لطالما كانت دمشق، أقدم مدينة مأهولة في العالم، مركزاً للحضارات ومحط أنظار الغزاة، ولحماية هذه المدينة العريقة، أُحيطت بسور ضخم نُصبت عليه أبواب تتيح الدخول والخروج، مما منحها حصانة ضد المعتدين. ومن بين هذه الأبواب، برزت سبعة تُعرف اليوم باسم أبواب دمشق السبعة، والتي بُنيت في العهد الروماني ونُسبت إلى الكواكب السبعة المعروفة آنذاك، إذ اعتقد أهل ذلك الزمن أنها تحمل حماية روحية للمدينة.
توزعت أبواب دمشق السبعة على أطراف السور، وتفاوتت أهميتها حسب العصور، إذ أُغلِق بعضها وتعرض آخر للدمار، فيما خضع عدد منها للترميم خلال الفترات الإسلامية المختلفة.
ومن هذه الأبواب، نجد باب شرقي الذي يُعتبر من أبرزها، وهو الباب الوحيد الذي حافظ على شكله الثلاثي منذ العهد الروماني، ويرتبط هذا الباب بالشمس، وكان نقطة عبور مهمة عبر التاريخ، إذ دخل منه القائد خالد بن الوليد عند الفتح الإسلامي لدمشق، يمتد منه شارع مستقيم نحو باب الجابية، الذي يقع في الجهة الغربية من المدينة وسُمي نسبة إلى منطقة الجابية في حوران. أما باب توما، فقد أخذ اسمه من القديس توما أحد تلامذة المسيح، وهو باب روماني قديم مرتبط بكوكب الزهرة، وتم تجديده في عهد نور الدين الزنكي.
وباب السلام، من الأبواب التي أُضيفت في العصور الإسلامية، وقد بناه نور الدين الشهيد وسُمي بهذا الاسم لكونه باباً مخصصاً للخروج في أوقات السلم، يقابله باب الفراديس، الذي حمل اسم حي الفراديس المجاور له، وكان يُعرف قديماً بباب العمارة، ويرتبط بكوكب عطارد.
ويُعد باب كيسان من الأبواب ذات الطابع المميز، فقد تحول إلى مدخل لكنيسة القديس بولص عام 1939، ولا تزال بعض أجزائه قائمة حتى اليوم، كان هذا الباب مرتبطاً بكوكب زحل، ويعكس الطابع المتداخل للحضارات والأديان التي مرت على دمشق. أما الباب الصغير، فهو من أقدم أبواب المدينة، ويقع في الجهة الجنوبية قرب حي الشاغور، وقد دخله القائد يزيد بن أبي سفيان خلال الفتح الإسلامي، نُسب هذا الباب لكوكب المشتري، وكان مدخلاً استراتيجياً مهماً على مدار العصور.
اقرأ أيضاً: الجامع الأموي: الشاهد الدمشقي الخالد على الحضارة الإسلامية
أبواب دمشق شواهد تاريخية تحكي قصص الحضارات التي عبرت هذه المدينة، لقد شهدت مرور الجيوش، واستقبلت القوافل التجارية، وكانت جزءاً من التحولات الكبرى التي مرت بها دمشق على مدى آلاف السنين. واليوم، لا تزال هذه الأبواب تحافظ على مكانتها، لتروي للأجيال القادمة تاريخ مدينة لم تتوقف يوماً عن صنع التاريخ.
اقرأ أيضاً: الدولار في سوريا يستقر والمركزي يخفض