وسط أجواء سياسية مشحونة بالتحديات والتحولات، تتجه الأنظار إلى دمشق حيث بدأت التحضيرات الجادة لعقد مؤتمر الحوار الوطني الذي يهدف إلى رسم ملامح المرحلة القادمة في سوريا، إذ أكدت مصادر مطلعة لـ «تلفزيون سوريا» أن الرئاسة السورية شكلت بالفعل اللجنة التحضيرية لهذا الحدث المرتقب.
وتشمل اللجنة التي تتكون من سبعة أعضاء، خمسة رجال وسيدتين، جميعهم من خلفيات أكاديمية وسياسية متنوعة، ووفقاً للمصادر، تضم القائمة الباحث حسن الدغيم، والكاتب ماهر علوش، والطبيب محمد مستت، إضافة إلى يوسف الهجر، والسياسية هند قبوات، والناشطة هدى أتاسي، وعضو مجلس الأعيان المدني في إدلب مصطفى موسى.
ويأتي تشكيل هذه اللجنة عقب اللقاء الذي جمع الرئيس السوري، أحمد الشرع، بوفد من «هيئة التفاوض السورية» و«الائتلاف الوطني السوري» في قصر الشعب بالعاصمة دمشق، واللقاء كان محطة مفصلية جرى فيها تسليم الملفات الخاصة بعمل المؤسستين، في خطوة تمهيدية لحلهما، ما يفتح المجال أمام انطلاق مرحلة سياسية جديدة في البلاد.
وكان الرئيس الشرع قد أكد في وقت سابق عزمه على تشكيل لجنة تحضيرية تتولى إجراء مشاورات شاملة مع مختلف الأطراف السورية قبل انعقاد المؤتمر، في مسعى لضمان أن يكون المؤتمر تجسيداً حقيقياً لتطلعات السوريين بمختلف أطيافهم.
اقرأ أيضاً: قائد عسكري يكشف عن محادثات لدمج فصائل السويداء بوزارة الدفاع
ووفقاً لما أعلنه الشرع، فإن المؤتمر سيصدر في ختامه بياناً مفصلياً يمهد الطريق نحو إعلان دستوري جديد يحدد مسار البلاد في السنوات القادمة.
هذا وشدد الشرع على أن صياغة هذا الإعلان الدستوري لن تكون قراراً فردياً، بل ستكون ثمرة مشاورات واسعة تعكس تطلعات المواطنين، معتبراً أن هذه الخطوة حاسمة في تحديد مستقبل سوريا وشكل هويتها الوطنية.
كما أشار إلى أن القضايا الكبرى، مثل طبيعة النظام السياسي وشكل الهوية السورية، يجب ألا تكون حكراً على شخص واحد، بل تحتاج إلى نقاش موسع يضمن مشاركة مختلف الفئات المجتمعية.
وعن الجدول الزمني المتوقع للوصول إلى الانتخابات، كشف الشرع عن تقديره بأن الفترة اللازمة لتحقيق ذلك قد تمتد إلى أربع أو خمس سنوات، بسبب الحاجة لإصلاحات واسعة في البنية التحتية، إضافة إلى ضرورة تطوير أدوات تقنية حديثة لضمان الشفافية والدقة في أي عملية انتخابية مستقبلية.
وأوضح أن الهدف الأساسي هو ضمان نزاهة الانتخابات المقبلة، بعيداً عن أي محاولات للتشكيك في شرعيتها، مؤكداً أن الأهم ليس مجرد إجراء الانتخابات، بل التأكد من أنها تعكس إرادة الشعب الحقيقية.
أما فيما يتعلق بأعضاء اللجنة التحضيرية، فإن كل واحد منهم يحمل خلفية أكاديمية ومهنية تعكس تنوع التوجهات داخل اللجنة، وهم: حسن الدغيم، وهو باحث متخصص في العلوم الإسلامية وحاصل على دبلوم في الفقه المقارن، يُعرف بأبحاثه في شؤون الجماعات الإسلامية، أما ماهر علوش، فهو كاتب سوري له دراسات عدة حول العدالة الانتقالية والمحاسبة في سوريا.
والطبيب محمد مستت، الذي شغل منصب مدير الرعاية الأولية في وزارة الصحة التابعة لحكومة الإنقاذ السورية، يجلب خبرته في القطاع الصحي إلى طاولة النقاش، كذلك يوسف الهجر، الذي تولى سابقاً منصب مدير المكتب السياسي لـ «هيئة تحرير الشام»، يعد من الشخصيات التي تحمل خلفية سياسية ذات تأثير.
اقرأ أيضاً: النمسا تنهي لجوء آلاف السوريين وتخطط لترحيلهم
أما هند قبوات، فهي ناشطة سياسية ومدافعة عن حقوق الإنسان، ومديرة قسم حوار الأديان وحل النزاعات في جامعة جورج ماسون، وإضافة إلى ذلك، فهي أستاذة زائرة في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، كما ترأست منظمة «تستقل» المعنية بتعليم النساء، وكانت عضواً في «الهيئة العليا للمفاوضات» بين عامي 2015 و2017، ونائبة لرئيس مكتب «هيئة التفاوض» في جنيف بين 2017 و2022.
ومن جهتها، تحمل هدى أتاسي خبرة واسعة في العمل الإنساني والتطوعي، حيث ركزت جهودها على قضايا النازحين واللاجئين السوريين، سواء داخل سوريا أو لبنان، وبفضل خلفيتها كمهندسة معمارية، استطاعت المساهمة في مشاريع تهدف إلى تأمين السكن للاجئين السوريين، وتشغل حالياً منصب المديرة الإقليمية لهيئة الإغاثة الإنسانية الدولية.
ختاماً، يشار إلى أن الأنظار تتجه الآن إلى المؤتمر المرتقب، وسط توقعات بأن يشكل نقطة تحول في المشهد السياسي السوري.
اقرأ أيضاً: من هو أسعد الشيباني أول وزير خارجية في الحكومة الجديدة؟