شهدت الرياضة السورية تراجعاً كبيراً خلال سنوات الحرب السورية مقارنةً بالرياضة العربية والإقليمية، الكثير من المرافق الرياضية تضررت بشكل كبير، ومنها من أهمل تماماً حتى انتهاء تبعات الحرب وعودة الحياة الطبيعية، إذ واجهت الأندية والاتحادات الرياضية تحديات كبيرة، من تدمير المنشآت الرياضية إلى هجرة المواهب وقلة الدعم المالي الذي أثر كثيراً على واقع الرياضة وخاصةً كرة القدم. ومع بداية مرحلة التعافي، بات من الضروري التركيز على سبل النهوض بالرياضة السورية وإعادتها إلى مسارها الصحيح، لتعود الملاعب وتمتلئ بالجماهير السورية والعربية، والعمل على مشاريع تعود بالفائدة على كل الأندية السورية أيضاً فنياً واقتصادياً.
تعرضت البنية التحتية إلى الإهمال بنسبة كبيرة جداً، فبعد الدمار الذي تعرضت له ملاعب كرة القدم وصالات كرة السلة والرياضات الأخرى، أصبح من الصعب إيجاد أماكن لإقامة المعسكرات التدريبية ونقص حاد في الأماكن المناسبة لإقامة المباريات أيضاً، فبعض الأندية اضطرت إلى نقل نشاطاتها الرياضية إلى أمكان بعيدة عن مدنها مثل نادي الفتوة السوري، الذي اضطر إلى نقل نشاطه الرياضي إلى العاصمة دمشق بعد الضرر الكبير الذي حل على ملعبه في مدينة ديرالزور شرق سوريا، إلى أن تمكن هذا العام قبل سقوط نظام الأسد بأشهر قليلة من العودة إلى متابعة نشاطه في مدينة دير الزور بعد إعادة تأهيل ملعبه.
كما أثرت الأوضاع الاقتصادية والسياسية في العقد السابق على العديد من الكفاءات الرياضية من لاعبين ومدربين، حيث اضطر الكثير منهم للهجرة إلى الخارج بحثاً عن فرص أفضل. وهذا الأمر أدى إلى فقدان الرياضة السورية أسماء بارزة في مختلف الألعاب، مما انعكس سلباً على تطور المستوى الرياضي في البلاد.
وتعاني الرياضة السورية حالياً إلى نقص كبير في التمويل، حيث تراجع التمويل الحكومي لمعظم الاتحادات الرياضية في البلاد وخاصةً اتحادي كرة القدم والسلة، حيث يعتمد معظم الدعم على التمويل الحكومي، في ظل غياب الاستثمارات الخاصة والرعاية من الشركات الكبرى، مما يؤثر على جودة التدريبات والمشاركات الخارجية للفرق والمنتخبات الوطنية أيضاً.
وبسبب الأوضاع السياسية والعقوبات المفروضة، واجهت الفرق والمنتخبات السورية صعوبة في المشاركة في البطولات الدولية، مما أدى إلى تراجع مستوى التنافسية مقارنة بالدول الأخرى. كما أن قلة الاحتكاك مع الفرق الخارجية أثرت على تطور اللاعبين فنياً وبدنياً، لذلك تحتاج الرياضة السورية إلى خطط طويلة الأمد لتطويرها، حيث أن معظم الجهود الحالية تعتمد على حلول مؤقتة دون رؤية استراتيجية واضحة تضمن إعادة تأهيل القطاع الرياضي بشكل مستدام.
اقرأ أيضاً: بين نظام قديم وآخر جديد: ما الذي يحتاجه المنتخب السوري لتحقيق آماله!
الأولوية يجب أن تكون لإعادة تأهيل البنية التحتية من جديد بشكل كامل، سواء من خلال دعم حكومي أو عبر شراكات مع القطاع الخاص. كما يمكن الاستفادة من المنظمات الرياضية الدولية التي قد تساهم في دعم مشاريع إعادة الإعمار، كما يجب توفير بيئة رياضية مناسبة للرياضيين الشباب عبر تقديم منح دراسية وبرامج تدريب متطورة تحفزهم على البقاء والمساهمة في تطوير الرياضة السورية، بدلاً من البحث عن فرص خارجية.
ويجب العمل أيضاً على جذب شركات القطاع الخاص للاستثمار بالرياضة السورية عبر الحوافز وإطلاق الإعفاءات الرياضية المناسبة، وحملات تسويقية لجعل الرياضة السورية أكثر جاذبية للمعلنين والرعاة من كل دول العالم ودول الجوار أيضاً، كما يجب العمل على إعادة تعزيز العلاقات مع الاتحادات الرياضية الإقليمية والدولية لتبادل الخبرات بشكل مكثف وواسع، من أجل تأمين فرص مشاركة أكبر للفرق السورية في البطولات الخارجية، مما يساعد على تحسين مستوى اللاعبين وزيادة الخبرة التنافسية.
الخطوة الرئيسية لإيجاد الحلول هي وضع خطة رئيسية تتناسب مع الوضع الحالي، تشمل إعادة تأهيل المنشآت، ودعم الأندية والاتحادات، وتطوير قطاع الناشئين. كما يجب تحسين جودة التدريب من خلال استقدام مدربين أجانب ونقل الخبرات الحديثة إلى الداخل السوري أيضاً.
اقرا أيضاً: تحضيرات المنتخب السوري لكأس آسيا تحت 20 عاماً في الصين