في تطور جديد يعكس ملامح المرحلة المقبلة في المشهد السوري، أبدت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) استعدادها لإعادة ترتيب صفوفها ضمن إطار وطني أوسع، عبر دمج قواتها العسكرية والأمنية ضمن هيكلية الجيش السوري، مع استبعاد العناصر الأجنبية من تشكيلاتها، كما أكدت رغبتها في التنسيق مع الحكومة السورية لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتها شمال شرق سوريا.
وشهد يوم أمس الاثنين اجتماعاً مهماً في قاعدة «استراحة الوزير» بريف الحسكة، ضم كبار المسؤولين في (قسد) ومجلس سوريا الديمقراطية (مسد) والإدارة الذاتية، لمناقشة جملة من القضايا المصيرية واتخاذ قرارات من شأنها رسم ملامح مستقبل المنطقة.
القيادي في «قسد»، أبو عمر الادلبي، وفي تصريح لتلفزيون سوريا، أكد أن النقاشات تطرقت لمسألة دمج القوات المحلية مع الجيش السوري كخطوة استراتيجية تهدف لتوحيد الجهود وتعزيز الهوية الوطنية المشتركة، وضرورة انسحاب جميع المقاتلين غير السوريين من شمال شرق سوريا، في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستقرار وترسيخ مفهوم السيادة الوطنية.
وإلى جانب البعد العسكري، لم يكن الجانب المدني والخدمي غائباً عن الطاولة، حيث نصّت التوصيات الصادرة عن الاجتماع على أهمية إعادة تشغيل المؤسسات الحكومية والخدمية لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان، وتحسين مستوى المعيشة في المنطقة، كما شدد الاجتماع على أهمية تكثيف قنوات التواصل مع الحكومة المركزية في دمشق من أجل تعزيز التعاون في القضايا الوطنية ذات الأولوية.
اقرأ أيضاً: قائد «قسد» يؤكد استمرار المحادثات مع دمشق ويدعو إلى حلول دبلوماسية مع تركيا
وجاء في البيان الختامي للاجتماع أن وحدة الأراضي السورية ثابتة لا تقبل النقاش، وأن تعزيز قدرة الجيش السوري عبر دمج القوات المحلية من شأنه تعزيز قدرة البلاد على مواجهة التحديات الأمنية، وفي هذا السياق، وجّهت «قسد» دعوة رسمية للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني لزيارة مناطق شمال شرق سوريا، بهدف لقاء مختلف المكونات الاجتماعية والسياسية لتعزيز أواصر الوحدة والتفاهم المشترك.
كما أكدت استعدادها الكامل لتسهيل عودة النازحين والمهجّرين إلى ديارهم، وضمان توفير بيئة ملائمة لاستقرارهم، وهو ما يعكس توجهاً نحو إنهاء تداعيات النزاع الذي ألحق أضراراً جسيمة بالنسيج الاجتماعي السوري.
تقارير إعلامية أفادت بأن زعيم قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي بعث رسالة تهنئة رسمية للرئيس أحمد الشرع بمناسبة توليه منصب رئاسة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، ووجّه له دعوة رسمية لزيارة مناطق شمال شرق سوريا، على غرار جولاته في بقية المناطق السورية.
اقرأ أيضاً: قصف تركي يستهدف مواقع «قسد» شمال شرق سوريا رداً على هجوم أنقرة
وبحسب التقارير، شرعت «قسد» والإدارة الذاتية في تشكيل لجان خاصة لمتابعة تنفيذ القرارات المتفق عليها، مع التركيز على تعزيز العلاقات السياسية، وتنشيط الحركة التجارية والاقتصادية بين المناطق السورية، وحل الخلافات العالقة مع الحكومة السورية.
وفي الختام، يشار إلى أن الجهود الدولية ما تزال مستمرة لدفع المكون الكردي في سوريا نحو موقف موحّد، فقد شهدت مدينة القامشلي لقاءً جمع وفداً من وزارتي الخارجية الأميركية والفرنسية مع ممثلين عن «المجلس الوطني الكردي» وأحزاب «الوحدة الوطنية الكردية»، في إطار مساعي التحالف الدولي لتشكيل وفد كردي مشترك يمثّل مختلف التيارات السياسية الكردية في مفاوضات محتملة مع الحكومة السورية.