركي إيراني غير مسبوق
سياسيا، وصل الخلاف الإيراني التركي إلى نبرة دبلوماسية غير مسبوقة فقد اتهم مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي تركيا بالوقوع في”الفخ الإسرائيلي الأميركي” وهو ما يدلل على زيارة فاشلة قام بها عباس عراقجي أنقرة أول أمس قبل ليلة قضاها في دمشق وخصصها لامتداح الشاورما السورية وأصالتها. ضن هذا السياق، تدخل حكومة بغداد على خط الأزمة وتتجاوز دورها الوسيط كما توحي زيارات مكوكية يقوم بها وزير خارجيتها فؤاد حسين تهدف إلى إعادة إرسال فصائل الحشد، التي تصفها بغداد بأنها جزء من الدولة العراقية، إلى سوريا متجاهلة كل التحذيرات الدولية والتي جاءت بعضها قاسية من خلال استهداف مباشر من قبل الولايات المتحدة لهذه القوات العابرة.
يرجح مراقبون أن تنخرط بغداد رسميا إلى جانب النظام اعتمادا على اللهجة التي يتبناها رئيس الوزراء العراقي الذي يضع بيض العراق استراتيجيا في سلة النظام وإيران مستغلا فيما يبدو انحياز مواقف دول خليجية وعربية نحو النظام ورغبتها بتعزيز مواقعه وإنقاذه، إذ يقارب بعض القادة العرب المعروفون بمقارباتهم المختزلة من بوابة أنقرة ومواقفهم المناوئة لها. في ضوء ذلك تجتمع الجامعة العربية على المستوى الوزاري الأحد المقبل لمناقشة الوضع في سوريا وتقديم حلول يرى كثيرون أنها لم تعد قابلة للتطبيق مع الوضع الميداني.
سوريا دولة عربية، وعضو في الجامعة العربية التي لعبت سابقا دورا محوريا في محاولة إنقادها وأنضجت مبادرة متكاملة للحل، لكن النظام وكما هو الحال مع مبادراتها الأخيرة لم يستجب لأي منها بما فيها الأفكار الفضفاضة مثل “اللاورقة الأردنية” ومبادرة “مجموعة الاتصال”، بحسب رأي حمزة المصطفى، الذي يخلص إلى أنه يمكن أن تشكل مبادرة الجامعة العربية لعام 2011 المتماهية مع بيان جنيف 1 أساسا للحل في سوريا لأن التطورات الأخيرة نسفت كل محاولات تأهيل النظام وشرعنته كما جرى في عدد من المحافل مؤخرا. ويعول السوريون على الدول العربية لمساعدتهم على إنجاز حل توافقي لإحداث التغيير في سوريا لا منعه.