في العاصمة الفرنسية باريس، اجتمع كبار الدبلوماسيين والمسؤولين لمناقشة مستقبل سوريا في مؤتمر وزاري يحمل آمالاً كبيرة في طي صفحة الماضي وبناء مستقبل جديد. وزير الخارجية، أسعد الشيباني، كان من بين المشاركين الذين شددوا على أهمية رفع العقوبات التي تثقل كاهل سوريا، مؤكداً أن هذا المطلب حظي بتأييد واسع بين الحاضرين.
وفي منشور له على منصة «إكس»، عبَّر الوزير الشيباني عن ارتياحه لما جرى التوصل إليه خلال المؤتمر، وأكد أن المشاركين دعموا المسار السياسي الحالي وسلطوا الضوء على أهمية المرحلة الانتقالية في سوريا، وجاء البيان الختامي للمؤتمر ليؤكد هذا التوجه، مشدداً على حق الشعب السوري في تقرير مصيره بحرية.
وجاءت مشاركة الشيباني في المؤتمر بدعوة رسمية من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية جان نويل بارو، ما يعكس اهتمام فرنسا بدفع عجلة الحل السياسي في سوريا، وبعد انتهاء الجلسات الرسمية، اختتم الشيباني زيارته بلقاء جمعه بأفراد من الجالية السورية في فرنسا، واصفاً النقاش معهم بأنه كان مليئاً بالأمل والطموح، مع تأكيده على ضرورة توحيد الجهود لبناء سوريا يفتخر بها الجميع.
اقرأ أيضاً: لا توقعات بتغيير قريب في سياسة الرئيس الفرنسي ماكرون تجاه دمشق

وفي الجانب الفرنسي، أعلن وزير خارجية فرنسا أن المؤتمر توصل إلى قرار هام يتمثل بتشكيل مجموعة عمل جديدة تهدف إلى تنسيق جهود دعم سوريا، وأوضح خلال مؤتمر صحفي أن هذه المجموعة ستعمل تحت إشراف الأمم المتحدة لضمان التكامل بين الجهات المختلفة وتحقيق أفضل النتائج لدعم الشعب السوري والدولة السورية على حد سواء.
كما أشار إلى ضرورة التركيز على إنعاش الاقتصاد السوري الذي أنهكته الحرب والسياسات المتبعة، مؤكداً أن فرنسا ستواصل دعمها في هذا المجال، وأضاف أن قضية اللاجئين السوريين لا تزال ضمن أولويات بلاده، حيث أتاحت فرنسا لهم فرصة العودة المؤقتة إلى سوريا دون المخاطرة بفقدان وضعهم القانوني كلاجئين، مما يسهم في تعزيز ارتباطهم بوطنهم الأم.
أمّا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد شدد في كلمته خلال المؤتمر على التزام المجتمع الدولي بمساندة سوريا في “مرحلة ما بعد الصراع”، وأشار إلى أن اللحظة التاريخية التي تعيشها البلاد بعد أعوام طويلة من الألم والمعاناة يجب أن تكون منطلقاً لنهضة جديدة، مؤكداً أن المجتمع الدولي مستعد لتقديم كل أشكال الدعم لسوريا المستقبل.
وقال ماكرون: «لدينا مسؤولية أخلاقية تجاه الشعب السوري، ويجب أن نكون إلى جانبه في هذه المرحلة الحاسمة. هذا الأمر لا يتعلق فقط بسوريا وحدها، بل بمستقبل المنطقة بأسرها»، وأضاف أن فرنسا ستستضيف الرئيس أحمد الشرع قريباً لمواصلة النقاشات حول المرحلة القادمة، مشدداً على ضرورة إقامة نظام حكم شامل يضمن تمثيل جميع الأطياف السورية.
اقرأ أيضاً: ما الرسالة الغربية من محاكمة مسؤولين أمنيين سوريين غيابياً في فرنسا؟
وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن تحقيق الاستقرار في سوريا يتطلب توفير بيئة آمنة لعودة اللاجئين، فهم يمثلون رصيداً بشرياً مهماً يمكن أن يساهم في إعادة الإعمار، كما أكد أن فرنسا طالبت بتخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بأسرع وقت ممكن، مشيراً إلى أن بلاده قدمت 50 مليون دولار كمساعدات إنسانية لدعم الاستقرار داخل البلاد، إلى جانب استعداد منظمات فرنسية لإرسال وفود إلى سوريا لتقييم الاحتياجات العاجلة للسكان.
وفي سياق آخر، أكد ماكرون أن العدالة ومحاسبة مرتكبي الجرائم تعد من التحديات الرئيسية التي تواجه سوريا اليوم، لافتاً إلى أن النظام السابق ارتكب انتهاكات جسيمة لا يمكن التغاضي عنها، وأضاف إن التجارب الدولية أثبتت أن مكافحة الإفلات من العقاب أساسية لضمان السلام والاستقرار، داعياً إلى تعزيز الجهود القضائية والقانونية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
ختاماً، لا بدّ من الإشارة إلى أنه بدا واضحاً من خلال مؤتمر باريس؛ أن هناك إرادة دولية لدعم سوريا في مرحلة التحول السياسي والاقتصادي التي تمر بها، مع التأكيد على ضرورة التوصل إلى حلول عملية تضمن استعادة البلاد لعافيتها، وتعزز الاستقرار في المنطقة بأسرها.
اقرأ أيضاً: العلاقات السورية الكندية: آفاق تعاون تنموية واعدة