كثير من السوريين يتذكرون الحدث الضخم الذي زلزل أركان نظام الأسد، والذي تم فيه اغتيال كبار الشخصيات والقيادات التابعة له ضمن خلية الأزمة في منتصف عام 2012، ولربما أدى ذلك إلى تغيير طريقة التعامل مع الثورة السورية، إلا أن غموضاً أحاط بهذا التفجير وفتح الباب آنذاك للكثير من التساؤلات والتحليلات السياسية التي تراوحت بين تصديق رواية النظام الذي قالت فيه إن اختراقاً أمنياً أدى إلى مقتلهم، وبين رواية تصفيتهم على خلفية اختلاف في طريقة التعاطي والتعامل مع الثورة السورية.
وعلى إثر ذلك، وبعد سقوط نظام الأسد، أعلن تلفزيون سوريا عن وثائقي يعرض على قناته خلال جزأين عن تفجير خلية الأزمة متضمنة شهادات حصرية، وحقائق كانت مغيبة عن السوريين، خصوصاً بعد وقوع العديد من الملفات الأمنية تحت يد إدارة العمليات العسكرية عند سقوط نظام الأسد، والتي كشفت الكثير من خباياه وأسراره، على أن يتم عرض الجزء الأول مساء اليوم الإثنين.
تفجير خلية الأزمة في مكتب الأمن القومي الذي أدى إلى مقتل أهم رجال النظام السابق، ومنهم رئيس مكتب الأمن القومي هشام بختیار، و نائب وزير الدفاع وصهر الأسد آصف شوكت، إضافة إلى نائب الرئيس ورئيس خلية الأزمة حسن تركماني، ووزير الدفاع داود راجحة، كما أسفر التفجير عن إصابة وزير الداخلية محمد الشعار، واللواء صلاح الدين النعيمي.
ويتناول الوثائقي الذي سيعرض اليوم دور الخلية وسبب تشكيلها، والتعليمات التي أعطتها لقيادة دور نظام الأسد في ظل الاحتجاجات التي خرجت ضده، كما سيتعرض الوثائقي إلى التأثير الذي أحدثه تفجير خلية الأزمة في هيكلية النظام السابق.
تشكلت الخلية بعد تصاعد حدة الاحتجاجات في المحافظات السورية، وكان من المقرر أن تكون هذه الخلية سياسية بحتة، إلا أنها تحولت إلى قبضة أمنية اتبعت خطوات ممنهجة لقمع الاحتجاجات، وكانت مهمتها تشكيل لجنة أمنية لكل محافظة تجمع المعلومات وتقدم للمسؤولين في خلية الأزمة على شكل ملفات، لتقوم بدورها بتحليل هذه الملفات وإعطاء الأوامر عن كيفية التعامل معها.
اقرأ أيضاً: تسريبات تكشف حضور الرئيس أحمد الشرع القمة الطارئة
العديد من الضباط المنشقين عن الخلية أدلوا بشهادتهم عن دور خلية الأزمة والذي ستعرض شهادتهم خلال الفيلم الوثائقي، منهم عبد المجيد بركات، الذي كان يشغل منصب مدير مكتب البيانات والمعلومات في “خلية الأزمة” قبل انشقاقه عن النظام في مطلع عام 2012 كشف عن كيفية عمل الخلية ودورها، أما اللواء الراحل محمود العلي، الذي انشق عن النظام السوري عام 2013 فسيتم عرض تسجيل مسبق له عن طرق النظام في جمع المعلومات، والمصادر الأمنية التي اعتمد عليها، والعميد إبراهيم جباوي، الذي خدم في مدينة حمص قبل انشقاقه عام 2012، للإشارة إلى طريقة تعامل وزارة الداخلية مع المعلومات الواردة، والتي كانت تشمل أماكن التظاهر وعدد المتظاهرين والخسائر المادية لدى المتظاهرين، وتسجيلها في تقرير ورفعها للضابط الأعلى منه برتبة حتى تصل إلى خلية الأزمة.
وفي سياق آخر، كشف وزير الداخلية الأسبق محمد الشعار عن كيف حدث تفجير خلية الأزمة، وقال في تصريحات إعلامية: “في الليلة التي سبقت الاجتماع المقرر لخلية الأزمة، تم إبلاغي بمكان انعقاد الاجتماع الجديد تجنباً لأي عمل أمني محتمل. وقد أبلغني العماد حسن تركماني، رئيس الخلية، بأن الاجتماع سيعقد في مكتب رئيس مكتب الأمن القومي، اللواء هشام بختيار”.
كما أشار إلى أنه تم تسميم أعضاء الخلية خلال اجتماع سابق قبل 3 أشهر في مكتب الأمين القطري المساعد محمد سعيد بخيتان الذي كان الرئيس السابق لخلية الأزمة، وبعدها تم تقليص عدد أعضاء الخلية ليقتصر على خمسة أعضاء فقط، وهم: الوزير نفسه، ووزير الدفاع العماد داوود راجحة، ونائبه العماد آصف شوكت، واللواء هشام بختيار.
باختصار، سيتم عرض كيفية تعامل نظام الأسد مع التظاهرات، واستغلاله الثغرات التي كانت تحدث في صفوف الثورة وتحويلها لصالحه، والكثير من المعلومات التي ستعرض لأول مرة على الشارع السوري، وخبايا خلية الأزمة، منذ تشكلها ولحين اغتيال أفرادها.
اقرأ أيضاً: من هو المستشار الجديد في الخارجية السورية إبراهيم العلبي؟