وسط تحولات دراماتيكية في المشهد السياسي السوري، يستعد الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوة حاسمة من شأنها إعادة رسم خريطة العلاقات الدولية في المنطقة، فوفقاً لمصادر دبلوماسية، تعتزم بروكسل تعليق العقوبات المفروضة على قطاعات حيوية في سوريا، تشمل المصارف والطاقة والنقل ابتداء من يوم الإثنين القادم، وذلك في خطوة يُنظر إليها على أنها محاولة لدعم جهود إعادة الإعمار في بلد أنهكته الحرب الطويلة.
ويأتي الموقف الأوروبي الجديد استجابةً لمطالب الحكومة السورية التي تسعى لإزالة العقوبات التي فرضها الغرب على نظام الأسد، إلا أن هذه الخطوة لم تكن سهلة، إذ شهدت نقاشات مستفيضة بين العواصم الأوروبية، توصل فيها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لاتفاق أولي، يمهّد الطريق لتعليق العقوبات على بعض القطاعات الأساسية، ومن المنتظر أن يتم التصديق الرسمي على القرار في اجتماع مرتقب ببروكسل.
ورغم هذا الانفتاح، فإن المسؤولين الأوروبيين لا يزالون يحتفظون بإمكانية إعادة فرض القيود في حال تراجعت القيادة السورية الجديدة عن التزاماتها بالتحول الديمقراطي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تبدو التحديات كبيرة، إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن سوريا ستحتاج عقوداً طويلة قبل أن تستعيد مستوى النمو الذي كانت عليه قبل الحرب، ما يجعل المساعدات الدولية عاملاً حاسماً في إعادة بناء ما دمرته السنوات الماضية.
اقرأ أيضاً: مؤتمر باريس: قرار هام لدعم سوريا ورفع العقوبات عنها
وفي محاولة لإيجاد أرضية مشتركة بين الشروط الغربية واحتياجات السوريين، أكد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، أن تشكيل حكومة سورية ذات طابع شامل بحلول شهر آذار المقبل قد يفتح الباب أمام رفع العقوبات الغربية وتسهيل عمليات إعادة الإعمار، وهو ما يتناغم مع جدية الحكومة السورية في إرساء دعائم نظام سياسي منفتح، يراعي التنوع المجتمعي ويلبي تطلعات السوريين.
وكانت الولايات المتحدة قد سبقت أوروبا بخطوة مماثلة، إذ منحت إعفاءً مؤقتاً لمدة ستة أشهر يسمح بتنفيذ بعض المعاملات المالية مع المؤسسات الرسمية السورية، بهدف تسهيل عمليات الإغاثة ودعم قطاع الطاقة.
ومن جانبه، أبدى الاتحاد الأوروبي استعداداً مماثلاً لرفع العقوبات، لكنه شدد على ضرورة ضمان عدم انتهاك حقوق الإنسان، وضمان تشكيل حكومة تمثل جميع أطياف المجتمع السوري.
اقرأ أيضاً: بريطانيا تعدل نظام العقوبات المفروضة على سوريا