في مبادرة محلية نُظِّمت أمام المتحف الوطني بدمشق، اجتمع عدد من الشباب أمس، مطالبين بضرورة التصدي للتنقيب غير المشروع عن الآثار السورية، رافعين لافتات تؤكد على أهمية حماية هذا الإرث الوطني الذي يخص جميع السوريين.
وفي استطلاع أجرته وكالة سانا، عبّر المشاركون عن قلقهم من تزايد عمليات التنقيب غير القانونية، داعين إلى إطلاق مبادرة وطنية شاملة لحماية التراث السوري، ومشددين على أهمية استعادة الآثار التي تم الحصول عليها بطرق غير شرعية، وتشكيل صندوق دولي يهدف لإعادة إحياء التراث والآثار السورية.
واعتبر المشاركون في المبادرة أن التنقيب غير المشروع ظاهرة تهدد التراث الثقافي في البلاد، خاصة مع ظهور عصابات متخصصة في تهريب الآثار، مبينين ضرورة التحرك بسرعة لاستعادة الآثار المسروقة ووقف جميع أعمال التنقيب غير القانونية قبل فوات الأوان.”، مع التأكيد على أن الحفاظ على الهوية السورية يتطلب جهوداً جماعية من فئات المجتمع كافة، خصوصاً وأن تهريب الآثار لا يهدد التراث المادي فقط، بل يمسّ هوية الأمة وتاريخها، واصفاً ما يحدث من تدمير للتراث الثقافي باعتداء صارخ على تاريخنا.
وشارك في الوقفة الاحتجاجية إلى جانب الشباب، عدد من الأطفال الذين حملوا لافتات تعبر عن مطالبهم بحماية الآثار السورية، في ظل التهديدات المستمرة التي تواجه هذا التراث الغني بسبب الممارسات غير القانونية.
اقرأ أيضاً: وجهات سياحية في حلب تجذب السياح الأجانب
وتتوزع المواقع الأثرية عبر الجغرافيا السورية، ويزداد عددها ليصل إلى أكثر من 4500 موقع، تضم آثاراً تعود لنحو أربعين حضارة إنسانية متنوعة، تتضمن هذه المواقع آثاراً من حضارات تاريخية عريقة مثل إيبلا وأوغاريت وماري، إضافة إلى الحضارة الآرامية والفينيقية والأكادية والكلدانية، وغيرها الكثير.
وأدرجت قامت منظمة اليونسكو ستة مواقع أثرية سورية ضمن قائمة التراث العالمي، وتشمل: أحياء دمشق القديمة، وحلب القديمة، وقلعة المضيق، وقلعة الحصن، ومدينة بصرى القديمة، ومدينة تدمر، إضافة إلى القرى الأثرية المنتشرة شمال البلاد وشمال غربها.
وتتعرض المواقع الأثرية في سوريا لأزمة حادة منذ عام 2011، فقد شهدت البلاد عمليات نهب وسرقة كميات كبيرة من الآثار، إضافة إلى تدمير جزء منها نتيجة النزاع المسلح، ووفقاً لتقرير الأمم المتحدة الصادر في عام 2014، تعرّض نحو 300 موقع أثري على الأقل لعمليات تدمير وسرقة.
وحسب الإحصائيات الأخيرة، فقد سُرقت حوالي مليون قطعة أثرية في سوريا، فيما تعرضت نحو 710 مواقع أثرية لأضرار تتراوح بين الضرر الجزئي والتهدم الكامل، وذلك خلال الفترة من 2011 حتى 2019..
اقرأ أيضاً: الخوذ البيضاء: عمل إنساني تحدى الحرب على مدى 14 عاماً
ورغم ما شهدته سوريا من سرقة ونهب وتدمير للآثار على مدى السنوات الماضية، إلّا أن ظاهرة التنقيب العشوائي عن الكنوز واللقى الأثرية قد تصاعدت في محافظة درعا عقب سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، وهذه العمليات تُجرى في المواقع الأثرية وعلى طول الخطوط الحديدية، بهدف الاتجار بالمكتشفات التاريخية وتحقيق مكاسب مالية.
وفي الأرياف السورية عموماً، تتزايد هذه الأيام جماعات التنقيب عن الآثار والكنوز، إذ تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي إعلانات تروّج لبيع أجهزة الكشف عن المعادن، وفي ظل هذه الظاهرة، يحذر المختصون من تعرض آثار سوريا للنهب والتهريب إلى الخارج عبر الاتجار غير المشروع.
ختاماً، تتطلب هذه الظاهرة تدخلاً عاجلاً لحماية التراث الثقافي الغني في سوريا، والذي تتعرض لمخاطر جدية بسبب هذه الممارسات غير القانونية.
اقرأ أيضاً: أهم المعالم السياحية في الساحل السوري